يقولون: «الوقاية خير من العلاج» ومنع اسباب المرض افضل من علاجه بعد ان يقع، ولذلك ورد في الحديث «المعدة بيت الداء والحمية رأس الدواء» فحتى لا يقع الخلاف المذموم بين الناس لابد من مراعاة اصول الحديث والاستماع والاخذ والعطاء، كما انه من الضروري معرفة ما يجوز وما لا يجوز فيه الخلاف، ووجود الحوار في الناس امر لا مفك منه، وفوائده يحتاج إليها الداعية في طريقه كالمسافر لحديث رفيق السفر من اجل قطع الملل، ورفع الضجر، وتهوين البعد، قال سليمان بن عبدالملك بعد ان عدد عظيم نعم الله عليه وما هو فيه من ملك قال: «وما انا اليوم الى شيء احوج مني الى جليس يضع عني مؤونة التحفظ، ويحدثني بما لا يمجه السمع، ويطرب اليه القلب، ولهذا الامر سنتحدث عن الحمية التي تمنع وقوع الاختلاف في الحوار من خلال:
اتباع أصول الحوار الصحيح
بدء الحديث والحوار بمواطن الاتفاق وذلك من أجل أن يتحقق في الحوار الهدوء والاتزان وإصابة الهدف، وفتح آفاق الاتفاق والتلاقي، والابتعاد عن تغير القلوب وتشويش الخواطر، والتقليل من روح التحفز في الرد والتتبع للثغرات والزلات، والاكثار من كلمة نعم والابتعاد عن كلمة لا.
ويجب سلوك الطرق العلمية في الحوار والتزامها عبر تقديم الادلة المثبتة للدعوة، وصحة النقل في الامور المنقولة.
من صور التناقض في الحوار
وصف فرعون لموسى عليه السلام بقوله، كما حكاه القرآن الكريم (ساحر أو مجنون) فالسحر الذي يتطلب الفطنة والذكاء لا يجتمع مع الجنون.
نعت الكفار لآيات النبي صلى الله عليه وسلم بأنها سحر مستمر (وإن يروا آية يعرضوا ويقولوا سحر مستمر) وهذا تناقض فالسحر لا يكون مستمرا، وقبل البدء بالحوار لابد من الاتفاق على المسلمات العقلية الثابتة نحو، حسن الصدق، قبح الكذب، شكر المحسن، معاقبة المذنب، وكذلك الاتفاق على المسلمات الدينية، الايمان بربوبية الله وعبوديته، اتصاف الله بصفات الكمال، وجوب الحكم بما انزل الله، وجوب حجاب المرأة، حرمة الزنا والخمر والربا، التجرد وقصد الحق والبعد عن التعصب في الحوار: قال الامام ابوحامد الغزالي «التعاون على طلب الحق من الدين، ولكن له شروط وعلامات، منها ان يكون في طلب الحق كناشد ضالة، لا يفرق بين ان تظهر الضالة على يده او على يد معاونه، ويرى رفيقه معينا لا خصما، ويشكره اذا عرفه الخطأ وأظهره له.
وأن يكون المحاور متأهلا علميا للحوار: فمن المعروف ان الجاهل بالشيء ليس كفؤا للعالم به، قال تعالى حكاية عن ابراهيم عليه السلام (يا أبت إني قد جاءني من العلم ما لم يأتك فاتبعني أهدك صراطا سويا).
وضوح قطعية النتائج ونسبيتها عند المتحاورين: فمن المقرر ان الرأي الفكري نسبي الدلالة على الصواب او الخطأ والذين لا يجوز عليهم الخطأ هم الانبياء عليهم السلام فيما يبلغون عن ربهم سبحانه، وما عدا ذلك فيندرج تحت المقولة المشهورة، رأيي صواب يحتمل الخطأ، ورأي الآخر خطأ، يحتمل الصواب. الرضا والقبول بالنتائج التي يتوصل إليها المتحاورون والالتزام الجاد بها، وبما يترتب عليها، والاخذ بوسائل الحوار والجدل والتي منها: الطرق المنطقية، والقياسات الجدلية من المقدمات والمسلمات، مع الاستفادة بمسببات نجاح الحوار.
بقلم د.جاسم مهلهل الياسين