في السنوات الأخيرة أصبح كثير من الناس عندهم شراهة في كسب المال بأي وسيلة كانت لدرجة أنهم اخترعوا طرقا عدة لن تجدها في أي دولة بالعالم بغض النظر طبعا عن مدى فائدتها أو ضررها على الناس، الشيء المهم فقط هو خداعهم وأخذ الأموال من جيوبهم مادام انه لا يوجد من يراقبهم أو يحاسبهم والناس، وإذا شعروا لاحقا بغشهم أو بالضحك عليهم فإنه لن يستطيع المخدوعون استرجاع فلوسهم.
نحن اليوم لن نتطرق إلى الإعلانات التي توضع في الصحف الصغيرة المتخصصة بمثل هذه الأمور ولن نتحدث ايضا عن الاعلانات التي يتم وضعها ولصقها عند إشارات المرور او عند الأسواق المركزية او على ابواب المنازل لأن مثل هذه الاعلانات لا يعرف مكان أصحابها واغلبها تعتمد على الاتصالات وغالبا ما تكون خفية ولا يمكن الوصول إلى مصدرها، ان الموضوع الرئيسي الذي سنتطرق له ليس خفيا بل ظاهر للعيان وينشر في الصحف اليومية من قبل أشخاص يدعون أنهم متخصصون في مثل هذه الأمور وتحديدا من يضعون مثلا إعلان عن دورة مدتها يومان لاحظوا معي المدة ليومين وليست أسبوعين أو شهرين وفي هذه الدورة التي لا تتعدى يومين بالتمام والكمال، ومدتها يومان تعني ساعتين في اليوم الأول وساعتين في اليوم الثاني وانتهت الدورة مقابل 400 أو 500 دينار.
أسألكم بالله، هل هناك علم أو معلومة من الممكن أن يستفيد منها الإنسان في ساعات معدودة؟ والدورة ليست دورة إسعافات أولية مثلا ربما أن الإنسان يستفيد منها وتنفعه في حياته اليومية، الدورة دائما ما تكون في الإدارة يعني في أمور مطاطة وقديمة، وتوضع لها شعارات كيف تتعامل مع مسؤولك في العمل؟ أو كيف تحب عملك؟ وغيرها من عبارات الاستعباط والاستغفال.
والمشكلة أن مثل هذه الدورات والتي من الخطأ أن نطلق عليها اسم دورة تجد صدى لها وهناك من يسجل بها ويدفع المال ويضيع وقته على هذه التفاهات وهذا أمر متوقع لأن الناس ليسوا سواسية هناك العاقل وهناك الواعي وهناك الضعيف أو المغفل وهناك أيضا الإنسان الفاضي الذي لا يعرف أين يذهب أي يعني أن من يضع مثل هذه الدورات يخطط لها جيدا ويضع الإعلانات بشكل مدروس وفي أوقات محددة حتى يحصل على اكبر عدد من المشاركين، ومثل هذه الدورات لا تقتصر على الرجال بل إن الدورات التي تعقد للنساء اكثر لأن هذه الفئة أسهل من الرجال بكثير بطريقة إقناعها والتعامل معها، وفي الأيام القليلة الماضية معظمنا شاهد الإعلانات المتكررة في الصحف اليومية وفي أعلى الإعلان وضعت صورة صاحبة هذه الدورة أو بالأحرى من ستقوم بتعليم المشتركات، وحتى الصورة وضعت بعناية من خلال اللباس المعين والابتسامة المصطنعة، صاحبة هذه الصورة لم يكفها أنها دمرت ميزانيات أولياء الأمور الذين يضعون أبناءهم في المدرسة الخاصة التي ترأسها والتي تعد أغلى مدرسة في الكويت من ناحية الرسوم، وأنا أرى أنهم يستاهلون من يستغفلهم لأنه لا يوجد من يجبرهم أو (محد طقهم على ايدهم) ومع ذلك بعد ان انتهت من الصغار تحولت هذه السيدة إلى الكبار متبعة أسلوب معلمهم الأول وقدوتهم الذي يضع دورات للإدارة ودورات «كيف تكون قائدا؟»، وغيرها من عبارات الاستهبال، ولكن التلميذ ربما يتفوق على معلمه أحيانا، فإن صاحبتنا اختارت أمورا أفضل وخاصة للسيدات لأنها تعرف عقولهن وتعرف كيف تعاملهن بالكلام والابتسامة الغريبة، فاختارت عناوين لدوراتها مثل: «كيف تدخلين في عقل زوجك»، الله أكبر، يا سلام على العنوان والدورة طبعا بمئات الدنانير والمدة يومان أو ثلاثة وستخرج كل واحدة حاملة شاهدة في دخولها في عقل زوجها، والنهاية إن شاء الله في المحاكم، لأن بعضهن لم يركزن في الدرس جيدا.
إن مثل هذه الدورات وما يطرح فيها من دروس أو معلومات كلها مستقاة أو مأخوذة من كتب أجنبية مترجمة في الإدارة أو في علم النفس، تباع في المكتبات وأسعارها لا تتجاوز 4 أو 5 دنانير يأخذها هؤلاء الذين يستغفلون الناس ويقرأون على الناس ما كتب بها ومن خلال كتاب لا تتجاوز قيمته بضعة دنانير يتم جني أموال تقدر بالآلاف.
والغريب والمضحك في مثل هذه الدورات أن اغلب المشاركات فيها من النساء اللائي يوددن الدخول في عقول أزواجهن من المتقاعدات والجدات والأرامل، أي بعد كل هذا الزمن عرفت أنها لم تدخل في عقل زوجها أو تفهمه حتى الآن، بل عرفت كيف تطفشه وتجننه، ولأنها ليس عندها شغل وأولادها كبروا وبدلا من أن تجلس في مجمع الأفنيوز مع من هو على شاكلتها لشرب الشاي وتناول الكيك مع أن الأسنان اغلبها مفقودة تذهب لتتعلم كيف تدخل في عقل زوجها.
إن مثل هؤلاء الأشخاص المخادعين الذين يصطادون السذج والسفهاء من اجل كسب الأموال بغايات غير نبيلة يجب على الجهات المسؤولة مراقبتهم ومحاسبتهم لأنه ليس من المعقول أن يأتي أي شخص غير متخصص ويستأجر مكانا ويضع إعلان دورات للضحك على الناس، هناك الكثير من المعاهد العلمية والفنية المتخصصة في البلاد لتدريس جميع العلوم كاللغات والكمبيوتر والمحاسبة والادراة وغيرها من العلوم المفيدة وبأسعار معقولة ولفترات زمنية طويلة (شهر وشهرين)، وربما عام دراسي كامل وليست يوما أو يومين، يجب على الجميع ان يتنبهوا لمثل هذه الأمور ويقاطعونها لأنها لم توضع إلا من اجل نهب أموالهم والضحك عليهم، فهل هناك من يسمع ويستوعب؟!