من الأدلة الصريحة في أن القرآن كلام الله تعالى، وأن نبينا صلى الله عليه وسلم إنما هو مبلغ عن الله وأنه لم يأت بهذا القرآن من عند نفسه قوله تعالى في سورة الحاقة (ولو تقول علينا بعض الأقاويل لأخذنا منه باليمين ثم لقطعنا منه الوتين).
فهذه الآية تضمنت أمرين مهمين، الأول الرد على الزعم الباطل والقول المنحرف أن هذا القرآن إنما جاء به محمد من عند نفسه، ولا شك أن هذه المقالة تلقاها الزنادقة خلفا عن سلف ممن زعموا هذا الزعم وافتروا هذه الفرية.
الثاني التصريح بأن هذا القرآن كلام الله وأن محمدا صلى الله عليه وسلم إنما هو مبلغ فقط، وأنه لا يسعه أن يزيد في الوحي ولا أن ينقص منه وفي هذا تقول أمنا أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وعن أبيها لمسروق: «من حدثك أن النبي صلى الله عليه وسلم قد كتم شيئا من الوحي فلا تصدقه»، فالله يقول (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته).
ونعتقد نحن المسلمين أن من ادعى في القرآن أنه محرف أو أنه ناقص أو أنه زيد فيه ولو حرفا واحدا أنه كافر بالله العظيم وبكتابه الكريم، وأن مقالته هذه من جنس مقالة المشركين إن لم يكن أخبث حالا منهم، لا سيما ان كان ممن ينتسب إلى الإسلام، وإلا ما الفرق بينه وبين الوليد بن المغيرة الذي قال عن القرآن (إن هذا إلا سحر يؤثر)، وما الفرق بينه وبين أبو جهل القائل «إن هذا إلا قول البشر»، وبينه وبين من قال (لو نشاء لقلنا مثل هذا إن هذا إلا أساطير الأولين).
يعجب المسلم أشد العجب حينما يرى حجم التناقض والجهل الذي يعيشه كثير من المسلمين، حينما يأتون إلى ثوابت الدين وأصوله فتصبح عندهم قضية قابلة للنقاش بل حتى للأخذ والرد كمسألة القرآن مثلا، أسئلة لا تصدر ممن له أدنى مشكلة من علم، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على مدى التأثير السلبي والسيئ الذي ثبته ويبثه الإعلام لا سيما عندما استضافتهم لأهل الأقوال المنحرفة والعقائد الفاسدة، الذين أصبحوا يشككون الناس في أمر دينهم.