توجه حجاج بيت الله الحرام بعد غروب شمس امس الاثنين التاسع من شهر ذي الحجة الجاري الى مشعر الله الحرام مزدلفة بعد ان من الله عليهم بالوقوف على صعيد عرفات الطاهر وقضاء ركن الحج الأعظم في هذا اليوم الذي تعددت فيه ألوان الحجيج وتنوعت جنسياتهم واختلفت لغاتهم والسنتهم غير ان قلوبهم توحدت مجتمعة على هدف واحد هو توحيد الله وابتغاء مرضاته وعفوه ومغفرته. وأدى ضيوف الرحمن عقب وصولهم إلى مزدلفة صلاتي المغرب والعشاء جمع تأخير اقتداء بسنة المصطفى صلى الله عليه وسلم والتقطوا بعدها الجمار وباتوا الليلة في مزدلفة ثم توجهوا الى منى بعد صلاة الفجر لرمي جمرة العقبة ونحر الهدي.
وتعد النفرة من عرفات إلى مزدلفة المرحلة الثالثة من مراحل تنقلات حجاج بيت الله الحرام في المشاعر المقدسة لأداء مناسك حجهم وشهدت الطرق الفسيحة التي سلكها حجاج بيت الله الحرام في طريقهم إلى مزدلفة انتشار رجال المرور والامن والحرس الوطني والكشافة لمساعدة الحجاج وتسهيل حركتهم.
واتسمت تحركات قوافل حجاج بيت الله الحرام بالانسيابية في حين سلك المشاة من الحجاج المسارات التي خصصت لهم المزودة بجميع احتياجاتهم.
وشوهدت الطائرات العمودية تحلق فوق الطرق المؤدية إلى مزدلفة، وتتابع الطائرات حركة سير مركبات الحجيج والمشاة في نفرتهم الى مزدلفة لتزويد الاجهزة المختصة بحالة ضيوف الرحمن حتى يتسنى تقديم المساعدة والإرشاد لمن يحتاج إلى ذلك.
ووفرت الجهات المعنية بشؤون الحج خدماتها لضيوف الرحمن من المياه والكهرباء والمواد التموينية كما انتشرت المستشفيات الحديثة ومراكز الرعاية الصحية لخدمتهم والعمل على رعايتهم صحيا.
وكان حجاج بيت الله الحرام قضوا امس على صعيد عرفات ملبين متوجهين إلى الله بقلوب خاشعة متضرعة الى الباري عز وجل ان يغفر ذنوبهم ويتقبل منهم حجهم وصالح اعمالهم.
وادوا صلاتي الظهر والعصر جمعا وقصرا واستمعوا الى خطبة عرفة التي ألقاها في مسجد نمرة سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ مفتي عام المملكة ورئيس هيئة كبار العلماء وادارة البحوث العلمية والافتاء.
وكان ما لا يقل عن 3 ملايين من حجاج بيت الله الحرام توافدوا منذ فجر أمس إلى صعيد عرفات الطاهر لأداء ركن الحج الأعظم بعد ما قضوا يوم التروية في مشعر منى يوم الاحد. وشقت مواكب الحجيج الطريق إلى عرفة في أجواء إيمانية مهيبة تلهج ألسنتهم بالتلبية والتكبير والدعاء وقد ارتفعت اكفهم بالتضرع لله تعالى طلبا للمغفرة والرحمة.
وقضى ضيوف الرحمن يومهم على صعيد عرفات حيث أدوا صلاتي الظهر والعصر قصرا وجمعا قبل أن ينفروا من عرفات إلى مزدلفة مع مغيب شمس أمس.
وكان أمير منطقة مكة المكرمة رئيس لجنة الحج المركزية رئيس الهيئة العليا لمراقبة نقل الحجاج الأمير خالد الفيصل قد أعلن أمس نجاح أولى مراحل الحج بتصعيد الحجيج من مكة إلى منى لقضاء يوم التروية.
وحث الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ، المفتي العام بالمملكة العربية السعودية في خطبة عرفات، الشعوب الإسلامية، خاصة في تلك البلدان التي أضحت ساحات للصراعات والمواجهات المسلحة على حقن الدماء والالتفات إلى مصالحهم، والتوحد وحماية أوطانهم من التمزق ودرء الفتن والمخاطر.
وخاطب العراقيين من أجل الاستجابة للدعوات لهم بالتآلف والوحدة ونبذ القتل وسفك الدماء فيما بينهم، وأن يكونوا حريصين على وحدتهم، مشيرا في هذا الإطار إلى جهود خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وفي مناطق النزاع الأخرى في الصومال وأفغانستان.
وناشد آل الشيخ السودانيين أن يبقوا على خيار الوحدة، وأن يجتهدوا كي يظلوا في إطار دولة واحدة، محذرا بذلك من خطورة الانقسام الذي ينتظره أكبر بلد أفريقي في استفتاء تقرير المصير بالجنوب في يناير المقبل، ومن استمرار الصراع المسلح في إقليم دارفور غربي السودان. وشدد آل الشيخ في خطبته على أن الإسلام حرم «الإرهاب» بكل صوره وأشكاله، وحرم سفك دماء المعصومين، وعصم النفس التي حرم الله قتلها إلا بالحق، «كل المسلم على المسلم حرام» وكذا حرم قتل المعاهدين، مشيرا إلى نعمة الأمن باعتبارها الدعامة الأساسية للمجتمعات، بعيدا عن أجواء الفتن والحروب، وأنه لو لم يكن هناك أمن ما كان هناك حج ولما ملئت المساجد بعمارها.
وأكد أن الإسلام وكما يحرم الإرهاب، فإنه كذلك يحرم الاحتلال، ويمنع الظلم عن المستضعفين شعوبا وجماعات، متسائلا عن موقف جماعات حقوق الإنسان من الجرائم التي ترتكب بحق المسلمين، وخاطب الشعوب الأميركية والأوروبية قائلا إن الإسلام يعترف بحقوق الإنسان، لكنه تساءل عن موقفهم من علميات التشريد وطرد الآمنين من ديارهم، مشيرا كذلك إلى ضرورة معالجة مشاكل انتشار الفقر والبطالة والأمراض في أوساط المجتمعات.