منزلة الشهداء عند الله تعالى عظيمة واستنهاض للهمم واستشعار بالمسؤولية العليا في تحرير البلاد ودحر المعتدين الذين اعتمدوا على القوة المدمرة الغاشمة ناسين ابسط مبادئ الاخلاق والقيم والمبادئ الانسانية الكريمة، وكأن لم تكن هناك وشائج من دم أو لغة او دين، او معرفة للجميل في ساعة العسرة. وعن منزلة الشهداء عند الله تعالى يحدثنا الداعية نادر النوري حيث يقول: الشهيد لا يمر بمرحلة فناء بعد انتقاله الى اخراه وانما تستمر حياته بمجرد استشهاده مصداقا لقول ربنا (ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله أموات بل احياء ولكن لا تشعرون) كما ان الشهيد لا يشعر بألم القتل ولا يشعر بهول الموت، ولكن تكون حاله كما وضحها لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله فيما رواه مسلم عن ابي هريرة رضي الله عنه قال: «يجد الشهيد من مس القتل الا كما يجد احدكم من مس القرصة» ثم انه ينزل عند ربه منزلة الكرام فيرى ما لا عين رأت ويسمع ما لا اذن سمعت متمتعا بنعيم لا يخطر على قلب بشر منعما برضوان ربه ورحمته وفاء منه سبحانه بوعده (ومن اوفى بعهده من الله)؟ وهو سبحانه القائل: (ولئن قتلتم في سبيل الله او متم لمغفرة من الله ورحمة خير مما يجمعون ولئن متم او قتلتم لإلى الله تحشرون).
وزاد: الشهداء عند ربهم لهم اجرهم ونورهم، فقد روى ان مسروقا سأل عبدالله بن عباس عن حال الشهداء فقال: ان الله تعالى قد جعل ارواح الشهداء في جوف طير خضر لها قناديل معلقة بالعرش تسرح في الجنة حيث تشاء ثم تؤوي الى تلك القناديل، فاطلع عليهم ربهم وقال: هل تشتهون شيئا؟ قالوا: اي شيء نشتهي ونحن نسرح في الجنة حيث شئنا ففعل الله ذلك بهم ثلاث مرات فلما رأوا أنهم لن يتركوا دون ان يسألوا، قالوا: يا رب نريد ان ترد ارواحنا في اجسامنا حتى نقتل في سبيلك مرة أخرى، كما روى ان النبي صلى الله عليه وسلم اخبر اصحابه عن المصير الكريم الذي صار اليه شهداء غزوة احد بقوله: لما اصيب اخوانكم بأحد جعل الله ارواحهم في اجواف طير خضر ترد انهار الجنة وتأكل من ثمارها، وتؤوي الى قناديل من ذهب في ظل العرش، فلما وجدوا طيب مأكلهم ومشربهم وحسن مقيلهم قالوا: يا ليت اخواننا يعلمون ما صنع الله بنا لئلا يزهدوا في الجهاد ولا يفروا من الحرب ولا يجبنوا، فقال الله لهم: كنا ابلغكم عنهم فأنزل قوله تعالى: (ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون).
وبين النوري ان القرآن يزخر بالآيات الكريمة التي تعلي من قدر الشهداء وينوه بمنزلتهم عند ربهم بمثل قوله تعالى (فاستجاب لهم ربهم اني لا اضيع عمل عامل منكم من ذكر او انثى بعضكم من بعض فالذين هاجروا واخرجوا من ديارهم واوذوا في سبيلي وقاتلوا وقتلوا لأكفرن عنهم سيئاتهم ولادخلنهم جنات تجري من تحتها الانهار ثوابا من عند الله والله عنده حسن الثواب) مبينا ان الشهيد يقبل على الجهاد وقد استوى لديه اقتل ام لم يقتل، يقبل على الموت ضاحكا مستبشرا وهو يقول: فزت ورب الكعبة، فزت ورب الكعبة، وقد بين رسول الله صلى الله عليه وسلم منزلة الشهداء ورفيع منزلتهم بقوله: «ان للشهيد عند الله سبع خصال ان يغفر له في اول قطرة من دمه، ويرى مقعده في الجنة، ويحلى حلة الايمان ويجار من عذاب القبر ويأمن من الفزع الاكبر ويوضع على رأسه تاج الوقار، ويزوج من الحور العين، ويشفع في سبعين من اهل بيته»، وسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم ما بال الناس يفتنون في قبورهم الا الشهيد؟ فقال: «فى ببارقة السيوف على رأسه فتنة».
وقال النوري: انها بشرى للشهداء الذين ضحوا بأرواحهم في سبيل تحرير وطنهم وهنيئا لهم مصاحبتهم الصديقين والنبيين يوم الدين.