بالصدفة استمعت لأغنية «flashlight» للمطربة الأميركية چيسي چي، والترجمة الحرفية بالعامية الكويتية لاسم الأغنية هي: «تريك»، وبالفصحى: «مصباح اليد» او«المصباح اليدوي» ولو ان مطربا كويتيا او خليجيا قام بغناء أغنية عن «التريك» لأصبح موضوع هاشتاق سخرية من هنا حتى كازابلانكا، ولكن ولأن الأغنية من طرف «كفار» فحققت نصف مليار مشاهدة بل وكانت أغنية لفيلم «pitch perfect» الناجح جماهيريا.
> > >
الأغنية الوحيدة في تاريخنا الغنائي عن التريك هي أغنية المطرب البحريني الراحل محمد زويد وتقول كلماتها: «من عنده تريك وارقص وياه» ومنذ ان انطلقت لا احد يعرف سر كلماتها ولا معناها الدقيق، ولو ان أحدا غير ملك الأصوات الراحل محمد زويد قام بغنائها لما سمع عنها احد.
> > >
الذائقة هنا والثقافة تحكم تشكيل حالة القبول لدى المتلقي، فما يصلح في أميركا لا يصلح في الصين وما يضحك الصينيين لا يضحكنا وما يثير دهشة التشاديين لا يثير دهشتنا، فلكل بلد ثقافته وخصوصيته التي منها يبني حكمه على الأشياء وقبوله او رفضه لها.
> > >
لدينا في الكويت مثلا شكل سياسي لا يشبه اي شكل سياسي اعرفه او قرأت عنه، فمشهدنا السياسي لديه خصوصية بنكهة كويتية خالصة، فالمعارضة لدينا تختلف اختلافا كليا عن الدلالة الاصطلاحية لتعريف المعارضة وفق كتب علم السياسة بل تختلف عن تعريفها بين بقية دول العالم، لذا المعارضة لدينا هي مجرد شكل اعتراضي على حالة عامة، وليست معارضة تسعى للسيطرة على مفاصل للنفوذ «وليس بالضرورة الوصول الى رأس السلطة التنفيذية» بل انها لا تمتلك اصلا الأدوات التي تمكنها من هذا، و«معارضتنا» وصلت الى أوج انجازاتها السياسية في المجلس المبطل الأول بوصول ما عرف بـ «الأغلبية» والتي ثبت لاحقا انها أغلبية جمعتها تحالفات مؤقتة لظروف لن تتكرر أبدا بل كانت اقرب الى الصدفة السياسية العجيبة، وانتهت منذ 6 سنوات ولم تعد ابدا.
> > >
تبقى المعارضة الشكلية الحالية بشقيها الأولى تحت البرلمان والثانية خارج البرلمان، وللأسف ان معارضتي الداخل والخارج أي منها لا يملك مشروعا سياسيا واضح المعالم، بل انها لا تملك مشروعا سياسيا اصلا، وكل تحركاتها تقوم في إطارين فقط الأول عبر الوسائل الإعلانية للتعبير عن رفض حالة معينة «وذلك اسلوب معارضة خارج البرلمان»، والثانية عبر البرلمان بالأسئلة او الاستجوابات وهو أسلوب لا يكتب له النجاح لسيطرة الحكومة المطلقة.
> > >
لذا نحن بحاجة الى شكل جديد من المعارضة يقدم نفسه بمشروع سياسي واضح ينطلق من مطالبات الناس ويأخذ الطابع الشعبي وليس النخبوية السياسية التي يتحدث بها البعض بأسلوب «انا بس افهم سياسة والشعب لازم يسمعني»، وما لم تطرح الأطياف السياسية المعارضة او المعارضة مشروعا حقيقيا فسيبقى الشكل الكويتي للمعارضة الذي لم يسقط وزيرا ولم يجلب فاسدا الى المحاكمة ولم يغير واقعا سياسيا تسيطر عليه التوازنات التابعة لأجنحة الصراع المستمر.
> > >
توضيح الواضح: عندك مشروع سياسي إصلاحي حقيقي... حياك، ما عندك أكرمنا بسكوتك او على الأقل مارس دورك في التوعية السياسية اعلاميا دون استعراض منبري شبعنا منه.
[email protected]