كان عروة بن مسعود من زعماء ثقيف، وكان فيهم ذا شرف ومنزلة ورأي، وحين ذهب رسول الله صلوات الله وسلامه عليه الى الطائف يطلب نصرة أهلها بعد ان اشتد عليه أذى قريش، استقبلته ثقيف أسوأ استقبال، بلغ من حدة سوئه ان الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم رفع يديه يجأر بالدعاء الى الله: «اللهم إليك أشكو ضعف قوتي، وقلة حيلتي، وهواني على الناس، اللهم إن لم يكن بك غضب عليّ فلا أبالي..».
وكان عروة بن مسعود في واد غير وادي الحقد الذي تردت فيه ثقيف، كان يصغي بكل قلبه وعقله لدعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما قفل الرسول الأكرم صلى الله عليه وسلم عائدا من الطائف يحتسب عند الله ما لحقه من أذى ثقيف، كان عروة بن مسعود يتبعه، ويبايعه على الإسلام، ثم يعود الى قومه، وهو يعلم ما ينتظره من مصير أشد هولا مما لقيه رسوله القائد من سخفاء ثقيف.
ويقف عروة بن مسعود على مرتفع، ويصرخ بثقيف: اعلموا انني أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، ثم يدعوهم للإسلام، فينكرون منه ذلك، ويحاولون فتنته عن دينه الجديد، فيأبى، فيتوعدونه ويهددونه، فما يزيده ذلك إلا ثباتا على الحق، وشموخا به.
وتحار ثقيف، ماذا تفعل بعروة، وهو سيد وزعيم فيها؟ ولا يجدون بدا من قتله إذا تمادى في إصراره على الإسلام، فيعودون يكررون محاولتهم لفتنته، فلا يستجيب، فتنهال عليه عشرات النبال والسهام من كل جانب، فيسقط شهيدا رضي الله عنه وأرضاه.