ليلى الشافعي
مقابلة الفرقان مع الشيخ عبدالله آدم الألباني
وكان لنا هذا اللقاء مع الشيــخ عبدالله آدم ابن آخ العلامة الالباني للوقوف على جانب من حياته.
في البداية نود ان تحدثنــا عـــن الشيــخ محمد ناصر الدين الالباني بصفتك ابــن اخيــه؟
٭ الشيـــخ محمــد ناصر الدين الالباني هو من مواليد مدينة شكودار في شمال البانيا، وعاش فيها مدة ثلاث عشرة سنة مع والده، اذ كان والده اماما لمسجد من المساجد هناك، وكان عالما من علماء المذهب الحنفي، وفي بدايات هذا القرن هبت رياح الحرية كما يزعمون على البلاد التي كانت تحت سيطر الدولة العثمانية ومنها البانيا، فقام الملك احمد زوغو بالعمل على استقلال هذه الدولة عن الدولة العثمانية، وكان له ما اراد، ولم يقتصر الامر على الاستقلال هذه الدولة عن الدولة العثمانية فقط، وانما تعداه الى تغريب الدولة، والاخذ بها في طريق الدول الغربية الكافرة، فألزم الناس مثلا بلبس القبعة الغربية، وايضا الزمهم بأن يؤذنوا باللغة الالبانية بدلا من العربية، وهنا شعر والد الشيخ واسمه (نوح) بخطورة الامر، وانه لا يقف عند هذا الحد، فسار يجمع حاجاته لاجل الهجرة، فسألــه الناس هناك: ياشيخ نوح أتخشى على نفســك من الكفر؟ قال: لا اخشى على نفسي، ولكن اخشى على اولادي من الكفر، وهكذا جمــع متاعه وحاجاته المهمة وركب البحر قاصدا بلاد الشام، فنزل بيروت ثم من بيروت الى الشام، واختار الشام من بين سائر البلاد مع ان مكة والمدينة اشرف منها، لكنها كانت موافقة لمناخ البانيا، وهناك ايضا اصبح راعيا لمسجد من مساجد الشام، وافتتح دكانا لاصلاح الساعات، لانه كان قد تعلم هذه المهنة في فيينا – عاصمة النمسا.
لماذا هاجر الشيخ من الشام قاصدا الاردن؟
٭ في اوائل 1960 كان الشيخ يقع تحت مرصد من الحكومة، وقد سبب له ذلك، نوعا من الاعاقة، واستمر هذا الوضع حتى اواخر عام 1970، ثم فكر الشيخ في الهجرة الى الاردن – عمان – بعد ان كان قد مهد لذلك واستقر به المقام في الاردن، لاسيما ان هناك حرية نسبيـــة، مما اعطى الشيخ فرصة ليجتمع بطلبة العلــم، وظهر له تلاميذ ولهم الآن العديد من المؤلفات.
من المعـــروف عــــن الشيـــخ انـــه كان بعيدا عن السياسة فهل تعرض الشيــخ للاعتقال؟
٭ تعرض الشيخ للاعتقال مرتين، الاولى كانت قبل 67 حيث اعتقل لمدة شهر في نفس القلعة التي اعتقل فيها شيخ الاسلام (ابن تيمية) قلعة دمشق، وعندما قامت حرب 67 رأت الحكومة ان تفرج عن جميع المعتقلين السياسيين، ولكن بعدما اشتدت الحرب عاد الشيخ الى المعتقل مرة ثانية، ولكن هذه المرة ليس في سجن القلعة، بل في سجن الحسكة شمال شرق دمشق، وقد قضى فيه الشيخ ثمانية اشهر، وخلال هذه الفترة حقق مختصر صحيح مسلم للحافظ المنذري واجتمع مع شخصيات كبيرة في المعتقل.
نقاط يسيرة من سيرة عطرة للشيخ الالباني مع الحديث النبوي الشريف
بقلم: زهير الشاويش
اكثر من ستين سنة امضاها في جد واجتهاد شيخنا محمد ناصر الدين الالباني، مع السنة المطهرة وحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم باحثا في المتون، ومخرجا الفروع على الاصول، ومحددا للرواة الصادقين، ومفرقا بين الساهين والمدلسين، ومقارنا الروايات المتعددة وجامعا ما تفرق منها حتى غدت تحقيقاته المرجع الاول في عصرنا لكل مطلع وباحث ودارس.
بدأ مـــن مجلة المنار للشيخ محمد رشيد رضا – رحمــه الله – عندما اطلع فيها على ان الاحاديث حتى تقبل ويعمل بها، وتصلح للوعظ والارشاد، يجب ان تكون نسبتها صحيحة واصلة للنبي صلى الله عليه وسلم بالسند المتصل.. بعيدة عن العلل والشذوذ.
ومنـــذ ذلك اليوم حتى ساعة وفاته لم يقف ساعة عن العمل الذي اختص به من تصحيح وتصنيف كل حديث يمر به، وما اجله او توقف عنده، كان يعود اليه مرات ومرات، وكان من نتيجة ذلك هذا الكم الهائل من صحاح الاحاديث، وضعافها، وتنقية السنة من كل دخيل او مكذوب.
والحق يقال: ان الشيخ ناصر الديــن كــان ابرز علماء الدعاة الى السلفية في كـــل معانيهــا ببلاد الشام، وبعد ان انتشرت كتبه بالطباعة، وتلاميذه في الاوساط العلمية، اصبح المرجع الاول لكثير من المسلمين، وكل طلاب العلم والمتعبدين.. وبجهده واخوانه وعدد من اهل العلم انتشرت السلفية في اوساط اكثر واوسع حتى غدت سمة العصر، ودخلها وعمل معها العديد الكبير من دعاة الاسلام، حتى لم نعد نسمع خطبة جمعة الا ويحاول الخطيب احالة الاحاديث فيها الى مصدر موثق.. وهذا الامر لم يكن معروفا من قبل مطلقا منذ عصور.
واصبح للسلفيين وجود في المجتمــع، وحضور في لقاءات العلماء، ودخـــول فـــي الانتخابات العامة، وفي التدريس الرسمــي فــي المعاهد والكليات، وفي كل يوم توجد شهـــادات للماجستير، او الدكتوراه في فروع الحديـــث النبوي، واما الكتب المؤلفة في ذلك فلا سبيــل لحصرها، واغلبها اعتمد في تخريجه على الشيــخ الالباني، وحتى في الاعداد للجهاد في فلسطيني، وقد اعد الشيخ ناصر نفسه لمقاومة الاستيطان الصهيوني، وكاد يصل الى فلسطين لولا المنع الحكومي للمجاهدين.
واستمر مجدا مجتهدا في عمله الذي امضاه في المكتبة الظاهرية بدمشق، والمكتب الاسلامي، ثم في داره بعمان على نفس الوتيرة، وبارك الله في عمله طوال حياته التي قاربت التسعين عاما.
واننا نحتسبه عندك يا الله، وانت ارحم الراحمين.