- بدأت جمع التحف من عمر 12 سنة وزرت مزادات أرياف لندن لرخص ثمنها وسافرت إلى بريطانيا 42 مرة اشتريت خلالها مواد وتحفاً تملأ 7 كونتينرات من الأثاث والزجاج والبنادق والكريستال
- التحقت بالكلية الصناعية قسم التكييف والتبريد وكنت أذهب يومياً بالباص وبعد سنة اشترى لي والدي سيارة «فوكصول» وأحد الطلبة صنع طائرة هيليكوبتر ووضع فيها ماكينة سيارة فولكس
- كنت أشاهد السفن الشراعية وأمارس السباحة في النقعة والوالد كان يضربني ويخوفني من «حمارة القايلة»
- أذكر أني كنت ألعب مع أبناء الفريج الألعـاب الشعبية مثل الدوامة والتيلة
- بعض الطلبة في المرحلة المتوسطة كانوا يدخنون السجائر وكنت آخذ معي الفخ و«ننحاش» من المدرسة إلى مزارع السالمية أيام الربيع والشتاء
- العمل في وحدات الكبريت بالشعيبة لم يكن مرغوباً فيه بسبب الرائحة والتأثير على العين وشعر الرأس لكني قاومت كل الظروف الصعبة واستمررت حتى التقاعد
- مارست رياضة ألعاب القوى هاوياً ومحترفاً في مدرسة ونادي السالمية وخضت العديد من البطولات وشاركت في منافسات العدو والوثب العالي والجمباز
- لعــبت لنادي القادسية وآخر بطولة مثلته فيها كانت الدورة المدرسية عام 1973 في الكلية العسكرية ببغداد ومـازلت قدساوياً حتى الآن
- تشاجرت مع أحد مسؤولي نادي السالمية لخلاف بسبب تخريب أرضية الملعب بأحذية السبايك فتركت النادي ووقعت مع كاظمة وأوقفت عن اللعب لمدة سنة
- كنت أذهب إلى المتحف الوطني كل يوم جمعة لمشاهدة ما فيه من آثار ومن أول راتب تسلمته من العمل اشتريت «بشتختة»
- بعت ثلاثة ملايين طابع لمواطن بـ 100 دينار وسلة مملوءة بالعملات لآخر بنفس الثمن
«متعدد المواهب والهوايات» لعل هذه العبارة القصيرة تلخص بإيجاز أبرز ما يميز شخصية ضيفنا هذا الأسبوع الفنان داود سليمان العريعر، فقد نشأ مولعا بالموسيقى منذ الصغر وكانت لديه الأذن الموسيقية وكذلك الذاكرة القوية اللتان جعلتا منه فنانا من طراز متميز، كما اتضحت موهبته الرياضية مبكرا حيث مارس ألعاب القوى هاويا ومحترفا وشارك في العديد من الأحداث الرياضية وخاض غمار بطولات مختلفة على مستوى المدارس والأندية، لكن ذلك لم ينسه يوما هوايته في جمع التحف والآثار النادرة حتى ان له متحفا خاصا به جمع في أركانه كل ما وصلت إليه يداه من التحف وقطع الأثاث والآلات الموسيقية القديمة. يحدثنا عن ذكرياته ولقطات من حياته فيبدأ من مولده بفريج العسعوسي في منطقة شرق ويذكر بعض الجيران وموقع المنزل ويصف بعضا من مشاهد الطفولة وكيف كان الوالد يخوفه من «حمارة القايلة» حتى لا يذهب إلى السباحة في النقعة، ثم يتطرق إلى بدء انخراطه في التعليم من خلال مدرسة النجاح الابتدائية وكيف كان شغوفا بسماع الموسيقى من السنة الأولى في الدراسة، وبعدها يذكر بعض التفاصيل من يوميات المدرسة وتصرفات بعض الطلاب الطائشين وهروبه من المدرسة ونتائجه. يتحول العريعر للحديث عن الرياضة لاسيما المدرسية وكيف كان يمارس ألعاب القوى بدءا من مدرسة السالمية وممارسته للعدو والوثب العالي والجمباز وبعض المواقف الطريفة المرتبطة بذلك، وانتقاله فيما بعد من ناد إلى آخر وأسباب ذلك، حيث مثل نوادي السالمية وكاظمة وأخيرا القادسية الذي لعب له آخر بطولة في الدورة المدرسية عام 1973 في الكلية العسكرية ببغداد. كما تناول مرحلة الدراسة بالكلية الصناعية وتخصصه وزملاءه وكيف كان يذهب بالباص حتى اشترى له والده سيارة «فوكصول»، ويذكر عمله بعد التخرج في شركة البترول الوطنية حيث عين في أول عمل بوحدات الكبريت في الشعيبة ويسرد مزايا وعيوب العمل وكيف تعامل مع الصعوبات ليستمر حتى التقاعد. كما يتكلم ضيفنا عن هواية جمع التحف التي بدأت معه منذ عام 1969 وكيف اشترى من أول راتب تسلمه من العمل «بشتختة» وتخصيصه ملحقا ليضع فيه تحفه حيث كان يشتري الأسلحة القديمة والدلال والمرشات وأم كف والقح والنباطة والصلابة بالإضافة إلى العديد من أجهزة التسجيل والآلات الموسيقية، ويذكر لنا أسفاره من أجل جمع هذه التحف وكيف سافر إلى بريطانيا 42 مرة جمع خلالها حمولة 7 كونتينرات من التحف. بعد ذلك يتناول الحديث موهبته الموسيقية وكيف بدأت ونمت وحصوله على كؤوس وبطولات في الصوت الشعبي حتى لقب بـ «مطرب الأندية الصيفية»، ثم يلقي الضوء على جانب من الفن الكويتي والخليجي عامة ويذكر بعض الأغاني والأشعار الجميلة المرتبطة بهذا الفن. كل هذا وغيره من المعلومات الشيقة والأحداث الممتعة والصور التي يفوح منها عبق الماضي نجدها في اللقاء التالي مع الفنان الرياضي داود العريعر، فإلى التفاصيل:
في مستهل حديثه عن الماضي وذكرياته واحداثه والعلامات الفارقة في حياته يقول ضيفنا الفنان داود سليمان العريعر: ولدت في الكويت في منطقة الشرق بفريج العسعوسي.. وبيت الوالد كان في الصف الثاني من البيوت وقد شاهدت الخيول في بيت ديكسن الموجود حاليا، ومقابل البيت حديقة تقع على ساحل البحر وفيها الزهور والورود، ومحاطة بسياج حديدي لونه اخضر وممنوع دخولها من قبل المواطنين.
اما البحر فكنت أسبح في النقعة وكان الوالد يضربني ويخوفوننا بحمارة القايلة وشاهدت السفن الشراعية داخل النقعة.
اولاد العسعوسي اخواني من الرضاعة، اذكر من جيراننا بيت الملا ويقابلنا بيت العسعوسي وبيتهم كان فيه بخار للسيارة، كذلك كنت العب مع ابناء الفريج والالعاب الشعبية مثل الدوامة والتيلة، اما الحداق فلم اهوى صيد السمك وانا صغير ومنذ الصغر اهوى الطرب واستمع للاغاني.
الدراسة والتعليم
وعن التحاقه بدرب التعليم ومسيرته الدراسية يقول العريعر: اول مدرسة ارتدتها كانت النجاح الابتدائية في منطقة الشرق، والتحقت بالصف الاول الابتدائي ومن اول سنة دراسية كنت اسمع الموسيقى فكان عندي روح الاستماع فصارت هوايتي بعدما كبرت.
كنت احب سماع الاكسلفون الخشبي والاكرديون والاناشيد والمحفوظات وحفظت انشودة «موطني موطني» والقصيدة التي يقول جزء منها:
«وقف القط ينادي في خضوع
قائلا جئت حزينا وبعيني الدموع»
سمك البحر يسبح وهو في عيش وضيع
وقصيدة اخرى بعنوان: «اشرقت شمس الضحى»، ومنذ ان كنت صغيرا نظري ضعيف فكنت سريع الحفظ وهكذا كنت اعتمد على الحفظ، وانا في مدرسة النجاح كنت احفظ الآيات القرآنية والمحفوظات بعد السماع من الاستاذ وترديد الآية.
ويضيف: هكذا يمكن القول ان الله سبحانه وتعالى اعطاني قوة وسرعة الحفظ وعوضني ذلك عن ضعف النظر، بعد ذلك تركت مدرسة النجاح والوالد انتقل الى السالمية (الدمنة قديما) فالتحقت بمدرسة السالمية واول مدرسة في السالمية كانت مدرسة الامة للبنات وبعد ذلك تم نقل جميع الطلبة الى السالمية المتوسطة (حاليا ادارة التحقيقات)، وذلك بعد اربعة شهور وكل طالب حمل كرسيه بيده ومشيا انتقلنا من مبنى مدرسة الامة الى مدرسة السالمية ودخلت الفصل مع زملائي وكنا نمشي بهدوء تام حاملين الكراسي والكتب.
مازلت اذكر الاستاذ تيسير مدرس الحساب ومدرس آخر هو مدرس الانجليزي، وكنا نطلق عليه الجيب لانه سريع في مشيته وكنا نخاف منه لانه يضرب الطالب بالكف، ومن المدرسين الكويتيين ملا صالح الدعيج وملا محمد الوهيب وكان يدرس حصتين فقط الاولى والثانية ويخرج من المدرسة لانه كبير بالسن، وكذلك كان عندنا ناظر يدخن السيجار ولون بشرته احمر وطويل وعصبي جدا، والاستاذ مختار يدرسنا الحساب وهو سمين جدا ويحمل بيده شنطة ومنعنا من الوقوف اثناء دخوله الفصل.. وبعض الطلبة كانوا يدخنون السيجار والدوام المدرسي على فترتين والعصر حصتين.. وكنت اخذ معي الفخ وننحاش (نهرب من المدرسة الى مزارع السالمية ايام الربيع والشتاء).
وفي الحقيقة الوالد تعب معي لاني اهرب من المدرسة واذهب الى البحر والوالدة مسكينة تدافع عني وجدتي تخفيني من الوالد.
المهم: انني اكملت المرحلة المتوسطة اربع سنوات ايضا ومما اذكر ايام الجراد كنت اجمع على ساحل البحر وجدتي تطبخ الجراد، ونروح الى المدرسة وكانت عندي هوايات عدة.
الرياضة المدرسية
وعن ممارسته الرياضة ايام الدراسة يقول داود العريعر: كنت لاعبا هاويا لألعاب القوى وبداية اللعب كانت في مدرسة السالمية، حيث كنت أركض المسافات الطويلة (سبعة كيلومترات) وهذا في البداية، ولكن بعد فترة مدرس الألعاب اكتشف انني لا أصلح لهذه المسافة الطويلة، وبالتالي نقلني للمسافات المتوسطة (1500 متر و800 متر و400 متر) ونجحت في مسافة الـ 400 متر لأنها كانت تناسب قدراتي، وبعدما انهيت المتوسطة والتحقت بالكلية الصناعية ايضا مارست اللعب، وفي احدى البطولات حصلت على المركز الأول وتم اختياري في منتخب المدارس لألعاب القوى، وأذكر من اللاعبين حسين أسعد، صالح سعد بطل الحواجز، محمد سعد وكان بطل الأربعمائة متر، ومحمد بوقرس، واحمد العميري، من احسن الفرق بين المدارس وكنا نحصل على البطولة دائما، اما عندما كنت في المرحلة المتوسطة فكان معي كل من علي البحيري وماجد وناجي عبدالعزيز.
كذلك كنت أمارس الوثب العالي وأقفز 1.6 متر، وأذكر عدد مرات سقوط العارضة والنزول على الرمل، كنت ألعب الجمباز ولم أستمر، ومما أذكر انني يوما كنت ألعب ولم يساعدني المدرس كفاية فسقطت وأصبت بيدي.
كانت الرياضة المدرسية في قمتها وكان الطالب يلعب بكل اجتهاد من أجل ان تحصل مدرسته على المراكز الأولى.
وأذكر ان مدرس الألعاب كان اسمه الرياضي الآغا، والتتابع أحيانا يصير فيه خربطة من السرعة وإذا سقطت العصا يخرج اللاعب من المضمار وكان تدريبنا على ملعب كرة القدم ونذهب الى ثانوية الشويخ لوجود مضمار لألعاب القوى عصر كل يوم.
الرياضة في الأندية
ثم يتحول ضيفنا في حديثه في مضمار الرياضة الى الكلام عن ممارسته الرياضة على المستوى الاحترافي فيقول: بالاضافة الى ممارستي رياضة ألعاب القوى في المدرسة كنت ألعب بنادي السالمية ضمن فريق ألعاب القوى وكان المدرب تيمورلنك وهو بطل عشاري في مصر (بطل عشر لعبات) قويا وجسمه ضخما وكنا نتدرب في النادي القديم وبعد ذلك في الملعب وأذكر الشيوي في النادي يدرب القدم، وعندنا يوسف الخالد وصالح الدوسري.
كانت أيام حلوة وجميلة ويوسف الخالد مسؤول ألعاب القوى بالسالمية.
وأذكر من المواقف الطريفة ذات مرة كان حسين أسد مسرعا في أدائه فقال شوفوا حسين أسد كأنه سيارة فولكس فوقع حسين على الأرض، وبعد ذلك تم تعيين جوهر سرحان مسؤولا عن ألعاب القوى، وبعدها تم بناء ملعب السالمية الحالي وكنت مع الفريق نتدرب بالمضمار أو في ملعب الكرة وصار سوء تفاهم مع سالم عيد وكنت مسؤولا عن اللاعبين فقال: «أنتم خربتوا الملاعب بأحذية السبايك، انتم ماذا احضرتم لنا؟»، فقلت له: «انتم ماذا أحضرتم لنا؟» فتخانقنا وتدخل صالح الدوسري وتركت نادي السالمية ووقعت مع نادي كاظمة الرياضي وأوقفت عن اللعب لمدة سنة، فحضر عندي البطل الأستاذ علي المسعود وكان يركض مائتين ومائة متر، وقال يا داود الآن انت موقوف عن اللعب؟ ما رأيك في ان تتدرب معنا في نادي القادسية، والسنة القادمة ترجع للعب، وكنا نتدرب على ساحل بحر السالمية يوميا نتدرب سبع لفات على الرمل وبعد ذلك التحقت بنادي القادسية.
وآخر سنة مثلت نادي القادسية في الدورة المدرسية المقامة عام 1973 وأصبت بغضروف وكنت مع علي المسعود واحمد الهاجري وفرحان وصالح سعد ومحمد سعد واحمد العميري ومحمد بوفرسن ابطال القادسية.
كان علي المسعود فنانا مشهورا وقد سبقني في مجال الفن وهو من الاصدقاء المخلصين ولاتزال صداقتنا قائمة الى الآن، ولاأزال قدساويا منذ ان وقعت معهم، سافرت الى سورية ولبنان وبغداد، وآخر بطولة عام 1973 كانت في الكلية العسكرية في بغداد وكان عددنا مائة وعشرين لاعبا من الدول العربية وكنت العب في منتخب المدارس ونادي القادسية. كذلك لعبت اربع سنوات في الكلية الصناعية ألعاب قوى، وأذكر من لاعبي الكلية الصناعية محمد سعد وحسين اسد وصالح سعد واحمد العميري ومحمد بوفرسن والبطولة لنا واما لاعبو الشويخ فمالهم شغل بالبطولة.
الكلية الصناعية
وعن مرحلة دراسته بالكلية الصناعية يقول داود العريعر: اكملت المرحلة المتوسطة وحصلت على الشهادة والتحقت بالكلية الصناعية وتخصصت في قسم التكييف والتبريد، لم التحق بالقسم الداخلي وكنت اذهب بالباص وبعد سنة اشترى لي الوالد سيارة «فوكصول» موديل قديم غير موجود الآن، واذكر من طلبة الكلية الصناعية صالح الفضالة وسعد جمعة وقمبر مندني وحسين مندني وداود فيحان وعلي العوضي الذي كان في فصلي وكنت في التبريد واكملت اربع سنوات ومما اذكر مادة العملي في العنابر وعددها اربعة عنابر والعملي في الورش.
وكنا نذهب الى الوزارات لمشاهدة التكييف، كان الاعتقاد ان الطالب الفاشل ينقل للكلية الصناعية وهذا الكلام غير صحيح والدليل أن أحد الطلبة صنع طائرة هيليوكوبتر ووضع لها ماكينة سيارة فولكس وحصل على جائزة وفي الكلية الصناعية عدة اقسام قسم الميكانيكا وقسم الكهرباء وقسم التبريد والتكييف وجميع الطلبة من الكويتيين.
ولكن بعد ذلك احضروا طلبة من افريقيا طلبة بعثة، المهم اني اكملت اربع سنوات من الدراسة وتخرجت وحصلت على شهادة الكلية الصناعية.
العمل بعد التخرج
هكذا وبعد رحلته الدراسية الشائقة يحدثنا داود العريعر عن بداية انخراطه في العمل قائلا: بعد التخرج في الكلية الصناعية التحقت بشركة البترول الوطنية وذلك بعد أن قرأت إعلانا عن طلب كويتيين للعمل للبعثات فتقدمت مع صديقي حسين مندني وقد تأخرنا اسبوعين عن الآخرين وقال احد المسؤولين نختبركم وتقدمنا للاختبار ونجحنا والتحقنا بالمعهد للتدريب لمدة ثمانية اشهر وقد اجتزت الاختبار وكنت اجني مائة وخمسين دينارا في تلك الفترة والدوام من الصباح حتى الظهر. وبعد ذلك عملنا تحت التدريب وزاد الراتب إلى اربعمائة وخمسين واول عمل عينت في وحدات الكبريت في الشعيبة. وفيها الترقية سريعة لعدم رغبة الآخرين في العمل فيها بسبب الرائحة، وما ينتج عن العمل من التهاب في العين وتأثير على شعر الرأس ولكن الراتب كان يعادل رواتب الموظفين في الأقسام الأخرى نعم لقد قاومت كل الظروف الصعبة في العمل وبداية عملي كان المدير مستر ماكس برولي وعقده عشر سنوات وكان أحد الكويتيين قد تخرج في أميركا فعين بدلا من الاميركي الذي قطع عقده وعوض عنه بالمال لمدة ثلاث سنوات وخلال سنوات العمل حصلت على عدة ترقيات واستمررت بالعمل حتى التقاعد.
المتحف المنزلي
بعد ذلك يتطرق العريعر الى هواية جمع التحف وكيف بدأت وتطورت حيث يقول عنها: بدأت هواية بسيطة منذ عام 1969 وكنت أذهب الى المتحف الوطني كل يوم جمعة لمشاهدة ما فيه من آثار فاكتسبت خبرة ونمت هوايتي وكنت أشتري أشياء بسيطة.
ومن أول راتب تسلمته من العمل اشتريت غرامافون جهاز اسطوانات (البشتختة) واشتريته من الجسمي بوسعد بـ 16 دينارا وهو أول قطعة اقتنيتها وبعد ذلك باشرت الشراء للقطع القديمة عندما كنا نسكن السالمية، وبعد ذلك انتقلنا الى الدعية وفي بيت كبير وخصصت لي ملحقا واستمررت بشراء الرمانات والدلال والمرشات وأم كف والقح والنباطة والصلابة والأسلحة القديمة، انصب اهتمامي على المقتنيات القديمة فكونت متحفا صغيرا واستمررت بالشراء وكانت القطع رخيصة، ايضا زاد اهتمامي مع بناء المناطق الجديدة فكان أصحاب البيوت ينتقلون من البيوت القديمة الى البيوت الجديدة فيتركون القديم والبعض يبيع ما في البيت بعد الخروج والانتقال للسكن الجديد وكنت أعرف فاضل مقامس صاحب متحف صغير واعطاني بعض القطع. ويضيف: عندي زولية صغيرة سعرها ألف دينار، وعمرها 150 سنة واشتريتها من المزاد في لندن وسافرت الى لندن وأميركا واشتريت من أسواقها بعض القطع، كما ان بعض العائلات كانوا يعطونني أشياء لا يرغبون فيها، كذلك لدي العديد من الأدوات الموسيقية من أعواد وطبول ودفوف ومراويس ومسجلات وصور مطربين، وبعض القطع هدايا من الأشرطة والاسطوانات ويوجد مواطنون لديهم متاحف منزلية وقد تعرفت عليهم، وأود ان اذكر هنا ان هناك 3 أشياء لا أحب أن اقتنيها وهي المخطوطات والعملة القديمة والطوابع مع اني في البداية جمعت الكثير من الطوابع والعملات ولكن بعت 3 ملايين طابع لمواطن بـ 100 دينار وكذلك بعت سلة مملوءة بالعملات من جميع الدول أيضا لمواطن بـ 100 دينار. وقد جمعت هذه الأشياء منذ أن كان عمري 12 سنة كنت أجمع النقود من جميع الدول واحتفظ بها في شنطات والمخطوطات وزعتها على أصدقائي، أما الروبية المصنوعة من الفضة فأحتفظ بها منذ عام 1917 ما عندي 1912 و1913 هذه العملات أحتاج للحفاظ عليها، ذهبت الى المزادات في الأرياف اللندنية لأن أسعار الريف أرخص.. مزادات لندن أصلها من الريف، ومن تلك المدن أذكر رام غيت ورود ستير وبرايتون وهورموس، لندن غالية ولا أستطيع الشراء. وكل شركة لها يوم مزاد وعندهم محلات لبيع القطع الأثرية، كما ذهبت الى دول اخرى مثل إسبانيا وفرنسا وإيطاليا وجنوب افريقيا واشتريت منها آلات موسيقية قديمة وأحجارا كريمة وبعض الملابس وجلود وبيض النعام وعليها رسوم، وقد سافرت الى بريطانيا 42 سفرة ومن بريطانيا اشتريت مواد وأغراضا وتحفا قدرها 7 كونتينيرات من أثاث، زجاج، بنادق، كريستال، ومواد اخرى وآلات، وقبل فترة بعت عودا بغداديا بسبعمائة دينار ونوعية الخشب أحسن نوع، عرف بالعود البغدادي وصانعه محمد فاضل، وفي عام 1973 اشتريت عودا بغداديا من المصنع نفسه وكان معي جواد عسكر في البداية رفض البيع لنا وقال ان الفنان محمود الكويتي كان متعاقدا معه وبالإقناع وافق على أن يبيع لنا عودا وكان سعره 100 دينار ونزل السعر حتى 80 دينارا وكان يصنع القانون والكمان والعود وأقمنا حفلة في بغداد لأننا قد فزنا في بطولة ألعاب القوى والألعاب الأخرى وكان ذلك عام 1973 في الدورة المدرسية، ومما أذكر انه كان يشرف على البعثة الرياضية عزمي عبدالخالق ومعنا علي المسعود وجواد عسكر وفريق كرة القدم بالدرجة الأولى، المهم أقمنا الحفل الختامي وحاليا احتفظ بذلك العود البغدادي ومجموعة من الأعواد والدنابك والمراويس والطيران مفردها (طار) واشتريت بعض الكتب التي فيها أشعار لكي أحفظ منها الأشعار.
هواية الموسيقى
يتحول الحديث هنا للتطرق لجانب آخر من شخصية ضيفنا الا وهو داود العريعر الفنان، حيث يقول: كنت احب الموسيقى منذ ان كنت صغيرا وكانت اذني موسيقية واحفظ بعض الجمل واشتريت عودا من احد المحلات وكنت اخفيه تحت السرير ولي صديق كان يعزف عودا وهو صغير اخذت العود وذهبت له من السالمية الى الرميثية حاملا العود وذلك لكي «يدوزن العود»، حاولت ان اتعلم شيئا فشيئا حتى بدأت اتعلم عزف الاغاني التي احبها وخلال شهرين اجدت الغناء والعزف.
ومع التدريب نمت الهواية في نادي السالمية الصيفي ومدرس الموسيقى ساعدني على التعلم والعزف وبدأت اشارك في الحفلات الختامية للاندية الصيفية وحصلت على كؤوس وبطولات في الصوت الشعبي حتى قيل اني كنت «مطرب الاندية الصيفية»، واذكر ان محمد الشعيبي وفهد الشعيبي وعلي المسعود كانوا من الفنانين في الاندية الصيفية ونصرالله النصرالله ولمدة اربع سنوات بنادي عبدالله الدحيان في السالمية تحصل على كأس الاندية الصيفية. ويضيف: في بداية التعليم اعتمدت على السماعي والتعليم الذاتي في الاندية الصيفية تعرفت على الطلبة العازفين على العود، وهذه ركائز ثلاث للتعليم وخلال عام صرت عازف عود وفنان موسيقى، واذكر ان اول اغنية غنيتها «مسكين يا ناس من قالوا حبيبه عروس
يمرض مرض القلب.. اما الموت ما بايموت»
وهي اغنية حضرمية، وقد سجلتها في التسجيلات الخارجية لاذاعة الكويت وذلك عام 1968، ومن الاصوات في البداية الصوت العربي والصوت الشامي والعدني والحضرمي. وكنت احفظ القصيدة ولا اتعب او ابحث عمن كتب الاغنية انما علي فقط الحفظ، وحاليا عندي حفلة كل يوم اربعاء هنا في الديوانية، ومما اذكر اني في البداية شاركت في حفلات الاعراس وكانت مشاركة جماعية مع الفنانين والمطربين، واذكر اول من ضرب المرواس معي محمد الحمد وكذلك فاضل مقامس وعبدالله الدخيل ويوسف الجدة ومحمد الشعلان، والمطرب اول من يضرب العود ويلحقه صاحب المرواس والقانون والكمان.
وقديما كان المطرب الكويتي يغني باستخدام العود والمرواس وبعد ذلك ادخلت آلة الكمان حاليا ادخلت جميع الآلات الموسيقية. وغنيت سابقا عود ومرواس مع الصوت فقط والصوت عود وثلاثة مرواس وكمان واحد من افضل الغناء اداء. اثناء غناء الصوت يبدأ اثنان من الرجال اداء «الزفن» وهو نوع من الرقص الرجالي وهذا النوع من الاداء قديم جدا عند الرجال. والزفان يتبع الغناء والبداية يحيي المطرب بخطوتين ضارب المرواس والزفان يتبعون المغني احتراما للفنان والغناء من الامور الاساسية وعدم الكلام والحديث ضروري ومن يتكلم اثناء الغناء يخرج من الحفلة. وعدم التدخين والموبايل اثناء الغناء فالكلام ممنوع وهذا عدم احترام للمغني والحاضرين من الفنانين ومن يريد الكلام يخرج ويترك المكان. عندما كنت صغيرا كان نظري ضعيفا وهذا ساعدني على حفظ القصيدة فأركبها على اللحن، واثناء غنائى لم اقلد اي مطرب من القدماء او المحدثين وادائي بنفسي، ومنذ البداية اعجبت بالفنان سعود الراشد وسعود العروج وسالم الفهاد ومبارك النومان وحمد خليفة وهو له مدرسة خاصة في الاداء اقول عندنا ثلاث مدارس لغناء الصوت: محمد فارس وضاحي بن وليد، محمد زويد وحمد خليفة، هؤلاء وضعوا للصوت اداء حديثا، وقد غنيت من اغاني عبداللطيف الكويتي ولم احاول ان اضع شيئا جديدا عملت ختمة صوت واقول فيها:
امير الكويت يا جابر يا ابو مبارك
وبقدومك للوطن الكويت تتبارك
والشيخ سعد هو ولي العهد ابن سالم
نطلب من الله يجيبه للوطن سالم
وهذه كلمات عن المرحوم سمو الامير الراحل الشيخ جابر الاحمد والمرحوم سمو الامير الوالد الشيخ سعد العبدالله.
ولكل صوت ختم آخر الصوت، اقدم الصوت الشامي وكلماته تقول:
يا الله اني قصدت الباب
والامر يشتد
يا غناه كل طلاب سائلك بطه النبي
الهاشمي الممجد ثم آله والاصحاب
قال ابن عيدروس القلب اعذر وامجد:
مثله طوري واسباب
انما البارحة صادفت انا الزين الاعيد
من بعد طول التغياب
قلت اهلا بمن في وسط قلبي تزايد
يادوا كل الاصواب
بعض القدماء ممن كتب الشعر كان يذكر اسمه بالقصيدة مثل يحيى عمر والعيدروس.
قصيدة ليحيى عمر يحيى، وهو شاعر حضرمي ويقال من سكان عدن، وله هذه الابيات التي تغنى صوت عند اهل الخليج، يقول فيها:
يحيى عمر قال ياطرفي لما تسهر
وان شفت شيء في طريقك يعجبك شله
ان كان انك غريب ما تعرف البندر
اذا دخلت المدينة قول باسم الله
رابع هوى البيض واعشق هوى الاسمر
وساير السمر والاسود كذاك خله
السمر بالله وفيهم نفحة العنبر
ومن دخل في هواهم ضيعوا عقله
خلوه يمشي وهو المسكين يتحسر
ولما نوى بايصلي ضيع القبلة
الحب يا ناس كم سوا وكم ادبر
ما ترحموا غير عاشق فارقه خله
لو كان بيده مفاتيح ارضها والبر
الارض ما تستوي عنده كما قبله
سافرت الى البحرين وشاركت مع الفرق الشعبية وغنيت معهم، ارغب بسماع احمد الجميري ومن القدماء محمد راشد ومحمد علاية من قدماء المطربين وعنبر وابوشيخة وعلي خالد، وشاركت مع محمد زويد عندما كان يزور الكويت عند فاضل مقامس، اشارك معه في الحفلة وغنيت بستات واغاني عدنية، وما كنت اغني الاصوات سابقا الا بعدما شاركت مع محمد زويد، ومن المطربين الكويتيين تقريبا كلهم مثل ناصر بوعوض وعلي المسعود ومبارك النومان وسالم الفهاد دون أن أعدد الجميع تقريبا اذكر مطرب شعبي يدعى احمد البنكة من اهل السالمية.
وهذه أغنية يمنية تقول كلماتها:
مسكين يا ناس من قالوا حبيبه عروس
يمرض القلب اما الموت مابا يموت
يا ريح يا ريح ياللي تدخلين البيوت
روحي وقولي لخلي صاحبك بايموت
لا يشرب الماء و لا ياكل مع الناس قوت
وقوته الا زبيبه
الصوت العربي له ضرب المرواس خاص اما الصوت الشامي فسريع وله كفافه.
الحضرمي والعدني والشحري واللحجي، وهذه تعرف حسب المنطقة التي تغنى فيها، فأهل تلك المدن يحبون الفن والاغاني والاصوات وقد تمت دعوة الكثير من مطربي الكويت.
الزفني خاص بالرجال وقديما كان الرقص الذي هو الزفن رجل وامرأة وبعد ذلك رجلان بجانب بعض، ايضا عند النساء امرأتان والخطوات تختلف، والخلاف ما بين الرجل والمرأة، والزفن للكبار وليس للشباب الا اذا تم تعليمهم وبعض الرجال آخر الصوت اثناء الختم، الجالسون يقفون ويرقصون خلف الرجلين الزفانة يقال ان فرقا ما بين اداء الصوت البحريني والصوت الكويتي، ويوجد الترويس البحري وفرقة العميري الضرب على المرواس بحري، يضرب المرواس بالوسط حاليا يضرب المرواس بطرف اصابع يده.
وهذا شعر غنائي لحن عوادي:
قلتي كنت غافل ولا ادري ايش معنى الحب
حتى تعرضت الى صدفة وانا ماشي
قابلت فتان وقال لي قف يا ترف لا تنحاش
وقلت سمعا وطاعة امركم ماشي
وبقيت واقف لكن قال لي قرب
هل شفت بالحي مثلي ماشي
فقال يمكن تغالط وعلي تثبت
فقلت الصدق وغيره عندنا ماشي
فقال أوصف لي وقل لي ايش الذي يعجب
فقلت كلك عجب والعيب بك ماشي
فقال زدني كلامك هو الذي يطرب
انت القمر انت كوجه الشمس لو تغرب
وكل فتان يملك يحتسب ماشي
من يوم شفتك وقلبي بالمحبة تعب
غناء السامري
وعن فن السامري، يحدثنا الفنان داود العريعر قائلا: السامري فن قائم بحاله يختلف عن الصوت والاغاني العدنية واليمنية، كان يغنى مع الطار فقط وبدأ للرجال، حاليا طور السامري وادخلت عليه آلات موسيقية مثل العود والطبل والقانون والكمان ولحن، هو اللحن ولكن مطور.
وبعض السامري صعب وكما يوجد سامري رجالي يوجد سامري نسائي ويختلف بعضهما عن البعض، النساء يغنين السامري بأدائهن مثل عودة المهنا تغني السامري بالمد وتطويل الكلمة وبعض السامريات الرجالي والنسائي مثل:
يا ناس دلوني درب السنع وينه
ما شوف لي مرقا ما بين الاهوالي
واقول ان السامري لا احد يقرب له يغنى على القديم مثلما قالت عودة المهنا وهذا فن من مئات السنين ولا يقترب منه. ومن المشهورين بالسامري من النساء عودة المهنا وخالتها هدية وسعادة البريكي وام زايد وصنعة ومنيرة الرميان وعنيترة من القديمات وعائشة المرطة غنت السامري مع الآلات الحديثة. الغناء القديم واداء السامري اختلفا عن الغناء الحالي، اما الرجال الذين غنوا السامري جماعيا فهم اهل الفنطاس وفرقة الجهراء والاصل ان اهل المرقاب هم الذين نقلوا السامري الى الكويت، وهو النظام القديم حاليا، ومع النهضة الحديثة بدأ الغناء الفردي عواد سالم غنى الخماري وهو ارقى اداء:
يا علي صح بالصوت الرفيع
بامرة لا تذبين القناع
سايمين الهوى يا من يبيع
يشترون الهوى اهل الرفاع
ضحكتي من بينهم طفل رضيع
ما سوت بكيتي يوم الوداع
وكذلك هنا فن لعبوني كلمات والحان المرحوم محمد بن لعبون:
يـــوم اهنا وأهلك جميع
ساكنين على جال الرفاع
هذا فن خيالي:
على العقيق اجتمعنا
نحن وسود العيوني
ماظن مجنون ليلى يا ناس جن جنوني
ايا عيوني عيوني ويا جفوني جفوني
ويا قليبي تحسر على الذي فارقوني
فارقتهم يوم الاثنين
صبح الثلوث اوحشوني
ابكي دمع من عيوني هم سادتي خلفوني
روح يا رسولي اليهم شوقا وقبل يديهم
من الأغاني العدنية
يذكر العريعر احدى الاغنيات العدنية والتي تقول كلماتها:
يوم الاحد في طريقي
بالصدف قابلت واحد
غصب عني شفت بعدة
شفت ما هميت واحد
قلت له من غير ما اشعر
عاد شي رحمة لواحد
التفت نحوي وقال لي
روح يا مجنون واحد
روح شوف اهلي عددهم
با يقع الفين واحد
قلت له وفر كلامك
لا تزيد حرف واحد
حتى لو تعداد اهلك
بايقع مليون واحد
ما يهموني وانا اللي
قط ما هميت واحد
حن لك قلبي وانا اللي
كنت من واحد لواحد
كيف باسيبك ومثلك
بالحلا ما شفت واحد
محمد زويد والبستات
ولم اغن الفنون البحرية لصعوبتها وتختلف عن الاصوات والسامري ومحمد زويد مشهور بالبستات البحرينية مثل:
يالماشي بين الورد والنازع شاريبه والكحلة جو العين صارت فيني باليبو كوكو.. كوكو وشلون عينك تاخد نوم وتفارقني الآه يا جاني مكتوب من السلطان جوانبه كلمة واللي ما يحب الحلوين لا يجلس قبالي ويطالعني وشلون عينك تاخذ نوم وتفارقني
ايضا غنى بستة مثل:
الهوب الهوب الهوب والهوى شق الثوب من حسنك ودلالك ضيعت انا دروب دروب
وهي من احسن البستات.
الاحتلال الغاشم
بسبب عمله في القطاع النفطي فقد كان داود العريعر اكثر اطلاعا على آثار الاحتلال العراقي للكويت بالنسبة للمنشآت النفطية، وعن هذا الموقف الصعب ومجريات الأحداث في تلك الفترة يقول: أثناء الاحتلال العراقي الغاشم للكويت كنت في إجازة وقد دمر العراقيون جميع مصانع منطقة الشعيبة وبعد التحرير ذهبت الى الشعيبة وشاهدت غرفة المراقبة قد دمرت بصاروخين فالاحتلال العراقي دمر كل شيء وكل الأجهزة في مصانع الكويت، وأثناء الاحتلال العراقي الغاشم الذي بدأ يوم الخميس 2/8/1990 كان الجيش العراقي بأوامر أو دون أوامر يهاجم ويدمر جميع المنشآت الحكومية والأهلية في الكويت، الى ان بزغ نور التحرير في يوم الاثنين 26/2/1991 وبعدها بدأت الشركات تتعافى وتعود لعملها و«عاشت الكويت حرة أبية».