مما لا شك فيه أن الاستجوابات الثلاثة الأخيرة رسمت وبشكل قاطع ونهائي شكل التوازنات السياسية داخل وخارج مجلس الأمة، وتبين للجميع الخيط الأبيض من الأسود في مشهدنا السياسي المحلي الذي ظل ولأكثر من عامين يعاني من ضبابية في الرؤية وتحديد مسارات التيارات والأعضاء بين موالين ومعارضين ومستقلين.
****
وما كشفته الاستجوابات الثلاثة الأخيرة أن المجلس برمته غير قادر على أداء مهامه الرقابية بشكل مستقل، فالقرارات سواء تأييد أو رفض الاستجوابات كانت رهنا بحسابات انتخابية سياسية تمنع أي نائب من أداء دوره النقابي بشكل صحيح يؤدي الغرض المنشود.
****
ودون الدخول في تفاصيل ما شهدته جلسة الاستجوابات الثلاثة، فالواضح وضوح الشمس في رابعة النهار أن المجلس الحالي غير قادر على أداء دوره الرقابي المناط به، بل وغير قادر بأي شكل من الأشكال على التأثير على أداء أي وزير في الحكومة، بل - وأزيد من الشعر بيتا - لم يعد للمجلس الحالي أصلا أداة رقابية «عليها القيمة» يمكن أن يلوح بها في وجه الحكومة.
****
هنا لا يمكن القول إن المجلس في جيب الحكومة أو بيدها، بل الحقيقة أن المجلس وبالظروف الحالية وبالتوازنات السياسية في داخله ومن خارجه لا تساعده على أداء دوره الرقابي، بل إن تلك الظروف المتشابكة والمصالح المتضاربة تمنع أي نائب من أداء دوره بشكل صحيح سليم وفق الدستور أو حتى وفق العمل البرلماني العادي، فنحن الآن أمام مجلس فاقد لأداته الرقابية، بل انه فاقد لبوصلته.
****
أما تشريعيا، فعدا إقرار المجلس لتعديل قانون التقاعد الذي تصدى له النائب علي الدقباسي فلم يكن هناك أداء تشريعي حقيقي يذكر للمجلس الحالي الذي سيتم عامه الثاني قريبا، ما يجعل أصغر ناخب يتساءل «سنتين شقاعدين تسوون؟!».
****
إذن لدينا مجلس برلماني منتخب، لا هو فاعل رقابيا، ولا ناجح تشريعيا عدا في قانون واحد، فلماذا يبقى أصلا؟!، ولماذا نعوّل عليه؟! وما الذي نرجوه منه.
****
المعادلة سهلة وبسيطة للغاية، لو أن المجلس كان فاعلا في دوره الرقابي لأصبح بالتالي ناجحا في دوره التشريعي، ولكنه لا بهذه ولا بتلك، فماذا نرجو منه؟!، بل إن مطالبات الشعب برحيله مستحقة، والنواب قبل غيرهم يعلمون ويعون هذا جيدا.
****
القراءة الواقعية للمجلس الحالي أنه مجرد مجلس عبور سياسي، وسيرحل بهدوء شديد جدا، وربما يرحل بشكل مفاجئ، هو في النهاية سيرحل قبل أوانه أو بعد انقضاء مدته، ولكنه تاريخيا سيذكر أنه مجلس الوقت الضائع سياسيا، والنواب قبل غيرهم يعون هذا الأمر جيدا.
****
توضيح الواضح: رحيل المجلس الحالي سيكون بوقع أسرع من ولادته.
[email protected]