السعودية بلد المقدسات وكنـز الآثار ومهد السيـاحة
قافلة الإعلام الخليجي الـ 9 تستكشف الإمكانات الهائلة للسياحة في المملكة
الحلقة الثانية
سياحة عبر التاريخ، زمانا ومكانا، في ارض المقدسات والرسالات الارض التي احتضنت اول بيت وضع للناس، الارض التي شهدت مهد الحضارات منذ نزول ابينا آدم عليه السلام الى هذه البسيطة، من الرياض المدينة المترامية الاطراف كانت انطلاقة قافلة الاعلام الخليجي الـ 9، غاصت في فجر التاريخ عبر المتحف الوطني، وانتقلت الى الاحساء، اكبر واحة نخيل في العالم وصاحبة اكبر حقل نفطي في العالم ايضا وكذلك اكبر صحراء في الارض،، ومن الاحساء الى الدمام والخبر حيث يتعانق القديم والحديث في منظومة فريدة قل ان يكون لها نظير، فإلى القصيم عصب اقتصاد المملكة وموطن رؤوس الاموال، والتي تعج بالآثار والمتاحف في بريدة وعنيزة الى جانب شهرتها التي تبلغ الآفاق في تجارة التمور، ومن القصيم الى حائل تلك المدينة التي اصبحت على خارطة السياحة العالمية بعد اعتماد رالي حائل ضمن السباقات الدولية، والتي تحوي كذلك اضخم متحف مفتوح للآثار في العالم على مساحة تزيد على الـ 7 آلاف كيلو متر مربع، ومن حائل كانت الرحلة الى مكة المكرمة، عبر جدة عروس البحر المتوسط، لاداء العمرة وزيارة المشاعر المقدسة.
نعم سياحة عبر التاريخ، ورحلة في اعماقه اثبتت غنى المملكة بكل مقومات السياحة والتي يمكن ان تجعلها احدى اكثر الجهات مقصدا للسياح في العالم، سياح الآثار، وسياح الصحراء وسياح الخضرة والنخيل وسياح المتاحف الى جانب السياحة الدينية المتمثلة في الشعائر المقدسة في مكة وزيارة المدينة المنورة لم تكن الرحلة عادية بكل المقاييس، فليس عاديا ان تغوص في اعماق التاريخ وتتعرف على حضارات وممالك وامم على بعد آلاف السنين.
قافلة الاعلام الخليجي الـ 9 التي تسيرها الهيئة العامة للسياحة والآثار في السعودية ضمت عشرات الاعلاميين من مؤسسات متعددة صحافية وفضائية، ووثقت للسياحة والآثار في المملكة طوال 15 يوما ونبدأ من حيث انتهينا، نبدأ من مكة المكرمة حيث الشعائر المقدسة ثم نغوص في فجر التاريخ تباعا.
من الموقع الصحيح بدأت قافلة الإعلام الخليجي رحلتها الطويلة للاستكشاف والتعريف بواقع السياحة والآثار في المملكة، من الرياض، وتحديدا من المتحف الوطني، ذلك الصرح العريق الذي يشكل البوابة الحقيقية لتاريخ المملكة، فمن خلاله نغوص في أعماق التاريخ منذ عصوره الأولى ونعيش من خلال قاعاته الحقب المختلفة والمتتابعة والتي مرت بشبه الجزيرة العربية وصولا إلى العصر الحديث.
المشرف العام على المتحف، وطوال نحو ساعة من الزمن، شرح للقافلة تاريخ هذا المتحف وزمان إنشائه والقاعات التي يحتويها، وأخذنا في جولة على تلك القاعات بدءا من قاعة الإنسان والكون حيث شرح لنا كيف أن دراسات حديثة تشير الى ان عمر الأرض نحو 4 مليارات سنة، وكيف تكونت القشرة الأرضية الصلبة للأرض، ثم قاعة الممالك العربية القديمة وقاعة العصر الجاهلي وقاعة العصر الإسلامي وقاعة الدول الإسلامية المتعاقبة ثم الدولة السعودية الأولى، فقاعة الحرمين الشريفين والمملكة العربية السعودية الحديثة.
ومن المتحف الوطني الذي يعد أحد أبرز المعالم السياحية في الرياض، انتقلت القافلة الى مدينة الدرعية القديمة، والمشروع الطموح بإعادة هذه المدينة التاريخية والتي تمثل ركيزة مهمة في تاريخ المملكة الى الوجود، تلك المدينة التي غدت إبان ازدهارها نموذجا متميزا من الأداء الحضاري الذي يقوم على سمو الفكرة ونبل السلوك وصفاء المعتقد، وعلى التوازن الدقيق بين قدرات المكان وطموح الإنسان.
المشرف العام على مشروع تطوير الدرعية د.علي مغنّم أكد للقافلة في شرح ميداني مطول ان الدرعية تمثل رمزا وطنيا في تاريخ المملكة، حيث ارتبط ذكرها بالدولة السعودية الأولى، وشكلت منعطفا تاريخيا في الجزيرة العربية. واضاف د.مغنم ان برنامج تطوير الدرعية يتضمن عددا كبيرا من المشاريع التطويرية الثقافية والتراثية والعمرانية والاقتصادية والتي بموجبها ستصبح الدرعية التاريخية مؤهلة، وتشمل خطة التطوير مشاريع حي الطريف ومشاريع حي البجيري ومشاريع الطرق والمرافق العامة.
وعاد د.مغنم بالتاريخ الى حيث نشأة الدولة السعودية الأولى، فقال لقد ناصر الإمام محمد بن سعود لدعوة التجديد الديني التي نادى بها الشيخ المجدد محمد بن عبدالوهاب عام 1744م، فأصبحت الدرعية قاعدة الدولة ومقر الحكم والعلم واستمرت كذلك الى ان اختار الإمام تركي بن عبدالله الرياض مقرا جديدا للحكم وذلك عام 1824م، وأشار الى تعرض المدينة للدمار على يد ابراهيم باشا والذي طال معظم النواحي الحضرية بما في ذلك البنى التحتية والموارد الاقتصادية بالمدينة، وكان الطريف – مقر الحكم – الأكثر دمارا.
ولفت د.مغنم الى انه تمت الموافقة على تسجيل الدرعية ضمن قائمة التراث العالمي وذلك بعد خطة طموح أعدتها الهيئة العامة للسياحة والآثار للحفاظ على تراث المدينة بما يمثله من عراقة وأصالة.
وتحدث د.مغنم عن استراتيجية تطوير المدينة قائلا: يتم تحويل المدينة الى مركز ثقافي وسياحي على المستوى الوطني وفقا لخصائصها التاريخية والثقافية والعمرانية والبيئية وجعلها قادرة على التكيف مع متطلبات العصر وشمل ذلك تطوير المدينة كمركز ثقافي والتفاعل مع تسجيل موقع الطريف ضمن قائمة التراث العالمي والمحافظة على بيئة المدينة من التدهور واعادة توازنها الطبيعي من خلال ترميم المباني الطينية المهددة بالانهيار الى جانب تطوير أنشطة سياحية وثقافية وترفيهية.
وانتقلت القافلة الى وادي حنيفة والذي يخضع للتأهيل أيضا وهو يعد أحد أبرز المعالم الطبيعية التي تميز الدرعية حيث يمثل أغلب المساحات الزراعية والأراضي السكنية بها ولقد أخذ اسمه من اسم احدى القبائل العربية وهي قبيلة حنيفة، ويشكل الوادي محورا يمتد من الشمال الغربي حتى الجنوب الشرقي بطول يزيد على 120 كيلومترا، ويصب فيه أكثر من أربعين رافدا، وشكلت سفوح الوادي بوعورتها وارتفاعها حصنا منيعا لقصور الدرعية ومبانيها المطلة على سهول الوادي ومضايقه الخصبة.
وفي اليوم الأول للرحلة وبعد زيارة الدرعية ووادي حنيفة حطت القافلة رحالها في وسط الرياض حيث حصن المصمك وهو الحصن المحكم المربع الذي يمثل مكانة بارزة في تاريخ الرياض والمملكة كمعلم تاريخي يمثل الزمان الذي بني فيه والأحداث التي جرى تيارها حوله حيث اقترن الحصن بملحمة فتح الرياض البطولية التي تحققت على يد الملك عبدالعزيز آل سعود في فجر الخامس من شوال 1319هـ (1902م) ومنها واصل مسيرته لتوحيد الجزيرة وبناء المملكة العربية السعودية.
نعم كان المصمك المهد الأول للملك عبدالعزيز، والعبور منه الى مدينة الرياض. جولة القافلة في الحصن شملت جميع أقسامه وتتابعت الأسئلة على المشرفين على الحصن، وهو بالفعل يعد معلما سياحيا بارزا في قلب الرياض.
وعلى بعد خطوات كانت الجولة الحرة للقافلة في سوق الزل القديم والذي يشكل مفصلا تراثيا مهما بما يضمه من صناعات وحرف تراثية كصناعة وبيع البشوت والدلال والسيوف وغيرها من التراثيات.
هذا غيض من فيض الرياض، سياحة تاريخية في الدرعية ووادي حنيفة وسياحة تراثية في سوق الزل، وسياحة تاريخية كذلك في حصن المصمك، وفيها سياحة في أعماق التاريخ القديم والحديث عبر متحف الرياض الوطني.