قوة الإيمان لا تقاس بالسن، والشجاعة والتضحية لا تعترف بالجسم، فكم من كبير سمين لا يزن عند الله جناح بعوضة وكم من نحيف صغير تتزين السماء لاستقباله في جنات النعيم.
ومعنا اليوم هذا العملاق الصغير، نحيف الجسم، الذي لم يتجاوز السادسة عشرة من عمره يوم نفر المسلمون مع قائدهم الأعلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يريدون بدرا، وقد فوجئ به الرسول صلى الله عليه وسلم وهو يتفقد الجيش وهذا الصبي يقف في المقدمة.
وقف عمير اخو سعد بن ابي وقاص في مقدمة جيش بدر وهو يطاول وقفته حتى يكبر في عين قائده، وحين احس برسول الله صلى الله عليه وسلم يقترب منه اخذ يتوارى بين الجنود خوفا من ألا تتحقق امنيته بالشهادة في سبيل الله، وبالفعل رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم واستصغر سنه ونحافة جسمه، ونحاه بلطف عن الصف، لكن عميرا لم يتراجع عن عزمه وألح على رسول الله صلى الله عليه وسلم ان يأذن له بالمشاركة في القتال فرده رسول الله فإذا بالدمع يتساقط من عيني عمير، فرأى ذلك الإصرار والحزن على وجه الصبي فأجازه وأذن له أن يقاتل.
واقترب سعد من اخيه عمير بن ابي وقاص كي يربط له حمائل سيفه ويشدها عليه بعد ان كادت تسقط من على كتفه لصغره ونحافته، وينطلق عمير الصغير ويقاتل المشركين قتالا لا تقدر عليه صناديد الرجال، وتتكالب عليه السيوف من كل جانب ثم لم يلبث ان غدر به العاص بن سعيد فأراده شهيدا في سبيل الله ليكون اصغر الشهداء في يوم بدر.