هذا المجلس يستحق وبجدارة ان ينال اللقبين المتضادين المتناقضين تماما، فهو أقوى مجلس على مر تاريخ الحياة النيابية وفي الوقت ذاته الاضعف على الاطلاق، بل يكاد يكون في بعض حالاته اكثر ضعفا من المجلس الوطني سيئ الذكر.
اجبر هذا المجلس الحكومة على الدخول في 4 استجوابات ماراثونية وحقق انجازا بصعود اول رئيس حكومة الى منصة الاستجواب، وألحقه بالنائب الاول، واستجوب وزير الداخلية مرتين في دورة واحدة رافعا بذلك سقف المساءلة السياسية الى اعلى حد وصلت اليه في تاريخها.
وتمكن المجلس الحالي «القوي جدا» من التعاون مع الحكومة لتمرير خطة الـ 37 مليار دينار، بالاضافة الى خلطة قوانين مستحقة، واصطدم بغرفة التجارة وهو ما لم يجرؤ عليه مجلس امة سابق او اسبق.
كل هذه الاشياء تجعله يستحق لقب الاقوى، اما ما يجعله الاضعف، بل والاكثر ضعفا من اي مجلس آخر، انه خسر المعارضة الحقيقية وأصبح يضم بداخله ما يمكن ان نسميه المعارضة المؤقتة او كما لقبها عبدالله بشارة بـ «الموسمية»، فمعظم اعضائه مقسمون على اربع جبهات او بالاصح اربعة أجنحة، وهي الأجنحة السياسية التي ان اختلفت فيما بينها تحول الى مجلس شرس، ولكن ان اتفقت تحول الى حمل وديع لا يخيف حتى «قطوة» حكومية.
باتحاد الاجنحة السياسية الاربعة تمتلك الحكومة اغلبية اريحية في المجلس ويمكنها بالتالي مواجهة اي استجواب وتمرير اي قانون تشاء، وبخروج اي جناح من هذه الاجنحة عن هذا الاتحاد تصبح الحكومة في ورطة وتخرج المعارضة الموسمية من تحت عباءات الاجنحة لتضرب الحكومة بل وتؤيد من يضرب الحكومة.
وسبق ان ذكرت في مقالين سابقين الاسبوع الماضي ان الحكومة لن تواجه استجواب وزير الاعلام ولن تقبل بصعوده الى المنصة الا اذا ضمنت اتحاد الاجنحة بعد ان رفع احدها الغطاء علانية عن وزير الاعلام ليواجه مصيره في استجواب اقل ما يمكن وصفه به انه استجواب «عادي جدا» امام حكومة متحدة واستجواب «خطير جدا» امام حكومة مفككة الاجنحة.
[email protected]