مع كامل احترامي للنواب المستجوبين فلديهم خلط واضح في الأوراق فهم يريدون أن يفعلوا من جهتهم الأدوات الدستورية التي بأيديهم ولكنهم على ذات الطرف لا يريدون للحكومة أن تستخدم ما هو متاح لها دستوريا، فينما هم يقدمون استجوابهم وينطلقون بآلية دعائية إعلامية وندوات لحشد التأييد لاستجوابهم يستكثرون على الحكومة أن تطلب عقد جلسة سرية وهو طلب من حقها أن تطلبه وتعرضه للتصويت على المجلس، ويمكننا أن نقول ان الحكومة هربت من المواجهة العلنية إلى السرية، ولكنه هروب دستوري لا يمكننا الطعن به ولا بقراره، قد نرفضه من واقع أننا نريد أن نعرف الحقيقة فقط، ولكننا لا يمكننا منعها من اتخاذ طريق السرية، حتى ولو أرادت أن تضربه في الاستجوابات الأربعة فهذا من حقها ما دامت قادرة على جمع ما يكفي من الأصوات لتأييد الجلسة السرية والكل يعرف أن الحكومة تملك الأصوات الكافية بل وأكثر من الكافية. ولكون الحكومة تملك أغلبية نيابية يمكن أن تساندها وبفاعلية في أي تصويت آخر فهذا يعني أمرا هاما هو أن الحكومة وبهذه الأغلبية النيابية الأريحية لن ترفع كتاب عدم تعاون مع المجلس حتى ولو قدم 10 استجوابات و9999 سؤالا برلمانيا ومعها 7000 ندوة تشهير، فأي حكومة هي التي ستفرط بمجلس بلغت الموالاة في بعض أعضائه أن تبرعوا مشكورين بتحولهم إلى محامين «تحت التمرين» في أروقة الحكومة.
كلمنجية الحكومة من النواب في هذا المجلس يتحدثون في ساعة واحدة أكثر مما تتحدث به الحكومة في عام كامل، والطريف في الموضوع أن أحدا من الشعب لا يصدق أيا من دفاعاتهم عن الحكومة حتى وإن وصلوا الليل بالنهار شكرا في مقام الحكومة، ليس لأننا نكره الحكومة بل لأننا نستغرب أن يتحول من منحه الشعب أصواته يتحول إلى «شيء حكومي أكثر من الحكومة».
أن تكون نائبا حكوميا فهذا شأنك سواء لأنك مقتنع أو أنك تكره المعارضة ورموزها أو أن لديك موقفا سابقا من أحد المستجوبين، أما أن تحول تصريحاتك إلى ما يشبه قصائد المدح على باب الخلفاء فهذا ما لا يمكن فهمه.
نواب الحكومة كشفوا أنفسهم خلال الاستعداد للاستجوابات الأربعة، والموالون لكل طرف سواء من داخل الحكومة أو من خارجها أيضا كشفوا أنفسهم بتصريحاتهم سواء الضد أو المع.
وإن كانت للاستجوابات الأربعة منفعة فهي أنها كشفت أوراق الجميع سياسيا، فإذا أردت أن تعرف مَن مع مَنْ ومَنْ يحتمل أن يقبض مِن مَن فعليك أن تتابع ما حصل خلال الأربعة عشر يوما الأخيرة وستعرف «مين تبع مين؟».
ويبقى السؤال الذي سيبقى معلقا حتى تتساقط كامل أوراق التوت عن الجميع وهو «من مع الوطن؟!».
[email protected]