مقولة «أن تعمل وفق ما يمليه عليك ضميرك واضعا نصب عينيك المصلحة العامة للبلد مراعيا الله في كل خطوة تخطوها خلال عملك صغر أم كبر» لم تعد جملة نصيحة ذات قيمة في كثير من الأجهزة الحكومية هذه الأيام، إذا أن هذه الجملة والتي تخص الشرفاء من القياديين دون غيرهم لم تعد ذات فائدة لا لهم ولا للوطن الذين يضعونه نصب أعينهم، وأنصحهم جميعا بأن يجهزوا كتب استقالاتهم قبل أن يقالوا بفعل تنامي قوى الفساد السياسي التي ترفع شعار «حرامي منا وفينا أفضل مليون مرة من شريف محايد».
والمصيبة أن من يرفعون شعار «حرامي منا وفينا» هم من الكتل والتيارات السياسية الأبرز ومن أعضاء مجلس الأمة أنفسهم، هذه المرة الحكومة بريئة في جزئية من الفساد الذي يتحمل أكثر وزره نواب وكتل وتيارات سياسية لا تبدأ بمساومة الحكومة «المسكينة» إلا كلما هبت رياح استجواب أو عاصفة أزمة بين السلطتين ليبدأ بعض نواب الأمة باصطياد المناصب القيادية والإشرافية لربعهم ولربع ربعهم ومن يعز عليهم أو يواليهم سياسيا ولا عزاء للأكفاء الشرفاء سوى أن يتفرجوا على حقوقهم التي تنهشها أنياب الساسة وتمزقها مخالب المصالح.
ومنذ سنوات وقلاع أجهزة الدولة تتساقط تباعا بين أيدي التقاء المصالح السياسية بين الحكومة والنواب، وعلى أي عاقل أن يعمل جرد حساب لجميع الاستجوابات والأزمات التي عصفت بالبلد منذ 1992 وحتى الآن ليعرف عن أي قلاع حكومية أتحدث، حتى عندما وجد أصحاب المصالح من السلطتين أن المناصب التي يمكن أن تتم المساومة عليها قد تقلصت قاموا باستحداث قطاعات ما أنزل الله بها من سلطان ومسميات قيادية لم ترد في أي من كتب علم الإدارة بل لا يمكن العثور عليها حتى ولو بحثنا في أمهات كتب السحر والشعوذة ولكنها السياسة وحربها التي لا تأكل سوى الشرفاء من القياديين الذين يضعون يدا على استقالاتهم ويدا أخرى على الوطن.
[email protected]