روى النسائي في سننه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «عق رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحسن والحسين رضي الله عنهما بكبشين كبشين».
وروى ابن حبان بسنده عن ام المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: «عق رسول الله صلى الله عليه وسلم عن حسن وحسين يوم السابع وسماهما، وامر ان يماط عن رأسه الأذى».
هأنت تراه صلى الله عليه وسلم يعق عن سبطيه الصغيرين مع كون العقيقة عن الابناء حين يولدون من واجبات الاب تجاه ابنائه لا الجد، لكن النبي صلى الله عليه وسلم نزل نفسه الشريفة منزلة الاب المباشر، فعاش وري الاب والجد في آن واحد وفي عاطفة واحدة، وكيف لا يكون ذلك وقد وصف سبطيه في كثر من حديث بأنهما ابناه.
فأي عناية هذه وأي قلب أبوي حوى كل هذا الحنان، انه النبي صلى الله عليه وسلم برحمته الواسعة ومشاعره المليئة بالحب والحنان.
ولقد بلغ من رعاية النبي صلى الله عليه وسلم لسبطيه، وحرصه على وقايتهم من كل سوء وشر أنه كان كثيرا ما يعوذهما من كل ما يخاف عليهما من شره.
فقد روى البخاري في صحيحه بسنده عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يعوذ الحسن والحسين ويقول: «ان اباكما كان يعوذ بهما اسماعيل واسحاق، اعوذ بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامة».
عطف أبوي
وتتجلى مشاعر الأبوة بشكلها الفائق حين يقف النبي صلى الله عليه وسلم خطيبا مثقلا بأعباء الدعوة والرسالة، حاضا المؤمنين على لزوم التقوى وفعل الخيرات، حتى يرى من على منبره ابنيه الصغيرين يعثران ويقومان ثم يعثران، فلا يجد نفسه الا وقد نزل ليحملهما الى منبره.
فيالله من نفس طبعت على الرحمة بالصغير، وعلى العطف الأبوي العميق.
روى ابن داود بسنده عن بريدة رضي الله عنه قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأقبل الحسن والحسين رضي الله عنهما عليهما قميصان احمران يعثران ويقومان، فنزل فأخذهما، فصعد بهما المنبر ثم قال: صدق الله (إنما أموالكم وأولدكم فتنة) رأيت هذين فلم اصبر، ثم اخذ في الخطبة.
ومن ذلك ايضا عن ابي ليلى رضي الله عنه قال: «كنت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى صدره او بطنه الحسن او الحسين، قال: فرأيت بوله أساريع فقمنا إليه، فقال: دعوا ابني لا تفزعوه حتى يقضي بوله، ثم أتبعه الماء ثم قام فدخل بيت تمر الصدقة ودخل معه الغلام فاخذ تمرة فجعلها في فيه فاستخرجها النبي صلى الله عليه وسلم وقال: ان الصدقة لا تحل لنا».
ولعظيم قدرهما عنده رضي الله عنهما كان يركبهما معه أحيانا على بغلته الشهباء (الدلدل)، احدهما قدامه والثاني خلفه.
فقد روى مسلم في صحيحه بسنده من حديث اياس عن ابيه قال: لقد قدت بنبي الله صلى الله عليه وسلم والحسن والحسين بغلته الشهباء حتى ادخلتهم حجرة النبي صلى الله عليه وسلم هذا قدامه وهذا خلفه. كان صلى الله عليه وسلم يحنو عليهما ويقبلهما من حين لآخر، ويروي لنا أبوهريرة رضي الله عنه من ذلك حادثة فريدة.
روى ابوداود بسنده عن ابي هريرة رضي الله عنه ان الاقرع بن حابس ابصر رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقبل حسينا فقال: ان لي عشرة من الوالد ما فعلت هذا بواحد منهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من لا يرحم لا يرحم».
وفي رواية «وما أملك لك أن نزع الله الرحمة من قلبك»، صفات الحسين رضي الله عنه الخلقية
كان الحسن بن علي رضي الله عنه اشبه الناس بالنبي صلى الله عليه وسلم، ولوضوح هذا الشبه في ملامح وجهه ونحره رضي الله عنه كان أبوبكر رضي الله عنه يلاعبه صغيرا بقوله «بأبي، شبيه بالنبي لا شبيه بعلي» وعلي رضي الله عنه يضحك.
اما اخوه الحسين رضي الله عنه فإن ثمة روايات تذكر أن جسده كان شبيها بجسد النبي صلى الله عليه وسلم دون ملامح وجهه. فقد روى الترمذي بسنده عن هانئ بن هانئ عن علي بن ابي طالب رضي الله عنه قال: «الحسن اشبه برسول الله صلى الله عليه وسلم ما بين الصدر الى الرأس، والحسين أشبه برسول الله صلى الله عليه وسلم ما كان اسفل من ذلك.
وروى الطبراني بسنده عن علي بن ابي طالب رضي الله عنه «من سره ان ينظر الى اشبه الناس برسول الله صلى الله عليه وسلم ما بين عنقه الى كعبه خلقا ولونا فلينظر الى الحسين بن علي». وذكر ابن عساكر عن فروة بن ابي المغراء عن القاسم بن مالك عن عاصم بن كليب عن ابيه قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام فذكرته لابن عباس فقال: اذكرت الحسين بن علي حين رأيته؟ قلت: نعم والله ذكرته بكفيه حين رأيته يمشي، قال: انا كنا نشبهه بالنبي صلى الله عليه وسلم.
وقال الزبير بن بكار: حدثني محمد بن الضحاك الحزامي قال: كان وجه الحسن يشبه وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان جسد الحسين يشبه جسد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
روى ابو يعلي بسنده عن سفيان قال: قلت لعبيد الله بن أبي يزيد: رأيت حسين بن علي؟ قال: اسود الرأس واللحية الا شعيرات هاهنا في مقدم لحيته فلا ادري اخضب وترك ذلك المكان تشبها برسول الله صلى الله عليه وسلم، او لم يكن شاب منه غير ذلك.