- لجنة التربية التي تعاقدت معي كانت برئاسة عبدالعزيز حسين وأحمد المهنا وسافرنا من خان يونس إلى القاهرة بالقطار ثم إلى الكويت بالطائرة
- عينت في المدرسة الشرقية وأمضيت فيها 25 عاماً وسكنت في عمارة المطوع وكنا نذهب مع الزميلات لشراء الخضار من المباركية ويحمله الحمار ويوصله للحارس
- فايزة الكنفاني كانت أول ناظرة أعمل معها وكنا نذيع أسماء الناجحين في إذاعة الكويت وأدرس البنات في «الربيع» كتقوية
مدرسة قديمة وطئت قدماها ارض الكويت في العام 1965 بعد رحلة سفر من غزة في فلسطين بعد تعاقدها مع اللجنة التربوية، ومنذ ذلك التاريخ قدمت الكثير لبناتنا الطالبات ـ المربية زينب ابوداود الى جانب كونها شاعرة وأديبة وباحثة، كان لها دور كبير في تعليم البنات وخصوصا بنات المدرسة الشرقية وهي اول مدرسة عينت فيها، تتذكر المربية الفاضلة تلك السنوات وتقول: كانت الفتاة الكويتية محبة للتعليم راغبة فيه. تميزت المربية ابوداود بالنشاط الثقافي والاجتماعي في مدرستها وحصلت على درجة الاختيار لما كانت تقدمه من جهد واخلاص. وتحدثنا المربية زينب ابوداود ايضا عن مدرسة هدى شعراوي وطالباتها المجتهدات. اما عن «الماضي» فتحكي انها ولدت في قرية وادي حنين وانتقلت برفقة والدها الى خان يونس، وتحدث عن اسباب الانتقال، وعن البيارات التي كان والدها احد اصحابها، وتحدثت عن اولادها وبناتها ودراستهم في الكويت وتخرجهم في الجامعة وعملهم في الكويت. رحلة «من الماضي» مع المربية زينب ابوداود تبدأ فإلى التفاصيل:
ولدت في فلسطين في قرية وادي حنين من قضاء يافا ـ القرية تبعد عن يافا مسافة تقدر بعشر دقائق بواسطة السيارة وبالإمكان الذهاب مشيا، وكانت قرى يافا كلها (بيارات) برتقال ومفردها بيارة نسبة للبير الموجود بالمزرعة فعرفت بالبيارة، والبيارات تزرع بالحمضيات من البرتقال والليمون وكلمنتينة وباستمرار الأراضي بحاجة للمياه، بسبب حرب عام 1948 عائلتي غادرت قرية (وادي حنين) بسبب المذابح في القرية وكان الثوار يختبئون بالبيارات فالوالد والأعمام قرروا اخراج النساء والأطفال الى منطقة آمنة ومن حظنا ان عمي في تلك السنة كان عنده سيارة فركبنا السيارة وانتقلنا بها الى قرية أخرى.
وكانت عائلة زوجي، وهو ابن عمي، كانوا يسكنون قرية القبيبة من فضاء الرملة واذكر ان عمي والد زوجي كان ينتقل من قرية القبيبة الى وادي الحنين بواسطة الحمار وبالهجرة استخدموا الجمال والحمير وقد تعبوا اثناء التنقل ونزلوا مجدل وأماكن اخرى ونحن الأطفال وجدتي وعماتي ووالدتي نقلنا بالسيارة الى خان يونس واستأجروا بيتنا فيها في شارع جلال، وبعدما استقرارنا بالسكن الوالد وعمي رجعوا الى القرية وبدأت المعارك.
كان الانتقال على أنه بعد خمسة عشر يوما نعود لقريتنا، واذكر ان الوالدة رحمها الله رتبت البيت ووضعت الملابس داخل الخزانة على أساس العودة مرة ثانية، خروجنا من القرية على أساس الابتعاد عن منطقة الخطر والعودة بعد الهدوء. وكان هدف اليهود اخلاء القرية ولم نتمكن من العودة لبلدنا.
والوالد وعمي مكثوا حتى سقطت البلاد فاضطروا للسفر الى خان يونس والتحقوا بنا، كنت صغيرة السن بحدود ثلاث سنوات والوالدة كانت تحدثني عن الحياة في قريتنا والأهالي والسكان والبيارات والشوارع ايام الربيع رائحتها جميلة من الزهور والورود ورائحة الليمون من المزارع، خان يونس بوسط مدينة غزة.
كان عمي له صداقة مع رجال من عائلة الآغا في خان يونس وكان بعض رجالها يعملون في بيارات قرية وادي حنين.
وكان شمال فلسطين من أغنى المدن وكان بعض ابناء الجاليات العربية يشتغلون في البيارات في فلسطين قابلت احدى الصديقات العربيات قال لي ابوها ان ما يملكه ثروة في وطنه فلسطين عندما كان يعمل في حيفا.
البرتقال كان يصدر للخارج كانت الاشجار تسند أعضائها بالأعمدة الخشبية من كثرة البرتقال خوفا من ان تنكسر الأغصان. وكان البرتقال يصدر للخارج.
الوالد بعدما استقررنا في خان يونس كان يسافر الى مصر لزراعة الحمضيات بالإضافة الى زراعة القطن الذي اشتهرت به مصر بذلك الزمن، وكان الوالد بخبرته يعمل هناك ومعه عمال كثيرون من فلسطين واذكر ان الوالد قال لنا ان المصريين كانوا يقطعون البرتقال والمياه تحت الشجر فقال لهم هذا لا يجوز لأن البرتقال يعفن من الماء وهذه من خبرته بالعمل في البيارات وزراعة البرتقال.
لا يقطع الثمر الا بعد تعطيش الشجر لمدة ثلاثة أسابيع.
خان يونس ومدرسة عكا
سجلني والدي في مدرسة عكا وكانت الناظرة ليلى الاغا ومن أولى ابتدائي حتى السنة الرابعة الابتدائية والتعليم على النظام الانجليزي واذكر مدرساتي ومنهن ليلى الهندي وفتحية وجيه وحاليا كويتية الجنسية ولا أزال احتفظ بالشهادة الموقعة منها وهي زوجة المرحوم محمود نجم وقد علمتني بالصف الثالث الابتدائي وكنت اسأل عن مدرستي وكذلك عن المدرسات قنديلة شبير ومذبحة خان يونس عام 1956، وكنت صغيرة وسمعت من اهلي عن تلك الحوادث وكنا نحصل على الشهادة حسب النظام الانجليزي وكنا ندرس ونتعلم اللغة الانجليزية من الصف الأول الابتدائي عندما كنت بالصف الرابع الابتدائي مضى سنتان بدراسة اللغة الانجليزية «موريس ون» و«موريس تو» ومن ثم انتقلت الى مدارس الأونروا مدارس خاصة للاجئين.
في المرحلة الإعدادية
وذلك عندما كنا نسكن في بيت الاغا في خان يونس ولمدة تسع سنوات ومن ثم الاعدادي انتقلت الى الثانوية العامة وانهيت الدراسة عام 1961.
يجب أن أذكر ان الوالد لم يدفع اي ايجار لعائلة الاغا واستقبلونا وكانوا يعطوننا اكياس القمح والخضار والبلح والجوافة وأكرمونا، قدموا لنا خدمات كثيرة.
واذكر عندما تتساقط الأمطار الغزيرة مكان الخيام ينتقلون الى المسجد الكبير في (خان يونس) وكان رئيس بلدية خان يونس الحاج جميل الاغا.
والدكتور امين الاغا كان يعمل في الكويت وقد قابلته في دورة اسعاف وتمريض ويعطي محاضرات عن الاسعافات وفخرية الاغا كانت مدرسة في احدى مدارس الكويت والتقيتها وكانت عائلتهم من اكابر البلد مع عائلة الفرا.
وصار أحد رجالات الفرا رئيس البلدية.
أكملت المرحلة الابتدائية وكان المنهج قويا جدا على النظام الانجليزي واذكر ان اختبار رابعة ابتدائي يخصص له لجنة وكنترول وتخرجت في الابتدائي وفي المرحلة المتوسطة كنا ندرس جغرافية فلسطين واذكر صديقاتي اللاتي درسن معي في جميع المراحل وحضرن الى الكويت مثل نادرة مهدي مدرسة رياضيات ونبيلة الشريف وناظرة في مدرسة في غزة وفاطمة ابوعمارة وصارت ناظرة في خان يونس وسعاد شرّاب ناظرة في مدارس خان يونس ومروة جبر ومها شيخة وكنا مقربات من بعضنا البعض وكتبت قصيدة بعنوان اعتذار للوطن اعتذر فيها لرفيقات الصبا اعتذر فيها لهن بعد حضوري الى الكويت.
انهيت المرحلة الثانوية وكنت من الأوائل على طالبات مدرسة حيفا وقابلوني في الأونروا وطلبوا مني ان ادرس اللغة الانجليزية بعدما عينت مدرسة وقبلت ودرست طالبات كن في عمري أو اكبر مني قليلا.
وكان السلم التعليمي احدى عشرة سنة في فلسطين وبعد ذلك تغير وصار على النظام المصري (العلم في الصغري كالنقش على الحجري) لاأزال احفظ رسم خريطة فلسطين بأكملها عن ظهر قلب، كانت المناهج نافعة والثانوية نظام المصري ولمدة ثلاث سنوات والاعدادي ثلاث سنوات.
مدرسة في إحدى القرى
بعد التخرج عينت مدرسة في مدارس احدى القرى بجانب خان يونس اسمها (نبي سيله). والتعليم غير مختلط.. مدينة خان يونس جدا العائلات محافظة وتحجبت وأنا صغيرة وسمعت ان العباءة في الكويت فرضت على المدرسات في مدارس الكويت فكن يرتدين العباءة وذلك قبل حضوري الى الكويت.
عينت مدرسة والراتب اربعة وعشرون جنيها مصريا وما كانت تكفي العائلة والاخوان وعندي اخوان وكانوا يتعلمون وبحاجة لمصاريف وساعدت الوالد وكانت الوالدة ربة بيت والوالد هو الذي يعمل ويصرف على البيت وكانت الوالدة متعلمة تعليم الكتاب وكان يدرسها الشيخ عبدالعزيز عيبة الذي وافته المنية في الكويت وكانت الوالدة حافظة أشعارا تعلمتها منه ولكن الوالدة لم تكمل تعليمها بسبب عدم رغبة الوالد بإكمال تعليمها وكانت حافظة لبعض الأشعار وكانت تهتم بنا وأما جدي فتوفي ولم أشاهده وكان عنده حلال وكان يذهب الى منطقة روبين بجانب يافا وفيها نهر وبجانبه اعشاب كثيرة وكان الاجداد يذهبون الى هناك.
وجدي اصيب بحمى الملاريا وتوفي وكانت جدتي لها شخصية كبيرة واشرفت على تربية الاطفال الاربعة واشترت ارضا وبنت عليها بيوتا وحاول اخوها ان يزوجها ورفضت لكي تشرف على تربية الاطفال وكانت تكتب شعر النبط.
وهي من عائلة أبو داود من الحجاز وكانت تقول:
يا خال خل امنا علينا تلمنا..
امسى المسا يا خال وين نبات
وقالت ايضا:
عتبي على اللي تربيت بينهم
يمروا علي اليوم ما يعرفوني
ثلاثين شيخ اللي بهم تعنيت
نخواتهم عندي يهزوني
وكتبت لي قصيدة عندما وصلت الى الكويت تقول فيها:
يا زينب يا ظلة ريحان في الدار
تضوي على جبل الكويت بالدار
وحق من خلق نيسان وآذار
قلبي ما بينساك لا ليل ولا نهار
تأثرت بها وكانت تأخذني معها اينما تذهب وكنت حفيدتها الكبيرة وكانت تحب الزرع، دائما لها انتاج وتخيط الملابس رحمها الله من الحريم الشاطرات توفيت جدتي وانا في الكويت اعمل مدرسة.
الحضور إلى الكويت
كنت أعمل مدرسة في قرى خان يونس وكان معي بعض المدرسات اللاتي حضرن إلى الكويت للعمل وتعاقدن مع وزارة التربية فكن يبعثن برسائل ويصفن الكويت وأهلها والتعليم والمدارس فصار عندي حب المغامرة.
فكن إذا عدن إلى أهلهن في العطل يحتفلن بهن ويحضرن الهدايا للعائلة فقلت لنفسي لابد أن أعمل شيئا وأغامر وأذهب إلى الكويت.
كان في ذلك الوقت يكتب على الظرف «كويت بلاد العرب» فكتبت رسالة طلب عمل لإحدى الصديقات بعثته لي فأرسلته وجاء في الرد أن اللجنة سوف تحضر إلى فلسطين للتعاقد مع المدرسات، وحضرت اللجنة وكانت تتكون من المرحوم الاستاذ عبدالعزيز حسين والمرحوم الأستاذ أحمد مهنا وآخرين وكان مكان اللجنة في مدرسة الرمال في غزة وقابلت اللجنة وذلك عام 1965 نجحت مع صفا رستم وأمية شراب ونبيلة الشريف وتم قبول مجموعة كبيرة من المدرسات وسافرت من خان يونس بالقطار إلى القاهرة ومن مطار القاهرة بالطائرة إلى مطار الكويت وسافر الوالد إلى القاهرة لكي يوصلني وكل واحدة معها ولي أمرها، وأذكر يسرى رحال كان والدها معها سكنا في فندق بشارع فؤاد والسفر فيه نوع من الحرية والمغامرة مع التشدد من العائلة.. نزلنا في مطار الكويت واستقبلتنا لجنة وركبنا الباص الى سكن الخالدية وكان سكن طالبات أثناء التدريس وكان مخصصا لبنات فيلكا وبنات الخليج العربي والأكل جاهز وكان الاستقبال طيبا والغرف غير مكيفة فقط مراوح وكنا نرش الماء على أرضيات الغرف وزلقت وسقطت على الأرض وكسرت يدي ونقلت إلى المستشفى الاميري ومعي مدرسة اسمها كميلة ونقلوني بالاسعاف وكانت الضربة صعبة علي.
بداية السكن في سكن الخالدية وبعد تعييني مدرسة في الشرقية نقلت مع زميلاتي الى عمارة المطوع وكان الحارس رجلا كويتيا اسمه عبدالوهاب ومما اذكر انني كنت أذهب مع الزميلات إلى سوق الخضار في المباركية ويحمله الحمار ويوصله إلى السكن ويسلمه للحارس ذلك الرجل الطيب والسكن مخصص لمدرسات المدرسة الشرقية وفيه فراشة لتنظيف السكن والمشرفة هيام ابورحمة وفيه سجل لمعرفة خروج وحضور المدرسات وبعد ذلك نقلنا للسكن في عمارة المطوع بعدما عينت مدرسة في الشرقية.
التوزيع على المدارس
بدأ توزيع المدرسات على المدارس وكان نصيبي المدرسة الشرقية وبعض المدرسات الصديقات نقلن الى مدارس أخرى.
وأول ناظرة قابلتها فايزة الكنفاني وفي يوم دراسي نادتني وقابلت موجه اللغة الانجليزية الاستاذ نايف خرما ودار نقاش بينه وبين الناظرة وكنت ابكي وقال لماذا تبكين فقلت لها من زمان لم يصلني مكاتيب من أهلي فقالت لك عندي مكاتيب واعطتني المكاتيب وكانت تعزمنا في بيتها وكان زوجها حسين نجم وكانوا يسكنون في بيوت الشويخ واذكر أن ابنتها لميس استشهدت مع خالها وهم في بيروت جاء خبر أن السيد غسان كنفاني قد استشهد ومعه بنت اخته فايزة وكانت لميس طالبة في جامعة الكويت.
واعطتني جدول السنة رابعة متوسط واذكر ان الناجحين كانوا يسمعون اسماءهم في إذاعة الكويت وأيام الربيع كنت ادرس البنات دروس تقوية وعندما كنت في الشرقية كانت النتائج مفرحة جدا في الامتحان واذكر من تلميذاتي هنية المؤمن وبنات الرومي وبنات القناعات وكانت العلاقة طيبة جدا وامضيت خمسة وعشرين سنة في الشرقية وكانت سميرة الظاهرة مشرفة المادة وأول دفعة لمعهد المعلمين من الخريجات الكويتيات عينت معنا في الشرقية مثل جميلة شتيلي مدرسة لغة إنجليزية وامينة مخزن ووداد دشتي ومنى الخضري وفريدة العوضي في مدرسة هدى شعراوي.
اتذكر ان الطالبات كان مستواهن العلمي جدا جيد وكان بعضهن ضعاف في اللغة العربية وبعضهن يرسبن ولهن دور ثان عندنا في فلسطين من ترسب في اللغة العربية تعيد صفها وليس لها دور ثاني فقط باللغة العربية.
بعد ذلك اكتشفت أن بعض الطالبات ضعيفات وخاصة في اللغة العربية واما بنات الوافدين العرب لغته العربية ممتازة واذكر كانت طالبة اسمها آمال الخطيب متفوقة جدا في اللغة الانجليزية وسعاد عبدالله وامل عبدالله من طالبات الشرقية وكن متفوقات ويشاركن في النشاط الرياضي وكنت ارافق الطالبات المشاركات في الالعاب الى بيوتهن بالباص بالشرق وكانت اياما حلوة وجميلة، من الانشطة التي كنت ازاولها تطريز الملابس على الطريقة الفلسطينية وتعلمتها من الوالدة وكنت اشاركها العمل، وهكذا تعلمت منها التطريز وفي المدارس ايضا كنا نعلم الطالبات وعندما حضرت الى الكويت كنت اقضي وقت الفراغ في عمل التطريز واستمررت مدرسة في الشرقية ونفس الناظرة، ولحرصي واهتمامي بالعمل حصلت على درجتين بالاختيار، مرة مع الناظرة فايزة كنفاني والدرجة الثانية مع الناظرة فائقة العلي في مدرسة هدى شعراوي والدرجات بالاختيار وذلك قبل الغزو العراقي بسنة وكنت اقرأ الجريدة وانا بالطائرة وحصلت على علاوة تشجيعية عندما كنت بالشرقية، لقد زرعت الخير في ارض الكويت وعند عودتي الى الكويت كنت احضر معي بذور وبصيلات الزنبق والنرجس وكنت مع زوجي نزرع، بذلك الوقت شعرت بأن جميع الطالبات يرغبن في العلم والتعليم ويتسابقن على التحصيل العلمي طالبات الشرقية وطالبات هدى شعراوي مع وجود الفروق الشخصية، ولكن الجميع يسعى للنجاح والتفوق وهذا ما ساعدني على العطاء اكثر واكثر وكنت احب طالباتي جميعا.
اتذكر ان الموجه حضر عندي وسأل الطالبات وما كنت درسته ولكن البنات جاوبن عن السؤال لان امهاتهن مدرسات واباءهن مدرسون،، هذا في مدرسة هدى شعراوي.
حتى ان احدى المدرسات قالت لي انها يوما من الايام خارجة من المدرسة واذا بطالبة تركب سيارة والدها الوانيت وتقول له بابا اخذت علامة كاملة فقال لها اركبي خلصينا، يعني قوله عادي عادي، واذكر اثناء تخرج ابنتي مها في الجامعة قابلتني دكتورة كويتية وبعد الحفلة بدأنا نسلم على دكاترة الجامعة، ابنتي قالت ماما هذه الدكتورة احبها ولها فضل علي وعلمتني فذهبت لها للسلام عليها وشكرتها وقلت لها علمتم اولادنا وشكرا لكم فردت وقالت..
انتم علمتمونا بالاول وهذا نرده لكم.
أتذكر موقفا عندما كنت في سكن المعلمات ونركب الباص للذهاب الى السوق وممنوع علينا استخدام سيارات تاكسي ويومئذ كنت ذاهبة الى ثانوية الشويخ لحضور ندوة، وكان الحضور كثيرا من الاخوة الكويتيين والمسؤولين من الفلسطينيين.
الشاعرة والاديبة زينب ابو داود
البداية مع الشعر كانت قصيدة عن ابنتي مها وقلت فيها:
يا قرة العين يا ريحانة الدار
اليك اهدي اهازيجي واشعارِ
وهذه استوحيتها من قصيدة كتبتها عني جدتي.
من قراءاتي وحفظي للشعر منذ مرحلة الشباب وواصلت قراءة القصائد وعندما دخلت الجامعة وخاصة اني حاصلة على ليسانس آداب في اللغة العربية.
كنت اقرأ الشعر الاندلسي وتأثرت به ومن قراءاتي وكتاباتي ايضا عندي اخوان يكتبان الشعر واول قصيدة كتبتها وانا مدرسة بعنوان «اعتذار للوطن».
لاني رحلت عن الوطن ولم ارجع وكنت اعتقد أني سوف ارجع بعد سنتين او ثلاث سنوات ولكن امضيت حياتي هنا على هذه الارض الطيبة، القصيدة اقول فيها:
ما خنت عهدك اذ رحلت
حملتك في قلبي حنين
عيوني كحلها وفي الروح الانين
لو كنت اعلم اني لن اعود
لختبأت بين حبات التراب
كيف طرت كيف حلقت بعيدا
وفي أي زمان
زغب الحوافل غادروا عش الامان
صرخت امي ودمعها الغالي يسيل
يا طفلتي الى اين الرحيل
حينها طار الصواب
حدقت فيهم لا جواب
ويلي من الايام تجلد الاقتراب
اعتذر وهل يجدي الاعتذار
اعتذر ويعصرني الألم
اعتذر ويقتلني الندم
اعتذر ويخجلني الهوان
أعتذر لسنابل القمح وزهر الأقحوان ولأشجار اللوز في وطني ألف اعتذار
اعتذار لرفيقات الصبا
مروى ويسرى وسعاد
عصفورة طارت بعيد بلل عينيها المطر
جلدتها أصوات الرياح
مزق جناحيها الخطر
يا زمان الوصل في أرض الوطن
في بيتنا كان السمر
خبز أمي ومنقوشة زعتر
وحكايات أبوزيد الهلالي
سلاما من نجد العرب رحل
ثم نقضوا بسلام
لا تعرف اجفاننا معنى الخطر
يا زمان الوصل في أرض الوطن
هناك كان العيش أحلى
وكان في القلب أمل
لست أدري كيف صار البعد غربة
وصارت الدنيا عذاب
وكيف صار الوطن حلما بل سراب
اعتذر للعيد يأتي لا يجدني بين أهلي
اعتذر لجيران أحبوني
رسموني صورة العذراء وأحلام المسيح
اعتذر لقرية يغمرها المطر
تغرق فنلهو حولها دمى قواربنا الورق
اعتذر عن سنين الاغتراب
اعتذر عن فراق النار
حرّقت قلب امي
اعتذر للشيخ يعصره الألم
اعتذر لكل حبة رمل في أرض الوطن
اني مدينة باعتذار لكل من صمدوا هناك
لكل طفل يحمل باليمنى حقيبة
وباليسرى حجر
لكل من دافع واستشهد وأفزعه الخبر
أعتذر للصامدين في وسط الخطر
عتبي على هذا الوطن
وتبقى الكويت في العيون وفي القلوب ارضا بها قصص الكفاح وذكر الهوى أغاني الشباب ونجوى الصبا وفيها رجال بلسم كانوا لنا بيض الصنائع أهل للمروءة والندى.
سأجمع أشعاري وأصدر ديواني الأول.. وعندما اجتمع مع صديقاتي أقول الشعر لهن، ومع صديقاتي الكويتيات من عاشر القوم اربعين يوم صار منهم وانا اربعين سنة أعيش في الكويت. وتقول يا أستاذة زينب لا تتكلمي عن الغربة انت منا هنا في الكويت عزلت نفسي لأني انشغلت بالأولاد والتعليم وعندي نشاط في لجنة التعريف بالإسلام.. وبعد وفاة زوجي تحملت المسؤولية أكثر.
الزواج والحياة الاجتماعية
كتب كتاب الزواج عندما كنت في غزة وزوجي كان في القاهرة يدرس في الجامعة وقد كنت في الكويت ولمدة سنة واحدة سكنت في سكن المدرسات وفي السنة الثانية حضر الى الكويت والوالد عمل لي تصريحا لزيارة عائلتي ودخلت غزة على اساس المغادرة ما عندنا لم شمل.
وزوجي انتظرني في عمان وسافرت الى هناك وفي عمان عمامي احتفلوا بنا وسافرنا نحن الاثنين الى الكويت واستأجرنا شقة في منطقة الدسمة وكنت اعمل مدرسة في المساء في مدرسة اليرموك والبيت قريب من المدرسة وبعد سنتين انتقلنا الى الشرق في شقة لقربها من الشرقية وزوجي مدرس في مدرسة المتنبي.
وفايزة كنفاني ناظرة الشرقية أقامت حفلا لزواجي ودعت المدرسات واحتفلن بنا وانجبت الأولاد والبنات وهم ما شاء الله حسام وهشام وعصام وبشار ومها وسها وجميعهم جامعيون وإحدى البنات طبيبة اسنان ومنهم موظفون ومدرسون ومهندس، وعصام محاسب، البنات متزوجات وهشام متزوج،، حاليا اعمل مدرسة في مدرسة خاصة وادرس اللغة العربية لغير الناطقين وعملت دورة في مركز البحوث التربوية وحصلت على شهادة في اللغة العربية وكان زوجي في لجنة التأليف وشاركت في الكتب وكان زوجي رئيس قسم اللغة العربية في العالمية الأميركية واكتشفت ان طلبة ابناء الدول الاسلامية بحاجة للتعليم العربي، زوجي اقترح على المسؤول في المدرسة على أني ادرس اللغة العربية والقرآن الكريم، من ذلك اليوم الى الآن ادرس في المدرسة لغير الناطقين باللغة العربية والتربية الاسلامية والقرآن واللغة العربية كلغة ثانية.
تبادل الخبرات مع المدرسين في المدارس ذات المناهج الأجنبية ويعقد مؤتمر كل سنة والمدرسون يعملون ورشات عمل ويتبادلون الخبرات وعقد مؤتمر قبل سنتين في مدرسة الحريري وقدمت فيها وورك شوب.
وسوف اقدم بحثا في البيان 4 سبتمبر وعندي بحوث عن حقوق المرأة في اللغة الانجليزية وبحث عن حقوق المرأة وقدمته في اليونسكو وحصلت على شهادة وحضر بعض الأجانب ومنهم امرأة أميركية سوداء عاصرت عهد العبودية في أميركا وتحدثت كيف تحررت.
آخر هذا اللقاء اقول: اني سعيدة جدا في الكويت وبلدي الثاني وتعودت على الحياة لأني اعيش في الكويت منذ اربعين عاما وكنت استأنس على البحر وزوجي سباح وكان يصطاد السمك وعنده شباك.
كتبت قصيدة عن امواج الخليج وزوجي كان عنده طاروفان لصيد السمك.
فضل الكويت علينا
الكويت أعطتنا الكثير، أولادي تعلموا في مدارسها زوجي عاش معي على أرض الكويت.
ابنتي مها تخرجت طبيبة في كلية الطب في الكويت، زوجي دفن في ارض الكويت.
اولادي حاليا يعيشون ويعملون في الكويت كنت في المستشفى الاميري مع ابني بشار وشاهدت المدرسة الشرقية وتذكرت تلك الايام عندما كنت مدرسة فيها وبدأت ابكي واذكر الحفلة التي اقيمت لي في الشرقية بعد نقلي الى مدرسة هدى شعراوي، الكويت لا ننسى فضلها علينا.
خمسون عاما نعيش على ارض هذه الدولة الطيبة، جميع اولادي ولدوا على ارض الكويت وحاليا الشرقية من المباني القديمة.
توفي زوجي عام 2003 في الكويت ودفن هنا في الكويت.
الشكر الجزيل لحكومة الكويت وشعبها الوفي الذين استقبلونا بكل حفاوة وتكريم وعلموا اولادي وبناتي والحمد لله رب العالمين، اللهم أعز الكويت وشعبها وحكامها وأدم النعمة على هذا البلد المضياف.
شكرا لجريدة «الأنباء» والشكر موصول للأستاذ منصور الهاجري لما يقوم به من عمل من اجل الكويت والتاريخ.
الزنبقة الغريبة
زينب علي أبو داود
كان للزنابق في بلادي مواسم.. غيبتها الايدي الآثمة فلم نعد نراها تكلل التلال.. ولكني احضرت بذورها معي.. وزرعتها على الشباك فتفتحت.. زنبقة غريبة حائرة.. بعيدة.. يلفها حزن غريب.
كأنّ نسميها عطر
رمانا بسهمه الدهر
بأرض رملها تبر
وكان المبتغى المر
دواء الغربة الصبر
يعانقنا الثرى العطر
بخفق الروح تستعر
يذكرني بها المطر
نعود ويشرق الفجر
تعود ربوعنا الخضر
فنصر الله ننتظر
لاجلك يكتب الشعر
على الشباك زنبقة
فقلت غريبة مثلي
جذور اينعت زمنا
رحلنا نبتغي وطنا
فأصبحنا غريبات
لعل الله يجمعنا
وهاجت صاحبي ذكرى
الى ارض ولدت بها
لأرض الزنبق الزاهي
نعود فيفرح الاقصى
سقاك الغيث بارؤنا
سلام الله ياوطني