- العنزي: غناء الرجل يتنافى مـع الرجولــة وهو مذموم ولم نعرف عبر التاريخ أن الرجال يغنون
- النهـام: إن كان مـن رجل وبكـلام حسن فقد أباحه جماعة مـن العلمـاء وكرهه آخرون
- الغانم: أهل العلـم حرّمـوا الغناء المصحوب بمعـازف وترية أو نفخ والـدفوف مستثناة للنساء
- النشمي: إن كان خالياً من آلات الطرب وبكلام غير بذيء أو مثير للغرائز فهو جائز ولو كان غزلاً عفيفاً
ردا على فتوى الداعية السعودي عادل الكلباني في اباحة الغناء بقصد الترويح وقوله ان التحريم المطلق غير صحيح وبشرط الا يكون الكلام فاحشا، مستشهدا بقول ابن حزم، وقال الكلباني يجب الا يكون الغناء الهم الاوحد للشخص وانه لا مانع من الاغاني اذا كانت من دون نساء ولم يكن كلامها فاحشا. وقد اشار إلى ان التحريم المطلق سواء في التمثيل او الاغاني غير صحيح والاجازة المطلقة كذلك غير صحيحة لذا يجب ان يكون الأمر بالوسطية في كل شيء، كما اجاز العرضة النجدية والسامري والمزمار الحجازي، واستشهد الكلباني بالإمام النووي وابن كثير في جواز ذلك في المناسبات والافراح والختان. اختلف العلماء فهناك من اجاز الغناء بشرط الا يكون للرجال وألا تستعمل الآلات الوترية وهناك من اجازه للرجال والنساء بشروط، ولنتعرف على آراء علماء الشرع:
يقـول رئيـس رابطـة علماء الشريعة لدول مجلس التعــاون الخلـيجي والعميد السابق لكلية الشريعة والــدراســات الإسلاميــة د.عجيل النشمي ان الغناء إن كــان خاليـــا مــن آلات الطــرب وكــان بكــلام غـير مثير للغرائز ولا بــذيء فهو جائز ولو كان غزلا إن كـان عفيفا، وإن صاحبه الــدف وما إليه مــن انــواعه فهــو جائــز ايضــا، وان كــان الغناء لمناسبة زفاف او قــدوم عزيز ونحوه فهو مندوب إليه بما سبق.
أمــا إن كــان الغنــاء بـآلات الطــرب المســماة بالمعازف والآلات الموسيقــيـة كالـكمــان والـنــاي ونحــوهــــما فهــو مــن المختلــف فـيـــه بــين مبيــح ومحــرم فهــو مــن المشتبه بــه، فالأولى تــركه، كـما يحرم الغناء ان كــان مصــاحبـا لاختــلاط الرجــال بالنســاء او كــان فيــه كشــف للعورات.
وحول انتشار ظاهرة استعمال الآلات الإيقاعية والموسيقية في الأناشيد لدى الدعاة حيث اصبحنا نسمع كل الآلات الموسيقية عبر الكمبيوتر وكثيرا ما يصاحب هذه الاناشيد ظهور المنشدين بتمايل وحركات مثل حركات المغنين، كما تستخدم الإضاءات الشبيهة بإضاءة الحفلات الماجنة قال د.النشمي: نفرق هنا بين الإنشاد والغناء، فالغناء بالمعازف هو الذي اختلف فيه الفقهاء بين محرم وهم جمهور الفقهاء، وبين كاره، وقليل من قال بالإباحة، لكننا على يقين أن من لم يقل بالحرمة لو استمع أو شاهد الغناء والمغنين بالمعازف الصاخبة والكلمات الماجنة لقال بالحرمة، وأما آلات الغناء فإن كانت من جنس المعازف وهي الآلات الموسيقية المعروفة اليوم فهي دائرة بين الحرمة و الكراهة، وهي إلى الحرمة أقرب وإليه ميل جمهور الفقهاء.
وأما الغناء بالدف فهو مباح وقد يكون مستحبا في مناسبات الفرح، وأما ما هو من جنس الدف مثل الطبل والكوبة ـ شبيهة بالدنبك ـ والمرواس ونحوها فهي على الراجح دائرة بين المكروه
و المباح، وهي إلى المباح أقرب وإليه ميل جمهور الفقهاء، وإن مما يعين على القول بإباحتها اليوم استعمال المنشدين لها بديلا عن المعازف ودفعا لمفسدة الآلات الموسيقية وما يصاحبها من محرمات.
وأما الإنشاد وهو الترنم بالشعر ويعده الفقهاء نوعا من الغناء وهو معروف قديما عند العرب ويسمى «النصب» ـ وهونوع من الغناء عند العرب فيه تمطيط يشبه الحداء وقيل هو الذي أحكم من النشيد وأقيم لحنه ووزنه وكان الصحابة يطلبون من بلال بن المغترف رضي الله عنه أن ينصب لهم نصب العرب أي ينشد (أخرجه البيهقي في السنن من حديث السائب بن يزيد 10/224) ـ. والإنشاد أو النصب وإن كان نوعا من الغناء لما فيه من الترنم واللحن إلا أنه يكون خاليا من الآلات الموسيقية أو ما يسميه الفقهاء بالمعازف. وقد استمع النبي صلى الله عليه وسلم إلى الشعر والإنشاد في مسجده لماروى جابر بن سمرة رضي الله عنه قال: «شهدت النبي صلى الله عليه وسلم أكثر من مائة مرة في المسجد وأصحابه يتذاكرون الشعر وأشياء من أمر الجاهلية فربما تبسم معهم» (الترمذي 5/140 وقال حديث حسن صحيح وأحمد 5/91) وقد وضع لحسان رضي الله عنه منبرا في المسجد ينشد عليه الشعر. (الترمذي 2/139 وقال حديث حسن) وقد استمع النبي صلى الله عليه وسلم الى كعب بن زهير في قصيدته المشهورة في المسجد.
كما استمع إلى الإنشاد والغناء ـ وهو أعم من الإنشاد ـ مع الضرب بالدف لجاريتين تغنيان عند عائشة رضي الله عنها في مناسبة العيد في الحديث الصحيح.
ولما كانت هذه الفتوى موجهة إلى الشباب الدعاة والفتيات الداعيات، فنقول: إذا كان الفقهاء قد اختلفوا في حكم الغناء بالمعازف فخلافهم قد يسع العامة، ولكنه لا يسع الخاصة وهم الدعاة إلا في أضيق نطاق.
ولا يخفى أن ظهور الأناشيد قصد منها أن تكون بديلا عن الغناء المصاحب للموسيقى المعروفة اليوم، ولتلافي آثارها المدمرة للأخلاق ولما يصاحبها من معاني الفسق والفجور، وخاصة ما توضع فيه من إخراج مثير للفتن مسموعا أو مرئيا، وكان المقصود من الأناشيد أيضا أن تحقق أهدافا تربوية ودعوية تبث في نفوس الفتيان والفتيات الحماسة لدينهم وتاريخهـم وأمجادهم، وتزكي فيهم المعاني الإسلاميــة السـامية.
ولتحقيـق هـذه الغـايــات والأهداف لابد من أن يتقيد الإنشــاد والمنشـدون بالضوابـط الآتية:
أولا: ألا يصاحب الإنشاد الآلات الموسيقية المعروفة ولو كانت تخرج عن طريق الكمبيوتر لأن العبرة بالسماع لا بمصدره أو نوع الآلة، ولا بأس بمصاحبة الدف أو الطبل أو الكوبة (الدنبك) أو المرواس دون صخب ولا ضجيج بعلو صوت المنشد أو المنشدين.
ثانيا: أن تكون كلمات الإنشاد تعبر عن المعاني السامية وبكلمات هادفة، وحماسية أو دعوية، ولا بأس بأن تبدأ بكلمات غزل أو تتخللها كلمات الغزل إذا كان عفيفا خفيفا فقد كانت أشعار العرب تبدأ بالغزل وإن لم يكن موضوعها الغزل، ولذا لا يصح أن يكون الغزل غالبا على موضوع الإنشاد التربوي أو الدعوي فيغرق المنشد بالغزل ثم يتبين آخر إنشاده أنه يقصد المدينة المنورة أو الكعبة المشرفة ونحو ذلك.
ثالثا: أن يتحاشى المنشدون والمخرجون لطريقة الإنشاد التشبه بالمغنين وما يصاحب غناءهم من صخب الموسيقى والإضاءات المبالغ فيها والميوعة في الغناء والحركات المائعات المتكلفة التي أصبحت ملازمة للمغنين، فلابد من تميز المنشدين في مظهرهم وإلقائهم وجو الإنشاد العام وخاصة في المهرجانات الإنشادية.
وبناء على ذلك نقول: إن خروج المنشدين عن هذه الضوابط أو أحدها يخرج إنشاده من إطار الإنشاد المشروع المحقق للأهداف المرجوة منه، ويصبح إلى دائرة الغناء وأهله أقرب.
كما ينبني على ذلك أيضا: أن يمتنع الدعاة والداعيات عن المشاركة أو حضور مثل هذه المهرجانات الإنشادية إذا لم تكن ملتزمة بهذه الضوابط.
ونحن على يقين إن شاء الله بأن التزام الدعاة بذلك سيعيد للإنشاد أهميته ودوره في تحقيق البديل الشرعي عن الغناء ودفع مفسدته ويحقق الأهداف التربوية والدعوية.
مذموم ويتنافى مع الرجولة
أكد المحامي وأستاذ الشريعة د.سعد العنزي ان اغلب الاحاديث الواردة في الموسيقى والغناء لم يصح منها الا النادر لكن أرى أنه خلاف ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وخلاف ما كان عليه خلفاء الرسول صلى الله عليه وسلم وهو العصر الذي يعتبر عصر الرسالة، ولو كان الغناء مباحا بهذه الطريقة لعرف أو اشتهر أو كان مسموحا به في عهده صلى الله عليه وسلم، الذي نعرفه في هذا الأمر فيما يتعلق بأفراح النساء انه لا بأس من الغناء في ذلك بالدف والغناء المباح وقال، ولم اسمع ولم اقرأ من المروءة أو من الشهامة او من الرجولة أن الرجل يضرب بالدف او بالعود او يغني وأرى أن هذا لا يليق بكرامة الرجل فالرجولة صفة للذكورة وهذه الصفة تشتمل على جملة من المعاني السامية ومنها الاخلاق والكرم والشجاعة وليس منها الغناء وضرب الدفوف لان هذا من شغل النساء. وأما الأمر الآخر فإنه لم يعرف عبر تاريخ الاسلام منذ عصر الرسالة ان الرجال يضربون الدفوف ويغنون كما نرى الآن ما يسمى بالسامري والمزمار الحجازي والعرضة النجدية الا في العصر الحديث منذ حوالي 200 عام او يزيد، لذلك فهذا امر مستحدث لا ينبغي ان تنسب الاباحة الى فعله للرجال لانها تنافي حقيقة الرجل، ثانيا ان اغلب الاحاديث التي وردت في الغناء ضعيفة ولم يصح منها الا النادر ان صح إلا ان فعل النبي صلى الله عليه وسلم وفعل اصحابه الكرام وكل هذا يخالف اباحة الفتوى واجازة الغناء وهذا امــر مذموم قال سبحانه وتعالى: (ومن الناس مــن يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزوا أولئك لهم عذاب مهين) سورة لقمان: 6، والغناء باستعـمال آلات الطرب واللهو لــم يظـهر الا فـي أواخـر القرن الثالث.
حرام
ويؤكد الداعية صالح النهام ان الاستماع إلى آلات اللهو والمعازف ـ الموسيقى والغناء ـ محرم وقد حكى الاجماع على تحريم استماعها ـ سوى الدف ـ جماعة من العلماء منهم الإمام القرطبي وأبو الطيب الطبري وابن الصلاح وابن رجب الحنبلي وابن القيم وابن حجر الهيثمي، وقال شيخ الاسلام ابن تيمية: مذهب الائمة الاربعة ان آلات اللهو كلها حرام.
وقال، ومما ورد في عقوبة ذلك حديث عمران بن حصين ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: « سيكون في هذه الامة خسف ومسخ وقذف، قال رجل من المسلمين: يا رسول الله، ومتى ذلك؟ قال: إذا ظهرت القينات والمعازف وشربت الخمر» رواه الترمذي وصححه الالباني. ومن حديث سهل بن سعد ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «سيكون في آخر الزمان خسف وقذف ومسخ إذا ظهرت المعازف والقينات واستحلت الخمر». رواه الطبراني وصححه الالباني. ومن حديث ابي مالك الاشعري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ليشربن ناس من امتي الخمر يسمونها بغير اسمها، ويعزف على رؤوسهم بالمعازف والمغنيات يخسف الله بهم الأرض ويجعل منهم القردة والخنازير» رواه ابن ماجة وصححه الألباني.
وزاد: ومن تأمل حال المنشغلين بسماع الغناء والمعازف والمشتغلين به اداء ومشاركة وما في مجالسهم من اللغو والفسوق وما هم عليه من الغفلة عن أداء العبادات، والاعراض عن تفهم القرآن والانتفاع بتلاوته ايقن بوجود الحكمة التامة من وراء تحريم هذا النوع من الغناء.
وبين النهام ان الضرب بالدف في الاعراس والعيدين قد شرع استعماله وهو خاص بالنساء، اما اذا كان الغناء مشتملا على آلة عزف ولهو فهذا الغناء الذي يحرم استماعه على الرجل والمرأة بالإجماع.
وحول الغناء من دون آلة بين النهام ان هناك نوعين: الأول ان يكون من امرأة لرجال فلا شك في تحريمه ومنعه كما منعتها الشريعة من الأذان للرجال ورفع الصوت بالقراءة في حضورهم، فإن غنت لنساء بكلام حسن في مناسبة تدعو الى ذلك كعرس ونحوه جاز ذلك بشرط الا يكون كلاما فاحشا.
أما الأمر الثاني ان يكون الغناء من رجل: فينظر في نوع الكلام فإن كان بكلام حسن يدعو الى الفضيلة والخير فقد اباحه جماعة من العلماء وكرهه آخرون، لاسيما ان كان بأجرة، والصحيح جواز النافع من الشعر والحداء مع عدم الاكثار منه، وإن كان بكلام قبيح يدعو الى الرذيلة ويرغب في المنكر ويصف النساء او الخمر ونحو ذلك فهو محرم كما لا يخفى، والله اعلم.
الدفوف مستثناة
ويرى الباحث الإسلامي صالح الغانم ان الشيخ الكلباني لم يصرح بما ان كان هذا الغناء مصحوبا بمعازف ام لا، وان كان قد اشار الى مذهب ابن حزم الاندلسي ـ رحمه الله ـ الذي كان يرى جواز الاستماع الى المعازف محتما بتضعيف حديث المعازف المشهور الذي يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم عن عياض بن غنم حتما بأن إسناده غير موصول. والذي عليه اهل الحديث والمحققون من العلماء ان هذا الحديث موصول الاسناد وصحيح.
أما إجازة العرضة من النجدية والسامري والمزمار الحجازي فربما الحكم فيها اخف من المصحوب بالألحان والآلات التي تشغل الإنسان عن ذكر الله وسماع القرآن، والذي عليه اكثر اهل العلم تحريم الغناء المصحوب بمعازف وترية او نفخ اما الدفوف فهي مستثناة للنساء في الافراح والاعياد.
الغناء محرم عند آل الشيخ
اكــد مفتي المملكــة العربيــة السعودية الشيخ عبــدالعـزيــز آل الشيــخ علــى حـرمــة الغناء مستشهدا بقــول اللــه سبحانــه وتعــالى (ومــن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزوا أولئك لهم عذاب مهين) إذ يقول ابن مسعود رضي الله عنه واللــه الذي لا إله إلا هــو إنــه الغنــاء.
وقــال: الغنـــاء يــؤدي الــى قســوة القــلب وانصرافه عــن الخـيـر وانشغـالـــه عـــن القــرآن الكـــريم وتعلقه بالأوهــام والخـرافــات لأن بعــض الغنــاء يكون مقدمة للزنى فيكون هذا الغناء يقذف فــي القلــوب مــرضا وجــرحا هــذا بــلا شــك نفتي بتحـريمـه وينبغي للمسلمين الا يكون هدفهم اللعب واللهو.
شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله
يقــول: مــن أعظــم مــا يقــوي الاحــوال الشيــطانية سمــاع الاغــاني والمـــلاهي وهــو سماع المشركين، قال الله تعالى: (وما كــان صـلاتهــم عنــد البـيــت إلا مكاء وتصدية) قال ابن عباس وابن عمر وغيرهما، ان التصدية تعني التصفيق باليــد والمكــاء اي الصفير، فهــذه هــي عبــادة المشركين، اما عبادة النبي صلى الله عليه وسلم واصحابه فهي ما امر الله به من الصلاة والقراءة والذكر ونحو ذلك ولم يجتمع النبي واصحـابــه علــى استماع غنــاء قــط لا بكــف ولا بــدف.