- وجهات نظر دول «التعاون» تجاه مواجهة إيران غير موحدة
- 67 مليار دولار تنفقها السعودية على شراء أسلحة من أميركا بسبب غياب الثقة مع إيران
- للدول الخليجية مخاوف إزاء أقلياتها الشيعية من أن تتحول لخدمة مصالح إيران
- العراق مدخل إيران الإقليمي ونقطة الانطلاق نحو الضفة الثانية من الخليج العربي
بيان عاكوم
«الاستراتيجية الايرانية وتأثيراتها في مجلس التعاون الخليجي»، هذا هو عنوان كتاب لمديرة مركز الدراسات الحضارية وحوار الثقافات في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية من جامعة القاهرة د.باكينام الشرقاوي والذي صدر عن مركز الدراسات الاستراتيجية والمستقبلية في ابريل الماضي.
ويتألف الكتاب من اربعة محاور، حيث ركزت الكاتبة من خلاله على بحث الاستراتيجية الايرانية وتأثيراتها في دول مجلس التعاون الخليجي، مشيرة الى مجموعة من المتغيرات التي تتحكم في تحديد مسار العلاقات بين دول مجلس التعاون الخليجي وايران والتي غلب التوتر على الهدوء فيها ساردة مصادر هذا التوتر والذي ارجعته اولا الى المتغير التاريخي والجغرافي وما تتمتع به ايران من مقومات جغرافية وتاريخية ككثرة عدد سكانها ومساحتها وتمتعها بوفرة من الثروات الطبيعية، الى جانب توافر النفط والغاز، لافتة الى ان هذا ما جعل الايرانيين يعتقدون على الدوام انهم الاكثر قدرة من غيرهم في المنطقة، وبينت الكاتبة ان هذه المقومات التي تتمتع بها ايران جعلها تمثل تهديدا لجيرانها وتحديا محتملا لنفوذهم خصوصا في ظل نظامها السياسي الذي يجسد نموذجا تتحفظ دول الجوار على كثير من منطلقاته، هذا الى جانب كونها دولة شيعية بالقرب من دول سنية توجد فيها أقليات شيعية.
وأكدت الكاتبة على ان هذه كلها أسباب تدعو الى التوجس والشك والتخوف من إيران، كما أشارت ايضا الى ان من أسباب التوتر بين الجانبين الملف النووي الإيراني وتداعياته، وعدم التوازن الاستراتيجي بين الخليج وإيران، حيث أوردت الكاتبة ان حجم القوات العسكرية العاملة لدى مجلس التعاون الخليجي مجتمعة 352 ألفا مقارنة بـ 545 ألفا لدى إيران.
تباينات دول الخليج تجاه إيران
هذا الى جانب إشارتها للتباينات والخلافات البيئية داخل دول الخليج تجاه إيران حيث رأت الكاتبة ان هناك اختلافا في وجهات النظر من قبل دول الخليج تجاه إيران حيث انها ليست موحدة في ردها وليست راغبة في مواجهة ايران.
الدور الأميركي في المنطقة
وتطرقت الشرقاوي في كتابها الى الدور الأميركي مشيرة الى ان منطقة الخليج تعيش بين سندان التهديد الإيراني ومطرقة الضغط الأميركي، مشيرة الى الوجود الأميركي في المنطقة والذي تجسد عقب الغزو العراقي للكويت وتتضمن المنطقة قواعد عسكرية أميركية، الى جانب بدء أربع دول خليجية هي الكويت والبحرين وقطر والإمارات، حوارا استراتيجيا حول القضايا الأمنية مع حلف الناتو وفق مبادرة اسطنبول للتعاون، يعتبر ذلك نهجا يتعارض مع الرؤية الإيرانية لأمن الخليج التي يجب ان تعتمد على دول المنطقة الثماني المطلة على الخليج.
تصريحات إيران المعادية
ورأت الكاتبة ان من ضمن الامور التي تؤدي الى توتر بين «الخليجي» وايران هو الخطاب الايراني والتصريحات المعادية التي تثير حفيظة وانتقادات دول الخليج، لافتة الى ان هذه الخطابات اثرت في مسار العلاقات الخليجية ـ الايرانية على المستويين الرسمي وغير الرسمي، مؤكدة على ان تناقض الخطاب الايراني كان وراء الشد والجذب الذي تشهده العلاقات الخليجية ـ الايرانية.
وتحدثت الكاتبة عن الحقبات التي مرت بها ايران تجاه الخليج، مشيرة الى انه في عهد الامام الخميني سادت تصريحات داعية لاسقاط النظم الخليجية المتحالفة مع اميركا، ثم فترة هاشمي رافسنجاني والذي سجل تحولا مهما في السياسة الخارجية الايرانية والتي تحولت من العداء الى التعايش مع دول الخليج.
كما تحدثت عن وصول الرئيس الايراني احمدي نجاد للسلطة وتأثيره في الاستراتيجية الايرانية عبر عودة المحافظين المتشددين تجاه دول الخليج.
العراق.. مدخل إيران الإقليمي
وخصصت الكاتبة جزءا للحديث عن العراق تحت عنوان «عراق ما بعد صدام.. مدخل ايران الاقليمي»، وهذا العنوان يختصر ما ارادت الكاتبة ايصاله من تعاظم النفوذ الايراني في العراق والذي يعده ساسة ايران نقطة الانطلاق نحو الضفة الثانية من الخليج العربي.
ورأت ان دول الخليج وعلى رأسها السعودية وقفت على رأس الدول الخليجية لموازنة النفوذ الايراني في العراق.
وكانت الكاتبة قد بينت ضعف واشنطن في العراق حتى سمح لايران ان تصل الى ان تفاوض واشنطن على وجودها في العراق، لافتة الى ان انتخابات عام 2010 العراقية اثبتت عجز واشنطن وبدا عليها نوعا من الاستسلام للتحركات الايرانية.
إيران واليمن
وبعد الحديث عن التأثير الايراني في العراق، تحدثت عن تأثيره في اليمن، مشيرة الى ان ايران تدعم القاعدة والمتمردين الحوثيين بهدف السيطرة على المنطقة الممتدة على طول الحدود السعودية.
ولفتت الكاتبة الى ان هذه رسالة من ايران للدول المجاورة انهم قادرون على نشر الفوضى داخل الدول العربية اذا ما شعرت ايران انها استفزت او اذا شعرت ان الضغوط تتزايد عليها من الغرب واسرائيل بسبب برنامجها النووي، موضحة ان ايران استغلت المشاكل في اليمن وضعف السلطة لتحويله الى معركة بالوكالة بين الفرس والعرب.
الملف الطائفي
«الملف الطائفي» خصصت الكاتبة جزءا لا بأس به للحديث عن الطائفية والطوائف الموجودة في الخليج بالتحديد الطائفة الشيعية، حيث بينت انهم يتواجدون بنسب متفاوتة ويحظون بمكانة في النواحي العامة سواء في البحرين أو الكويت حيث استفادوا من الانفتاح السياسي، مشيرة الى ان مطالبهم تتراوح بين التمثيل النيابي وحكم ذاتي في مناطق وجودهم كأغلبية.
وكانت قد فرقت الكاتبة بين الولاء والانتماء، لافتة الى ان تعددية الانتماء لا تتناقض مع أحادية الولاء، حيث يجب التمييز بين السياسي والمذهبي ومن الممكن مثلا ان يتظاهر الشيعة دعما لشيعة أيضا في دولة معينة، ويكون هدفهم ليس مناصرة الطائفة وإنما الموقف نفسه.
ولم تغفل الشرقاوي في كتابها مخاوف الأنظمة الخليجية إزاء أقلياتها الشيعية من ان تتحول لخدمة مصالح إيران.
وأخيرا تحدثت الكاتبة عن الأبعاد الاستراتيجية الإيرانية والتي أهمها الملف النووي إلى جانب الأبعاد العسكرية والاقتصادية.
الملف النووي
وبالنسبة للملف النووي الإيراني رأت الكاتبة ان هذا الملف موجه للولايات المتحدة الأميركية وليس الخليج في الوقت الذي توظف فيه واشنطن مخاوف هذه الدول ضد ايران، وتصنيفها كمصدر خطر للمنطقة يفيد المصالح الغربية، لأن من شأنه الحفاظ على التوافق الضمني بين الأنظمة المحافظة العربية وإسرائيل بريادة أميركية، وتثبيت التبعية الأمنية والاقتصادية للغرب وأميركا.
وقالت الكاتبة ان تبريرات إيران انه للاستخدام السلمي ولكن تسود قناعة خليجية بأن ايران تسعى للسلاح النووي، وفي حال حازته فسيعزز قدراتها التفاوضية ومكانتها الاقليمية.
إنفاق عسكري خليجي باهظ
ورأت ان تكلفة غياب الثقة باهظة، متحدثة عن حجم الانفاق العسكري لدول الخليج، مشيرة الى ان المملكة العربية السعودية ستستأثر بما قيمته 67 مليار دولار لشراء أسلحة من أميركا من ضمن ذلك شراء 85 مقاتلة، ونسبت الى مصدر سعودي قوله ان الهدف السعودي من التسلح هو توجيه رسالة الى الإيرانيين بأن لدى السعودية تفوقا جويا كاملا.
اما بالنسبة للأبعاد الاقتصادية فذكرت الكاتبة ان الإمارات تربطها مع إيران تعاون اقتصادي كبير، مشيرة الى ارتفاع حجم صادرات الإمارات الى إيران والعكس. اما قطر برأيها تتميز عن باقي دول الخليج بعلاقات استراتيجية مع إيران، خصوصا مع دخولهما نادي «أوبك للغاز» والتي تعد إيران وقطر اضافة الى روسيا ابرز اقطاب هذا الحلف.
وخلصت الكاتبة الى انه بالرغم من ارتباط ايران ومجلس التعاون الخليجي بعلاقات اقتصادية قوية فإن العلاقات السياسية ليست كذلك، وترى ان الحل يكمن في بناء استراتيجية اقليمية ذات ملامح واضحة واتباع نهج ديبلوماسي فعال مع إيران، والسعي الى تطوير علاقات طبيعية مع طهران، مشيرة الى ان الأمر يعتمد على مدى تقبل الولايات المتحدة الأميركية لمثل هذا التوجه حيث تقبلها يعتبر عاملا محوريا لإنجاح مثل هذا السيناريو.