لا أحد يعرف على وجه الدقة كيف تدار غالبية الإدارات الحكومية، بل إنه لو قدر لمؤسس علم الإدارة بيتر دروكر أن يعود إلى الحياة ودخل إلى بعض قطاعاتنا الحكومية لخرج بزهايمر مبكر وشلل أطفال وانحراف في القرنية و«مياه بالركبة» وإنفلونزا خنازير و3أوبئة استوائية ولمات قبل أن يكمل يومه الثالث من القهر!
هناك أمور قابلة «للترقيع» و«مبلوعة» من التجاوزات الإدارية في بعض تلك القطاعات ولكن بعضها لا يمكن أن يبلعه حوت أزرق جائع وهو القادر على ابتلاع 46 طنا من الأسماك في اليوم الواحد، وبعضها الآخر لا يمكن أن «يترقع» ولو اجتمع «بنشرجية» الكويت جميعا لـ«رقعه».
كيف لإدارة أن تستقيم ورؤوس هرمها يتشددون في تطبيق خصم على موظف صغير بسيط تأخر 4 دقائق ليدخل خزينة قطاعهم 3 دنانير وربع الدينار قيمة الدقائق الأربعة المخصومة، ويتناسون أو يتغافلون أو قل يغضون الطرف عن سرقات بالملايين يوقعها سكان الطوابق العليا بـ «شخطة» توقيع، وملايين أخرى يتأخرون في تحصيلها من شركات تأخرت في تسليم مشاريع نسمع عنها ولانراها؟!
فمثلا تعلن وزارة الصحة أن موظفي الجهات الحكومية حصلوا على أكثر من مليون و300 ألف «طبية» في عام واحد، وقبل أن يصور المسؤولون في الحكومة أن تلك «الإجازات المرضية» خلل ونوع من أنواع التسيب الوظيفي يجب محاربته متذرعين بأن هذه «المرضيات» تكلف خزانة الدولة الملايين عليهم أن يفتحوا ملفات التجاوزات.
حسنا يا حكومة، إن كانت الإجازات المرضية تكلف خزينة الدولة 20 مليون دينار لـ 32 ألف موظف «مسيكين» فأمر تغييري واحد في مشروع لـ«هامور» واحد يكلف خزينتكم 20 مليون دينار، يعني شخص واحد «يلهف» 20 ألف دينار بأمر تغييري واحد، ولا تستطيعون لا أنتم ولا قياديوكم محاسبته أو ملاحقته ولكن عينكم «حمراء» على المرضى الـ 32 ألفا من موظفيكم.
لا أشجع على «المرضيات» ولكن إذا كانت الحكومة تريد العدالة فلتبدأ بتطبيقها على «الهوامير» فإن لم تستطع فلتتوقف عن ملاحقة الـ 32 ألف «ميده» ولتعفنا من تصريحات مسؤوليها غير المسؤولة وغير المنطقية!
[email protected]