بما أنك قبلت، وعبر أي وسيلة إعلامية، نشر محتوى خاص فيك وقدمته إلى الجمهور سواء كان ما تعرضه صورة أو فيديو أو مقطعا صوتيا أو نصا مكتوبا عبر وسائل التواصل الاجتماعي فهنا أنت ترتكب فعلا يسمى إعلاميا بـ «العرض العام» وبهذا انت تعترف اعترافا انك كسرت حاجز الخصوصية، وقدمت نفسك للعامة وهنا بما انك قدمت «عرضا عاما» بهذه الطريقة فكأنما تقر إقرارا منك بأن خصوصيتي قد انتهت في العمل الذي قدمته سواء صورة أو مقطع فيديو أو رأيا مسجلا أو مكتوبا في تويتر أو سناب شات أو انستغرام أو فيسبوك، العرض العام هنا انت تتيح بموجبه ان تكون تحت سلطة حكم الجمهور لنقدم ما تقدمه سواء بالسلب أو الإيجاب، بالترحيب أو الاستهجان أو حتى الانتقاد الحاد لك ولما تقدمه.
> > >
حتى أكون أكثر وضوحا، الفيلم السينمائي يعتبر «عرضا عاما» وكذلك البرامج التلفزيونية والمسلسلات والأفلام السينمائية كلها تندرج تحت مفهوم «العرض العام» كونها خرجت من الخصوصية الى العلن وتقدم للجمهور كمادة، ومعها يأتي حق جمهور في النقد أيا كان شكل أو حدة هذا الانتقاد، وليس من حق الممثل في الفيلم أو المسرحية أو المسلسل ان يبدأ بمقاضاة الجمهور الذي استهجن عمله أو رفضه أو حتى هاجمه، لأنه وبخروجه بـ «عرض عام» للجمهور وضع نفسه تحت سلطة هذا الجمهور، ومعها يندرج أيضا ما ينشر في وسائل التواصل من المستخدمين العاديين مع فارق الكيفية طبعا والوسائل، فأنت بمجرد قبولك أن تطرح نفسك أو رأيك بتغريدة أو مقطع فيديو أو صورة وحسابك «متاح للجميع» فتحمّل «ما يجيك» كونك ارتكبت ما يسمى بالعرض العام للجمهور.
> > >
رأيك الشخصي الخاص يكون في دائرة ضيقة بين أصدقائك أو زملائك في العمل أو أفراد عائلة أو رواد الديوانية، اما ان تخرج بحسابك المفتوح للعامة في تويتر وإنستغرام وغيرهما فأنت هنا خرجت من دائرة العرض الخاص الى دائرة العرض العام، بقصد منك، لأنك قمت ببثه بكامل قواك العقلية في فضاء الانترنت اللامتناهي ولا تعلم من يتلقفه أو من يعيد نشره ومن سيعلق عليه.
فعندما تعرض عرضا عاما للجمهور عليك ان تتحمل كل ما يأتيك من الجمهور، وهذا الكلام لا ينسحب على الأفراد العاديين من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي بل ينسحب بشكل أدق على الساسة سواء كانوا وزراء ومسؤولين حكوميين أو نواب أو حتى سياسيين سابقين، وكل ما يقوله هؤلاء من النخبة من آراء وتصريحات أو مقترحات أو حتى آراء في الصحف أو القنوات أو وسائل التواصل هو ارتكاب فعل «عرض عام»، وللأسف ان هذا الأمر لا يعيه الساسة من هؤلاء النخب السياسية، فيتخمون «الرايح والجاي» بالقضايا اذا ما انتقدوهم، رغم ان القاعدة الإعلامية ترى عكس ذلك.
> > >
أتمنى من المشرّعين إعادة النظر في قوانين النشر الإلكتروني والجرائم الإلكترونية وفق هذا المفهوم، فلا يعقل تزايد القضايا وفق هذين القانونين الى درجة ستجعل خلال سنوات قليلة نصف الشعب.. سوابق.
[email protected]