حقيقة السحر
هل السحر حقيقة، أم هو تلاعب الشياطين؟ وهل السحر يؤثر بنفسه؟ وهل صحيح أن الساحر يستخدم النجوم والكواكب في التأثير على من يسحرهم؟ وهل هو حقيقة أو تخيل؟
قضية خلافية قديمة، وأهل السنة ـ وهم جمهور الفقهاء والمفسرون والمحدثون ـ قالوا: إن السحر حقيقة، وله تأثير، وذهب قلة من الفقهاء منهم: أبو بكر الرازي من الحنفية، وابن حزم الظاهري، والمعتزلة، إلى أنه لا حقيقة للسحر ولا تأثير له، والصواب أن السحر له حقيقة وأدلة ذلك كثيرة منها:
أولا: قوله تعالى (ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله ويتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم ـ البقرة: 102)، فالآية صريحة في أن السحر يؤثر، ويفرق به بين المرء وزوجه.
ثانيا: قوله تعالى (ومن شر النفاثات في العقد ـ الفلق: 4)، والاستعاذة منهن دليل على أن لفعل الساحرات أثرا.
ثالثا: ثبت وقوع السحر، وقد سحر النبي صلى الله عليه وسلم، سحره لبيد بن أعصم اليهودي، حتى ليخيل إليه أنه يفعل الشيء وهو لا يفعله، وقد شفاه الله منه.
فالسحر له حقيقة مؤثرة، لهذا قال ابن قدامة الحنبلي «وللسحر حقيقة، فمنه ما يقتل، ومنه ما يمرض، ومنه ما يأخذ الرجل عن زوجته، وما يبغض أحدهما إلى الآخر، أو يحبب بين اثنين، وهذا قول الشافعي».
وتأثير الساحر قد يكون بفعله هو بما يصدر عنه من أقوال وأفعال، أو قد يكون تأثيره بالاستعانة بالكواكب والنجوم، ويستخدم حينئذ كتابة الطلاسم غير المفهومة، والحقيقة أنه لا صلة بالكواكب والنجوم في التأثير، إنما هي استعانة بالجن والشياطين، وهذا أكثر ما يستخدمه السحرة في هذا العصر، فيوقع الساحر في حس واعتقاد المسحور أنه يعلم الغيب، ويخبره بما لا يعرفه إلا المسحور، وذلك كله بنقل الجن عن أحوال هذا الإنسان للساحر.
تشريح الجثة
نحن ندرس في كلية الطب، ونباشر تشريح جثة الإنسان، فما حدود ذلك في الشرع؟ وأحيانا البعض يستهزئ بأشكال الجثث، وما نفعل بالأجزاء المتبقية بعد استعمالها، هل تدفن، أم ماذا؟ وهل يجوز الأكل والشرب في المشرحة؟
كرم الله الإنسان حيا وميتا (ولقد كرمنا بني آدم ـ الإسراء: 70)، فلا يجوز أن يكون الإنسان والمسلم خاصة عرضة للتشريح بغرض تعليمي إلا في حال الضرورة، وهذا يعني أن يكون في أضيق الحدود، وهذا يقدره أهل الاختصاص، ومن الضرورات التشريح لمعرفة سبب الوفاة في الحالات الجنائية، فهذا غرض مشروع ويتقيد فيه بقدر الحاجة.
وإذا وجد بديل عن تشريح الجثة للتعليم ـ وهو النماذج الصناعية ـ وكانت تسد الحاجة التعليمية فانه يحرم تشريح الإنسان، لأن ذلك إهانة له، وقد قال صلى الله عليه وسلم «كسر عظم الميت ككسر عظمه حيا» رواه أبو داود وابن ماجة.
وإذا دعت الحاجة للتشريح، وأمكن أن يشرح الحيوان فلا بأس بذلك، على أن يتقيد بحدود الحاجة، وإذا ذبح الحيوان فيخفف عنه بقدر الإمكان، ولا يمثل به قبل ذبحه.
أما إذا لم تكن هناك حاجة فلا يجوز تشريح الحيوان، لأنه حينئذ من باب التمثيل وهو محرم، والإنسان من باب أولى، فلا يشرح إلا لضرورة كمعرفة سبب الوفاة في الحالات الجنائية.
ـ الميت باعتباره جسدا خرجت منه الروح، وهو في المشرحة لا يمس بشيء.
ـ يجوز الأكل والشرب في المشرحة إذا قبلت النفس ذلك.
ـ لا يجوز الاستهزاء أو الضحك من شكل ميت، كما لا يجوز الاشمئزاز والتفوه بكلمات، مثل «ويع».
ـ الأجزاء المتبقية من مثل الجلد والشعر ونحوهما لا ترمى في الزبالة، إنما تجمع وتدفن احتراما للإنسان، لأنها أجزاء منه، ولذلك لو فقدت أجزاء المسلم في حادث مثلا ووجدنا يدا أو رجلا فإننا نصلي عليها «صلاة الجنازة» فهي جزء منه، على تفصيل عند الفقهاء.
الدعاء على السارق
سرق عمي شقيق والدي جميع الأموال، والمؤلفة من عدة ملايين من النقد والأراضي وغيرها وكل شيء مسجل باسمه فقط، على أساس أنه أخوهم الكبير، ثم توفي وتوفي عمي الآخر، وكذلك توفي والدي، وليس عند والدي ولا عمي الآخر أي إثبات.
والآن وبعد كل صلاة لا أستطيع لفظ اللهم ارحم أموات المسلمين، كي لا يشمل عمي هذا الدعاء، ولك فضيلة الشيخ عجيل أن تتخيل مدى الحقد الذي بناه عمي بيننا عليه وعلى أبنائه مع شديد الأسف. وسؤالي هنا «هل يجوز لي أن أدعو الله أن يحشره مع هامان وفرعون وقارون بالدرك الأسفل من جهنم، أم لا؟».
في أمور الدنيا لابد من إثبات الادعاء، فإذا كانت الأموال مسجلة باسمه فهي ملكه لا ينازعه فيها أحد، وإن كانت هناك تهمة فالقضاء يفصل بينكم.
أما في أمور الآخرة، فإن كان ما يملكه لا يستحقه، وملكه ظلما واحتيالا فهو ظالم لكم ولنفسه، وأبناؤه إن علموا ذلك وتحججوا بأنه لا توجد أوراق، فهم ظالمون مثله.
أما الدعاء: فإن ضاق صدرك عن الدعاء لأموات المسلمين لأنه منهم، فصدور غيرك تسعهم. والأفضل أن تدعو بأنه إن كان محسنا فزد اللهم في إحسانه، وإن كان مسيئا فتجاوز عن سيئاته. ولك أن تدعو عليه وحده إن كنت موقنا أنه ظالم، ولك أن تجهر بذلك لقوله تعالى (لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم ـ النساء: 148)، ولا داعي لكل هذا القلق، وفوض أمرك إلى الله ما دمت لا تملك الوكيل في الدنيا، ولك في النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته أسوة حسنة، فقد تركوا عقاراتهم ومساكنهم ولم يستردوها حسبة لله عز وجل.