كل التوقعات حول مشروع خفض سن التقاعد الذي تقدم به وتبناه النائب علي الدقباسي كانت كلها تذهب باتجاه منطقي، وهو أن مشروعه الحيوي الشعبي الطابع والمصلحة سيدرج في اقرب جلسة ممكنة لمجلس الأمة وانه سيمر بمداولتين ويحوز على الأغلبية، وبعدها يحال إلى الحكومة التي يتوقع الجميع أنها سترد مشروع القانون بسبب «كلفته المالية العالية جدا» كما ستدعي، وكنت ممن ذهب في هذا الاتجاه من ان المشروع سيمر في المجلس وسترده الحكومة كما ردت غيره، ولكن لم يكن يتوقع احد ان اللجنة المالية هي التي ستقوم بسحب المشروع بعذر «من اجل مزيد من الدراسة»، وكان قرارا مفاجئا اذ ان احدا لم يتوقع ان مشروع القانون الذي كان يفترض ان يعرض في أولى جلسات المجلس بدور الانعقاد الحالي سيتم تأجيله بسبب الاستجواب الذي قدم للشيخ محمد العبدالله ثم بسبب استقالة الحكومة التي وبسبب طول فترة تشكيلها تأخر عرض هذا المشروع لأكثر من شهرين ونصف، وللأسف وعندما اقترب موعد عرضه للنقاش والتصويت سحبته اللجنة المالية البرلمانية في حركة مفاجئة كنا ننتظرها من الحكومة لا من المجلس أو من لجنته.
> > >
حركة «طعنة بروتس» النيابية التي أقدمت عليها اللجنة مستغربة جدا، بل انها يمكن ان تعتبر سابقة في ان تقف لجنة برلمانية موقف المدافع عن موقف الحكومة الرافض للقانون، وكأن النواب وقفوا يدافعون عن مرمى الحكومة.
> > >
نعم، سابقة برلمانية في ان تقف لجنة برلمانية في وجه مشروع شعبي، نختلف او نتفق على اثار او تداعيات الجوانب الاقتصادية للمشروع، الا اننا نستغرب ان يقوم البرلمان بأن يكون خصما وحكما ضد نفسه ونوابه وضد قرار يتعلق بأهم شريحة من الشعب وهم الموظفون.
> > >
لا يمكن بأي حال من الأحوال ان نقبل بأن يكون المجلس في جزء من قراراته والتي تخرج من مطبخه «لجانه» ان يكون متوافقا مع القرارات الحكومية بهذه الطريقة المكشوفة جدا، نرفض ان يكون المجلس شعبيا في خارجه وهو في الداخل في مطبخه التشريعي حكومي الطابع والهوى والقرارات.
في الحقيقة يجب ان نكون واضحين وان يوجه النواب أصحاب القوانين الشعبية والإصلاحية رسالة الى الحكومة من ان ترفع يدها عن التدخل في اي من قرارات المجلس، نعلم انها تتدخل احيانا وبشكل سياسي وهذا شيء طبيعي وجزء من العملية السياسية، ولكن ان تتدخل بهذا الشكل الواضح الفاضح الجلي، فأعتقد انه من واجب النواب بل انه عليهم توجبه رسالة واضحة للحكومة او اي طرف حكومي تحذره من مغبة التدخل في اي من مسار مشاريع القوانين أيا كانت.
> > >
الصحيح والمنطقي انه لا يجوز لـ «المعين» ان يتدخل بعمل «المنتخب»، وهذا الأمر بديهي، ولكن ما يحدث هو الكعس، اما مسألة كيف تمكنت الحكومة من هذا فاعتقد انه لا يخفى على أحد.
> > >
سحب اللجنة لقرارها هو الأسلم، والأحوط هو أن يحرص المجلس بكامل نوابه على ان تقوم اللجنة بسحب قرارها ووضع مشروع القانون برمته للتصويت وذلك من اجل ان يرفع المجلس عن نفسه عامة وعن لجانه خاصة تهمة التدخلات الحكومية التي باتت مع مجلس 2016 اكثر وضوحا من أي مجلس سابق في تاريخنا البرلماني.
> > >
من هذا المنطلق لا يسعنا إلا ان نقول شكرا لمجلس 2016 على شفافيته المطلقة، وإذا استمر على ما هو عليه من أداء فسيكون المجلس الأقل إنجازا ليس في تاريخ الكويت بل في تاريخ الكرة الأرضية كلها، فهو موجود و«مش موجود».
> > >
الحقيقة أن مجلس 2016 لم يعلن حضوره بعد.
[email protected]