عندما تريد ان تهدم شيئا قائما أيا كان هذا الشيء: مبنى تراثيا او شركة حكومية او شخصية سياسية او حتى حزبا سياسيا، كل ما عليك ان تفعله هو تبدأ بحملة تشويه اعلامية منظمة ضده وان تركز على ما يمكن اعتبارها سلبيات فيه وتبرزها وتنشرها بين الناس، وهذا يعرف ببساطة باسم «شيطنة الأشياء».
***
ايا كان ذلك الشيء الذي تريد تحطيمه سواء كان شخصية اعتبارية أو سياسية أو عامة أو ثقافية أو مبنى أو حتى مؤسسة عامة قائمة، قم بتركيز نشر سلبيات ذلك الشيء بين الناس واستخدم كل منبر اعلامي متاح أمامك لإشاعة المساوئ، وخلال فترة زمنية تطول أو تقصر سيسقط ذلك الشيء من أعين الناس وعندما تأتي لتهدمه «إن كان مبنى أثريا» أو تقوم ببيعه «ان كان شركة حكومية» أو إقالته «إن كان قياديا» أو ضربه «إن كان تيارا سياسيا» فسيكون الناس إلى صفك كونهم سيرون أن ما تسقطه وما تبيعه او تهدمه او تصفيه هو شيطان، وجوده يؤذيهم ويشوه منطقتهم او بلدهم، ورحيله ضرورة، بعد ان تكون قد زرعت في اذهانهم شيطنة ذلك الشيء، وجعلتهم يقتنعون بضرره على الأمة.
***
هذا الأمر يمكن استخدامه ضمن جميع المجالات الاقتصادية والسياسية والرياضية والثقافية.
اعني ببساطة قم بتشويه اي شيء وسيكرهه الناس ويتركونه تحت رحمة السقوط سواء بيدك او بيد غيرك، لا يهم، بعد ان تخلوا عنه او حتى تخلوا عن فكرة التعاطف معه.
***
سياسيا هذا الأمر يتم الآن أمامنا، فقبل كل استجواب نجد حملات تشويه متعمدة ضد وزراء او مسؤولين قياديين واغلب حملات التشويه تأتي بكلام مرسل بلا ادلة، وتعودنا على هذا الأمر بل انه جزء «اعلامي» من كل استجواب او صراع سياسي محلي لدينا.
***
عامة، مع الأسف الشديد أن سياسة شيطنة التيارات والأحزاب بل وحتى الشخصيات السياسية تتم بشكل ممنهج غريب، وآخر البدع هي استمرار حملات تشويه سياسية منظمة ضد وزراء خرجوا من الحكومة دون أدنى مبرر وبجمل وكلمات أدنى ما يمكن أن توصف به أنها شخصانية انتقامية. فوزيران خرجا من الحكومة الماضية الأول بالاستقالة طوعا وأعني الشيخ سلمان الحمود والثاني هو الشيخ محمد العبدالله الذي خرج بعد استقالة الحكومة الأخيرة، ومما يبدو فإن هناك تركيزا إعلاميا سياسيا ممنهجا على ملاحقتهما حتى بعد تركهما الجمل بما حمل، رغم انهما قياسا على أداء الوزراء من افضل الوزراء في مجاليهما، ورغم أن استجوابيهما لم يكن فيه طعنا في ذمتيهما المالية بل ملاحظات كان يمكن أن تحل بتوصيات، ناهيك عن عدم شبهة دستورية في عدد من محاور استجوابهما، ولكنها السياسة تقبل بها أو ترفض تبقى هذه حالتها.
***
ولكن حملات الاستهداف السياسية هذه ومما يبدو ويتضح أنها تستهدف الوزراء من أبناء الأسرة الحاكمة، بل إنها تستهدف جناحا محددا من أبناء الأسرة الحاكمة، وبطبيعة الحال قبلنا الأمر أو رفضناه يبقى جزءا من الحراك السياسي الذي نتمنى أن ينتهي قريبا، لأنه حراك أو بالأصح صراع سياسي يستهلك كثيرا من وقتنا الديموقراطي ويعطل كثيرا من المشاريع التي ننتظر أن تقر وتمر، ليس في القصد دفاعا عن الوزراء من أبناء الأسرة فهم بالنهاية موظفون سياسيون تنفيذيون في الدولة ولكن ليس بهذه الطريقة الإعلامية المستمرة والمركزة.
[email protected]