لم يكن الراحل طلال العيار سياسيا عاديا، بل كان استثناء لكل القواعد التي بنيت عليها السياسة الكويتية، فكان حكوميا فقط فيما يصب في مصلحة المواطنين ومعارضا عندما تكون المعارضة من اجل الشعب، ومع هذا كان يحسب في الغالب في معسكر الحكوميين، ولكن أيا من المعارضين لم يكن يمسه بكلمة انتقاد واحدة، حتى عندما تولى الحقيبة الوزارية انصبت الانتقادات على قراراته لا على شخصه، رغم أن قواعد اللعبة السياسية تفرض على المنتقدين ان ينالوا من قرارات الوزير وشخصه بذات الدرجة، إلا أن العيار رحمه الله لم ينل شخصه أي انتقاد، فحتى لو انتقده النواب أو الإعلاميون كانوا لا يقللون أبدا من احترامهم له، بل ان أيا منهم لم يخف إعلان احترامه للعيار، وكما ذكرت كان العيار حالة استثنائية لكل قواعد اللعبة السياسية.
***
منذ خوضه غمار المعترك السياسي كان دائما ما يحصل على المركز الأول، منذ العام 1992 وحتى 2006 وهو علامة فارقة في كل انتخابات، وأسس وترأس كتلة المستقلين في المجلس وكان علامة فارقة في المجلس أيضا وكما ذكرت كان يقف من موقعه كمستقل مع الشعب معارضا للحكومة فيما يصب بمصلحة الناس وحكوميا اذا ما اقتضى الأمر لمصلحتهم أيضا، كان بحق نائبا وطنيا لم يذكر إلا بخير في كل موقف سياسي اتخذه أو وقفه أو سانده.
***
واليوم في ظل التجاذبات السياسية الضبابية نحن أحوج ما نكون الى نواب يتحلون بكاريزما وأسلوب الراحل طلال العيار في المجلس، فكتلة المستقلين التي كان يترأسها بالمجلس أشبه ما تكون بالطبقة الوسطى في المجتمع من حيث أهميتها وتأثيرها وقدرتها على حفظ توازن الأمور، نحن بحاجة الى الاخلاقيات السياسية التي كان يتمتع بها الراحل طلال العيار، فبسبب فقدان الاتزان أصبنا بحالة من الضبابية التي أصبحنا معها لا نعرف أين يفترض بنا ان نقف او من نصدق.
***
الراحل طلال العيار وعلى مدار 14 عاما من العمل البرلماني وضع أسسا لاستقلالية العمل النيابي التي أرى أننا افتقدناها خلال المجالس الاخيرة السابقة.
***
تذكرت الراحل طلال العيار رغم مرور نحو 9 سنوات على رحيله لكون المشهد السياسي بحاجة الى نواب على شاكلته، رحم الله طلال العيار وأسكنه فسيح جناته وجعل قبره روضة من رياض الجنة.
***
توضيح الواضح: اذا ما أراد شخص الانصاف في رسم صورة واضحة لعمل الراحل طلال العيار فعليه بسؤال الزملاء الصحافيين البرلمانيين الذين عاصروه طوال فترة نيابته على مدار 14 عاما وسيخبرونكم بأكثر بكثير مما ذكرت في سطوري هذه.
[email protected]