- القطان: اعتداء على أرواح وممتلكات الناس وجور وظلم لا يقره الإسلام
- المسباح: لا يجوز شرعاً التساهل مع المخالفين لأنه تعاون على الإثم والعدوان يترتب عليه مفاسد كبيرة
- النجدي: القيادة بسرعة وتهور قتل للنفس وانتحار والالتزام بقواعد السير خلق يوافق الأخلاق الحسنة التي أُمر بها المسلم
تشير الإحصائيات لحوادث السيارات من دهس وتصادم التي صدرت عن وزارة الداخلية الى خطر كبير وشر مسيطر ناتج عن استهتار البعض أو وقوع البعض الآخر في أخطاء كبيرة كعدم التقيد بقواعد المرور وزيادة السرعة عن المعدل الطبيعي، مما نتج عنه الكم الهائل من القتلى والمصابين أو الخسائر المادية الفادحة التي تترتب على هذه الأخطاء عن الحدود الشرعية لمثل هذه الأخطاء وتجنب الوقوع فيها حيث تعرض أرواح الناس للتهلكة وأموالهم للتلف، وفيما يلي نتعرف على آراء الدعاة:
الإشارة الحمراء
عن الحكم الشرعي لمن يتجاوز الإشارة الحمراء قال د.ناظم المسباح مستشهدا بقوله الله تعالى (وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا..) ويستطرد: ان الإسلام دين الله الكامل الذي نظم كل شؤون الحياة حتى في تحديد معالم مشية أتباعه الحقيقيين: (يمشون على الأرض هونا) أي وسطا واعتدالا، وأخبر الرسول صلى الله عليه وسلم في قوله: «أعطوا الطريق حقه» أن من أعظم حقوق الطريق عدم إيذاء الآخرين في أبدانهم أو أموالهم أو أعراضهم، مشيرا إلى أن قوانين المرور تتفاوت في أهميتها، وقال: يجب على المسلم التقيد بها لأن في ذلك تحقيقا للمصلحة العامة للجميع، كما ان فيها طاعة لولي الأمر، الذي أوجب الله سبحانه طاعته فقال تعالى: (وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) «59 النساء»، وقال صلى الله عليه وسلم: «من أطاع أميري فقد أطاعني..».
أضرار خطيرة
وأضاف أنه إذا جاز التساهل في بعض قوانين المرور ـ وهذا لا يحل ـ فلا يجوز التساهل في تخطي إشارة المرور الحمراء، وذلك لما يترتب عليها من سفك للدماء، واتلاف للمال، ورعب للآخرين، واتلاف لممتلكات الدولة، ونصوص الشرع التي تدل على حرمة ذلك كثيرة منها: قال صلى الله عليه وسلم: «أول ما يقضى بين الناس يوم القيامة في الدماء» (البخاري ومسلم عن ابن مسعود)، وقال سبحانه: (ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله إلا أن يصدقوا..)، إلى قوله: (فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين توبة من الله وكان الله عليما حكيما) «93 النساء»، وقال صلى الله عليه وسلم: «لا ضرر ولا ضرار».
دماء المسلمين
وزاد: والأضرار التي تحدث من تخطي إشارة المرور الحمراء خطيرة، وفي هذا معصية لنبي الإسلام صلى الله عليه وسلم، حيث قال صلى الله عليه وسلم: «إن أموالكم وأعراضكم ودماءكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا»، وقال سبحانه: (ولا تقتلوا أنفسكم ان الله كان بكم رحيما) فلا يحل للمسلم ان يوقع نفسه في مهاوي الردى وهو مؤتمن على حياته.
والنصوص في هذا كثيرة مما سقناه نخلص الى ان دماء الناس وصونها يجب على المسلم ان يحرص عليها، وفي تجاوز الاشارة الحمراء أو مخالفة النظم المرورية تعد عليها، كما انه يجب على المسلم ان يحافظ على نفسه ولا يصح تعريضها للهلاك والأذى، وكذلك فان أموال الناس لها حرمة ولا يصح اتلافها، وفي تعدي الإشارة ومخالفة المرور قد يحدث اتلافها، كما ان تخويف الناس وارعابهم حرام، وهذا يحدث في تعدي الاشارة الحمراء او السير عكس الاتجاه المحدد او السرعة، فعلى الجميع ان يتقي الله في نفسه وفي اخوانه وفي اموال الناس، وان يتركوا التهور في قيادة السيارة حتى يأتي باسباب السلامة لنفسه ولغيره.
من صور الانتحار
الداعية الإسلامي احمد القطان يتساءل: كم من لحظة تعجل دفع الانسان ثمنها باهظا من الندم والحسرة والانتظار؟ واكد ان اشارات المرور التي تنظم السير في الطرقات هي من الأمور الواجبة التي أمرنا الله ورسوله بالأخذ بها والحفاظ عليها وعلى قواعدها التي تضمن ضبط السير بلا حوادث قتل او دهس او تحطيم واهلاك للانفس والأموال، لكن مع الأسف الشديد ظهر في الآونة الأخيرة استهتار من البعض بها بالرغم من العهد الذي أخذه الله على المؤمنين في قوله تعالى: (واذ أخذنا ميثاقكم لا تسفكون دماءكم)، ومع ذلك جاوز الاشارة الحمراء الكثيرون مما يعد صورة من صور الانتحار او صورة من صور القتل العمد لانه يعرض نفسه للموت كما يعرض الغير للموت بحادث مروري مروع، فتتمزق الأشلاء ويتيتم الاطفال ويحرم الانسان من العودة الى أهله سالما وهم الذين ينتظرون قدومه ويفرحون برؤيته، فتعم النكبات والاحزان في بيوت الناس.
واشار الداعية القطان في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم في وصيته الخالده وهو يوصي المسلمين «اعطوا الطريق حقه..» وفي هذه الكلمات من السلامة والوقاية والحماية والله به عليم حيث انها تضم صورا عديدة لا تحصى ولا تعد من الأمن والأمان، ويدخل في اطارها الحفاظ على عدم تخطي إشارة المرور الحمراء او الصفراء، وان على الانسان التريث وعدم الاستعجال فكم من عجلة تتبعها ندامة وحسرة ودفع صاحبها ثمنا باهظا ولو تحمل الانتظار لدقيقة او دقيقتين لما تكبد كل تلك الخسائر.
من المصالح المرسلة
واضاف، ان المسلم الذي يسير في الشارع بسيارته ويجد الاشارة قد اضاءت اللون الاصفر او الاحمر لا يحل له شرعا ان يتخطاها او يتعداها لان ذلك انتقاص من حقوق الغير وجور وظلم لا يقره الاسلام بل هو سلب لحقوق الآخرين وتعد عليها والله سبحانه لا يحب المعتدين ولا يحب الظالمين، وهذه من حدود الله التي يبينها ولي الأمر ويحددها لتنظيم شؤون الحياة، ومن المعلوم ان اي صورة من صور العدل والحماية والتنظيم هي من شرع الله حتى وان لم يكن فيها دليل لانها من المصالح المرسلة.
ضحايا
وقال الشيخ القطان، وكما يعلم الجميع فان الاحصاءات الاخيرة لحوادث المرور والخروج على الاشارات زاد فيها عدد الضحايا على اعداد القتلى في الحروب والمعارك، ومن يدخل المستشفيات ير من المناظر المؤلمة الكثير والكثير، وذلك بسبب متهور خرج على اشارة المرور الحمراء فتسبب في حادث، وكم من أسر نكبت في عائلها او ابنها او عزيز عليها، وبتنا نسمع في كل يوم عن مأساة جديدة لأسرة.
وأوصى الداعية القطان الناس عامة والمسلمين خاصة بأن يلتزموا بهذا النظام وذلك بالتوقف عند الاشارة الحمراء وارتداء حزام الامان وعدم تخطي السرعة المقررة، موضحا انها اسباب نتعبد بها الله عز وجل ونحافظ على انفسنا بها حيث انه سبحانه وتعالى قال: (ولا تقتلوا أنفسكم ان الله كان بكم رحيما)، وقال: (ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة) لعل الله يمن علينا وعلى المسلمين بالسلامة والأمن والايمان، انه ولي ذلك والقادر عليه.
آداب
ويتفق الداعية د.محمد الحمود النجدي مع د. المسباح والداعية القطان من ان التقيد بقواعد المرور هو طاعة لله وللرسول وكذلك لأولي الأمر الذين نظموا هذه القواعد، وفي مخالفتها مخالفة لهم، وقال: ان التزام المسلم بقواعد المرور وآدابه واجب بوجوه كثيرة، منها ان فيه حفظا للنفس وهو من الضروريات الخمس التي جاءت الشريعة بالمحافظة عليها وهي: النفس والعقل والمال والعرض والدين، كما ان اهمال قواعد المرور وآداب السير يؤدي في كثير من الاحيان الى الموت والوقوع في هاوية قتل النفس المعصومة وهذا من الكبائر الذنوب لقوله تعالى: (والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق آثاما يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيها مهانا إلا من تاب..) وقال صلى الله عليه وسلم: «لا يزال الرجل في فسحة من دينه ما لم يصب دما حراما».
والقيادة بسرعة وتهور قتل للنفس وانتحار، وقد توعد الله تعالى فاعل ذلك فقال: (ولا تقتلوا انفسكم إن الله كان بكم رحيما ومن يفعل ذلك عدوانا وظلما فسوف نصليه نارا وكان ذلك على الله يسيرا)، وقال صلى الله عليه وسلم: «من قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يتوجأ بها في بطنه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها ابدا».
ضرورة الالتزام
وحول وجوه وجوب الالتزام بقواعد المرور قال د.النجدي: كما ان الالتزام بنظام السير وقواعده طاعة لولي الأمر فقد أمرنا تعالى بطاعته فقال: (يأيها الذين آمنوا اطيعوا الله واطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم)، وقال صلى الله عليه وسلم: «ان الله يرضى لكم ثلاثا، ان تعبدوه ولا تشركوا به شيئا، وان تناصحوا من ولاه الله أمركم»، وقال صلى الله عليه وسلم: «الدين النصيحة، قلنا لمن؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم»، والنصيحة لهم تكون بطاعتهم وعدم مخالفتهم وعصيانهم وابداء المشورة النافعة لهم، وكذلك فان الالتزام بقواعد السير خلق يوافق الاخلاق الحسنة التي أمر الله تعالى بها عباده المؤمنين في كتابه وعلى لسان رسولنا فقال تعالى: (وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا) أي مشيا هينا رقيقا في تؤدة وسكينة، وقال على لسان لقمان الحكيم في وصيته لابنه «واقصد في مشيك» اي ليكن مشيك قصدا بين التهور والعجلة، وجعل النبي صلى الله عليه وسلم اماطة الأذى عن الطريق أي إبعاد ما يؤذي الناس في طرقاتهم من شعب الايمان، وكثير من الناس يفضل نفسه ويؤثرها على اخوانه من المسلمين فيتخطى الاشارة الحمراء ويأخذ حق غيره في المرور لان الطريق ليس له وانما لأخيه وقد يكون صاحب شغل وعجلة اكثر منه، وقد وصف الله تعالى أصحاب نبيه صلى الله عليه وسلم بانهم «يؤثرون على انفسم ولو كان بهم خصاصة» فكان الواحد منهم يؤثر أخاه بالشيء وهو محتاج اليه.
واخيرا لنتق الله تعالى في جميع امورنا ولنتذكر اننا محاسبون على كل أفعالنا.