الوزراء في الكويت نوعان، معين ومنتخب، ولكن لدينا نوع ثالث من الوزراء اكثر تأثيرا من النوعين الرسميين بل وأعمق، وأعني الوزير غير المعين، ذلك الشخص الذي يهتم بجانب اجتماعي او ثقافي او بيئي معين ويبدع فيه ويقدم في مجاله الذي يتخصص به اكثر مما يقدم الوزير الحكومي الرسمي والمكلف بحقيبة وزارية قائمة. بل ان النوع الثالث من الوزراء يستحدث حقيبة وزارية غير موجودة في التشكيل الحكومي المعروف ويقوم بتأسيسها وتأسيس هيكلية خاصة بها وتعمل وتؤدي دورها كما الوزارات القائمة المعروفة.
***
ومن النوع الثالث من الوزراء غير المعينين الذين أتحدث عنهم وهو ما يمكن ان يستحق وبجدارة حمل لقب وزير الثقافة الكويتي رغم انه منصب غير موجود في الهيكلية الوزارية المعتادة الأديب والشاعر عبدالعزيز سعود البابطين الذي يستحق هذا المنصب «غير الموجود سياسيا» وان كان قد استحقه ثقافيا وعن جدارة.
***
هل من مبالغة ان قلت انه وزير غير متوج؟! ابدا، على الإطلاق، فالرجل أسس منظومة ثقافية متكاملة قائمة توازي وتساوي منظومات وزارية موجودة، فقد أسس جائزة عربية عابرة للحدود، كما انشأ مكتبة متخصصة في الأدب والشعر وجمع الوثائق، واطلق ايضا قناتين فضائيتين «غير ربحيتين» الهدف منهما خدمة الثقافة، وقام بطبع معجم شعري هو الأول من نوعه في العالم، كما انه أصدر مجلة متخصصة في الشأن الثقافي، وجميعها مشاريع ثقافية غير ربحية.
***
حسنا، الا تشكل كل تلك الأشياء التي ذكرتها هيكلية وزارة ثقافة حقيقية قائمة وفاعلة وعاملة حتى وان لم تكن تتبع جهة حكومية رسمية، بلى والله انها وزارة ثقافة قائمة، أنشأها وأطلق أعمالها داخل الكويت وخارجها الأديب الشاعر عبدالعزيز البابطين، أفلا يستحق ان يكون وزير الثقافة الكويتي؟!
***
وعندما اقول ان المشاريع التي يطلقها البابطين «غير ربحية» وهو التاجر، فهذا يعني الكثير، بل ويدل على شيء مهم جدا، هو ان الرجل وكأنه يقدم كل مشاريعه الأدبية كوقف ثقافي لجميع الناس ينشر خلالها رسالة ادبية عامة وشاملة، في وقت توقفت فيه الحكومات العربية عن الاهتمام بالأدب والثقافة ونشرها كما يليق بها.
***
والمال كما نقول بالكويتي: «عديل الروح»، وعندما يأتي تاجر ويدفع بجزء من روحه دون انتظار مردود مادي أو دون البحث عن أي مقابل من أي نوع، فهو يعلن رسميا بل ومنطقيا انه يعيد للبلد ولسكان بلده شيئا من حقهم عليه، وهذا ما فعله بأن جعل الكويت منبرا ثقافيا عربيا متفاعلا، فلا يوجد أديب او روائي أو شاعر أو قاص عربي اليوم إلا وينظر إلى الكويت عبر بوابة مؤسسته التي تحمل اسمه ويحرص كل الحرص في أي فعالية تقيمها مؤسسته أن يسبق اسم بلده الكويت اسمه ويقيم كل الفعاليات باسم الكويت.
***
بالمناسبة، ومما عرفت أن بوسعود يرفض تماما أي إعلانات تجارية في أي من قناتي «البابطين» أو «البوادي» فقط حتى لا يقال انه يسعى لأي شكل من أشكال الربح عبر قناتيه، والتي كما يظهر مما يقدم فيهما من مواد أنهما لخدمة الناس وليس التكسب.
***
توضيح الواضح: عندما ثارت ثائرة الساسة على قضية وقف البابطين قبل سنوات والذي تنازل عنه الرجل درءا لشبهة اتهام غير صحيحة، لم يتنبه أولئك الساسة إلى ان عبدالعزيز البابطين بكل المشاريع التي يدفع عليها من حر ماله ويدعمها قد خدمت الكويت اكثر مما خدموها عشرات المرات، وقدم لبلده ثقافيا ما لم تقدم الحكومة بكبرها.
[email protected]