فايز الديحاني
أيها الإخوة والأخوات.. هيجت في نفسي مشاعر الوجل والخوف من الوقوف بين يدي الله تعالى، ولو تفكر العاقل ذو اللب، في النفوس البشرية وما لها وما عليها، من حساب وعقاب، وجنة ونار، لبعث حزنها بريد دمها إليها، أخي الفاضل وأختي الفاضلة، إن البكاء من خشية الله، سمة من سمات الصالحين أولي الألباب وعلامة من علامات أهل القلوب الصافية الزكية، فقد امتدح الحق جل جلاله، أهل القلوب النقية، وذم وقبح أضدادهم من أهل القلوب الفاجرة من أهل الزيغ والضلال، فقال (أفمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله أولئك في ضلال مبين، الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله ذلك هدى الله يهدي به من يشاء ومن يضلل الله فما له من هاد، أفمن يتقي بوجهه سوء العذاب يوم القيامة وقيل للظالمين ذوقوا ما كنتم تكسبون) الزمر 22 ـ 24. وقال صلى الله عليه وسلم: «لا يلج النار رجل بكى من خشية الله حتى يعود اللبن في الضرع» رواه الترمذي (1633) والنسائي (3108). وصححه الألباني.
وأحسن من قال:
بكيت على الذنوب لعظم جرمي
وحق لمن عصى مر البكاء
فلو أن البكاء يرد همي
لأسعدت الدموع مع الدماء
وهنا تنبيه مهم أخي الكريم، وأختي المباركة، ان البكاء ليس مطلوبا لذاته، وإنما هو علامة من علامات الخشية والورع والصدق مع الله، فالعين تتبع القلب، فإذا رق القلب دمعت العين ومما يؤثر عن سلفنا الصالح، فعل عبدالله بن عمر رضي الله عنه، كان يطفئ المصباح، بالليل ثم يبكي حتى تلتصق عيناه، وقد كان أبو يونس بن عبيد يقول: «كنا ندخل على الحسن فيبكي حتى نرحمه». فهذا هو حال سلف الامة ممن عرف الله حق المعرفة، عرفوا أن هذه الدموع لها أثر عظيم على القلب. فلتجرب اخي الكريم واختي الكريمة ان تختلي بنفسك في ظلمة الليل، وأن تبث هذه الهموم لعلام الغيوب، وأن تتفكر فيما أسرفت على نفسك فيه من المعاصي التي ارهقتك، فيا قاسي القلب، هل بكيت على قسوة قلبك، ويا سيئ الأعمال نح على خطيئتك. عسى الله أن ينفعني بها وإياكم وأن تكون زادا (يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم) الشعراء 98 ـ 89.