من إعداد: ليلى الشافعي
لم يكن لاهل مكة من المناهل الا المسايل يجود بها المطر احيانا وبعض الآبار التي تفيض آنا وتجف آنا، اما الحجاج فكانوا يحتملون من قرب الماء ما يؤدهم وقد اخذ بقلب السيدة زبيدة زوجة الرشيد ما علمت في حجها من ان راوية الماء تباع بدينار، وان الفقير انما يتبلغ بما يتساقط من قطرات الغني، فاعتزمت ان تحفر لآل مكة ولقاصد البيت الحرام نهرا جاريا، فيصل بالماء وبمساقط المطر مهما بلغت نفقاته، دعت خازن اموالها وامرته بأن يدعو المهندسين والعمال من اطراف الارض ليحفروا النهر، فاستعظم خازنها الامر، وما سيستنفد من المال فيه، فقالت له كلمتها الخالدة: اعمل ولو كلفتك ضربة الفأس دينارا، فأذعن وساق الى مكة اهل الكفاية من كل مهندس وعامل، فأخذوا يصلون منابع الماء في الجبل ويظاهرون ذلك بما يحتفرون من الآبار وما يعمقون من المسايل ثم يغلغلون ذلك بين اعطاف الصخور تارة وفي اعماق الارض طورا حتى ينتهي ذلك الى النهر الذي احتفروه في ممر بين الصخور، وسموه «بئر زبيدة»، ومن هناك يسير الماء في فرعين يذهب احدهما الى عرفات وينتهي الآخر الى مسجد نمرة، وزرع حولهما الزهر والثمر.