- فلسطين قبل النكبة كانت فيها جاليات عربية كبيرة من مصر ولبنان
- أول تنظيم ليوم الأحمدي الرياضي كان في عام 1975 بمبادرة من شركة نفط الكويت
- عدد سكان الكويت في 1949 كان نحو 50 ألفاً
- اليهود أجبرونا على مغادرة البلد بعد احتلاله وما يقال عن هروب الفلسطينيين أو خروجهم طواعية غير صحيح
حوار: منصور الهاجري
ضيف هذا الأسبوع مواطن كويتي ولد بمدينة اللد بفلسطين العام 1926 في أسرة مكونة من سبعة أبناء لأب يعمل في مجال المقاولات، هو محمد عبدالرحمن الهنيدي، تلقى تعليمه الابتدائي في مدرسة اللد الابتدائية، وأكمل الدراسة حتى الصف الثاني الثانوي في مدرسة الرملة، توفي والده فترك المدرسة دون أن يكمل المرحلة الثانوية، ليساعد أسرته، فبحث عن عمل وفي الوقت نفسه انتسب للمعهد البريطاني لإتمام دراسته بالمراسلة وكان ذلك عام 1948، حيث كانت الحرب العالمية الثانية في أوجها، والتحق بالعمل مع فريق الهندسة الملكية البريطانية في معسكر بيت نبالا.
اضطر إلى ترك اللد هو وأسرته بعد أن هاجمها اليهود واحتلوها، فاتجه مع أهل القرية إلى مدينة رام الله ثم إلى مدينة السلط الأردنية ثم إلى سورية.
وفي ديسمبر 1948 حصل بواسطة أحد أبناء عمه على إذن لدخول الكويت، فسافر إليها برا من دمشق وحصل على فرصة عمل بدائرة الجوازات والسفر مع الشيخ عبدالله المبارك والتي أدارها بعد ذلك سمو الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد.
وفي عام 1953 تم تشييد مبنى دائم لإدارة الأمن العام، فالتحق معظم محققي شركة نفط الكويت بها بعد إغلاق دائرة التحقيقات التابعة لها.
وإلى تفاصيل أكثر:
يستكمل الهنيدي حديثه عن ذكرياته مع أمير القلوب الراحل الشيخ جابر الأحمد والمواقف التي عاشها معه وكيف كانت سيرته وأخلاقه ومناقبه حيث يقول:
في أواخر عام 1959 وعلى اثر صدور قرار تعيين سمو المرحوم الشيخ جابر الأحمد رئيسا لدائرة المالية جمعني رحمه الله والمرحوم عبدالكريم الشوا في مكتبه وأخبرنا بخبر تعيينه رئيسا لدائرة المالية ثم أخبرنا بأنه ينوي إنشاء ادارة لشؤون النفط تكون تحت إشرافه ثم طلب منا ترك العمل في دائرة الأمن العام والتفرغ لتجهيز ما يلزم للإدارة الجديدة واستعمال منزله الكائن في شمال الأحمدي ليكون مقرا لها، ثم الاتصال وإبلاغ شركات النفط وعمل التجهيزات اللازمة، صار سموه يداوم في هذه الإدارة كل يوم اثنين من الأسبوع ثم يجمعنا ظهرا على الغداء على مائدة سموه، وبدأ النشاط يدب وانضم للعمل المرحوم محمود سليمان العدساني اول مهندس بترول كويتي وكمسؤول عن الشؤون الفنية، في نفس الوقت تم تشييد مبنى خاص انتقلنا اليه (المبنى الحالي الذي تشغله محافظة الأحمدي)، كما تم توزيع العمل لعدة أقسام منها الشؤون الفنية، الإدارة والعلاقات، التفتيش ومراقبة صادرات النفط، والشؤون المالية.
ولما تولى المرحوم الشيخ جابر الأحمد رئاسة الوزراء، الحقت ادارة شؤون النفط بوزارة المالية والتي سميت بعدها وزارة المالية والنفط، في اواخر عام 1964 صدر أمر من وكيل وزارة المالية والنفط بنقل إدارة شؤون النفط الى مقر الوزارة بالكويت.
كنت وعائلتي نقيم في منزل بشمالي الأحمدي نشعر بالاستقرار، جمعتنا مع كثيرين صداقات، فكان انتقالي الى الكويت ورحلتي اليومية ذهابا وإيابا جعلني أشعر بعدم الرضا، فكان ان جمعتني المصادفة في تلك الأثناء في حفل بالأحمدي مع مدير شركة نفط الكويت وأثناء الحديث سألني ان كانت لدي رغبة بالعمل في الشركة لحاجتها الى شخص لديه خبرتي للعمل في دائرة علاقات الحكومة، طلبت مهلة للتفكير، وبعد التشاور مع عائلتي قررت قبول العرض، تقدمت باستقالتي بتاريخ 3/11/1966 والتحقت بالشركة بتاريخ 12/11/1966 عملت مدة في دائرة علاقات الحكومة وتدرجت بعدها في وظائف اشرافية عدة منها ناظر دائرة التوظيف، ثم ناظر دائرة توصيف الوظائف وتقييمها وأخيرا ناظر دائرة الخدمات الإدارية الى ان تقاعدت نهاية عام 1981.
ويضيف الهنيدي: أود ان اذكر هنا وللتاريخ مناقب سمو المرحوم الشيخ جابر الأحمد كما عشته والعمل بقربه في السنوات من عام 1949 الى عام 1963، كان رحمه الله شخصا وسيما يبتسم بدون تكلف، ذا ذاكرة جيدة، يتسم بالذكاء، يجيد الاستماع، يتحدث بقدر، كريما معطاء، يهوى القراءة والشعر.
وتجدر الإشارة هنا الى ان أذكر حرصه الشديد على تشجيع الشباب الكويتي على العمل خاصة بمجال النفط، وأذكر هنا تعليماته آنذاك لشركة نفط الكويت بإقامة مراكز للتدريب للشباب الكويتي لتدريبهم في المجالات المختلفة.
حرص سموه، رحمه الله، في تلك الفترة على تشجيع الزراعة وتنسيق الحدائق خاصة في منطقة جنوبي الأحمدي التي كانت تقطنها العائلات الكويتية، خصص سموه لها جوائز نقدية من جيبه للخمسة الأوائل في مسابقة سنوية كان قد كلفني بها برئاسة لجنة محكمين وتقديم الجوائز النقدية للفائزين نيابة عنه.
الجاليات العربية في فلسطين
يتحدث الهنيدي عن الوجود العربي في فلسطين ما قبل النكبة قائلا: كانت في فلسطين جاليات عربية كبيرة وكانوا يعملون في جميع المجالات مثل الحصاد وقطف البرتقال ومجالات تجارية اخرى، وكانت توجد جالية لبنانية كبيرة، واذكر منهم منير ابوفاضل كان مقيما في فلسطين وكان ضابطا كبيرا في شرطة فلسطين (اصبح نائبا في مجلس النواب اللبناني) واميل البستاني (نائب في مجلس النواب البريطاني) مؤسس شركة الكات مع المرحوم كامل عبدالرحمن في فلسطين، وهو من مقاول مصفاة بترول حيفا، انطلق في عمله من فلسطين.
كما كانت في فلسطين جالية مصرية كبيرة كان يعمل معظمها في سكة حديد فلسطين في مد الخطوط الحديدية واعمال الصيانة الاخرى.
قصة من اللد
وعما حدث له ولأسرته وجل الفلسطينيين الذين كانوا يقيمون في مساكنهم عند حدوث النكبة، يقول الهنيدي: في اليوم الثاني من الاحتلال كنت مع عائلتي داخل البيت وسمعنا طرقا شديدا على باب المنزل، فتحنا الباب واذا بجنود يهود ومعهم بعض الشبان من اهل الحي طلبوا مني مرافقتهم، امسكت بي الوالدة ورفضت ولكن اخذوني عنوة، وكان معهم شباب من اهل الحي وامرونا ان نجمع الاموات من الشوارع ودفنهم بالمقبرة، وبعد ذلك امرونا بحفر بعض الخنادق لهم مقابل مبنى الشرطة الذي كان يتحصن فيه بعض المقاتلين، واستمر العمل ليومين بعدها افرج عني وعدت الى البيت، وبعد ثلاث ساعات سمعنا طرقا على الباب من اليهود وقالوا لنا: جميعكم اخرجوا برة، ومن يقول اننا تركنا بارادتنا فهو كاذب، اليهود اجبرونا على الخروج من اللد والرملة، خرجنا من منازلنا لا نحمل اي شيء معنا، كان عندي 150 جنيها فلسطينيا اخفتهم الوالدة عن جنود الاحتلال، حملت جوازي بيدي وخرجنا انا والوالدة واخوتي ما عدا اثنين منهم كانا مع المقاومة.
يوم الأحمدي الرياضي
يتحدث الهنيدي عن يوم الاحمدي الرياضي وكيف استحدث وتطور، حيث يقول: انبثقت هذه المنسابة لاول مرة في العام 1975 عن بادرة من شركة نفط الكويت بإقامة مناسبة رياضية سنوية تشترك فيها الفعاليات الرياضية مع جميع اندية الشركة والاندية المحلية ورياضيي الشركات، عهدت هذه المهمة الى صالح حبيب للاشراف وتنسيق العمل واجراء الاتصالات اللازمة لتفعيل هذا اليوم الرياضي، رحبت جميع الجهات بتلك البادرة وبوشر التحضير لها وانبثق عنها ممثلون ولجان كانت تجتمع بداية كل عام برئاسة صالح حبيب، حيث توضع اللوائح اللازمة بأسماء المشتركين الرياضيين وتعيين الحكام والمراقبين وتجهيز الملاعب والمرافق اللازمة واعداد وجبات الطعام للمشتركين والمشرفين وشراء الجوائز.
استمرت اقامة يوم الاحمدي الرياضي وبنجاح كبير سنويا وبرعاية محافظ الاحمدي الذي كان يبدي اهتماما كبيرا لإنجاحه وتقديم العون والتسهيلات اللازمة، وقد كانت مدينة الاحمدي في هذا اليوم تلبس حلة جميلة من الزينات والاعلام، شوارعها ومتنزهاتها تزدحم بالزوار والسيارات، في ملعبها الرئيسي الذي كانت تقام فيه المسابقات المختلفة كانت فرقة موسيقى الجيش تقوم باستعراضاتها وتعزف الألحان الجميلة المختلفة.
استمرت اقامة اليوم الرياضي سنويا حتى العام 1989 حيث توقف النشاط اثر اجتياح القوات العراقية الغاشمة ارض الكويت.
الأندية في الأحمدي
اما الأندية في الاحمدي فيقول عنها: انشأت شركة نفط الكويت عدة اندية للموظفين وعائلاتهم تشمل وسائل عدة للترفيه من ملاعب تنس واسكواش ومطاعم ومكتبات ومسابح وهذه الاندية هي:
1- نادي الحباري: انشئ في عام 1951 وكانت عضويته مقتصرة على موظفيها من الجنسيتين البريطانية والاميركية وعائلاتهم حتى عام1956.
2- نادي الاتحاد: انشئ في المنطقة الوسطى عام 1949 وعضويته مقتصرة على حملة الدرجات المتوسطة وعائلاتهم.
3- نادي كلستان: انشئ عام 1949 عضويته مقتصرة على المستخدمين الهنود والباكستانيين، اقفل هذا النادي ودمج مع نادي الاحمدي الذي انشئ في عام 1955 على ما اعتقد للاعضاء الحرفيين ومن في مستواهم من جميع الجنسيات.
المناطق السكنية في الأحمدي
وعن مناطق الاحمدي السكنية يحدثنا ضيفنا قائلا: كانت الاحمدي توزع الى ثلاث مناطق سكنية هي:
1- الاحمدي الشمالي: مساكنها مكونة من عدة انواع وتوزع حسب الدرجة وحجم العائلة، كانت في السنوات الاولى من عام 1949 الى عام 1956 مقتصرة على السكان البريطانيين، والاميركان فقط، في عام 1956 حصل تغيير في سياسة الشركة وابتدأ توظيف الاختصاصيين وحملة الشهادات الجامعية من الجنسيات الاخرى فصار من حق هؤلاء الحصول على السكن المناسب في المنطقة الشمالية اسوة بزملائهم من البريطانيين وغيرهم.
2- المنطقة الوسطى: مساكنها تختلف عن شمالي الاحمدي ومكونة من انواع عدة مخصصة لموظفي الدرجات المتوسطة وعائلاتهم من جميع الجنسيات.
3- جنوبي الاحمدي: تتكون من انواع عدة من المساكن مخصصة للمستخدمين وعائلاتهم من الحرفيين وغيرهم.
أسماء العسكريين الأوائل الذين عملوا بالاحمدي
اذكر بعض اسماء العسكريين الذين عملوا في ادارة الامن العام بالاحمدي في الفترة من عام 1949 الى عام 1958.
1- المرحوم محمد عبدالرحمن جحيل، اول فترة عمل فيها كان نهاية عام 1949 وكان برتبة.
2- المرحوم عبدالله الجار الله- عام 1950.
3- عبدالله صالح الحمدان- عام 1952 - 1954.
4- راشد الدريع.
5- عبدالله عبدالعزيز السعودي- عام 1949 حتى فترة طويلة.
6- هاشم بوفتين- 1951.
دوائر الأمن بالكويت عام 1949
كان في الكويت عام 1949 ثلاث دوائر أمنية، وكانت كالتالي:
1 ـ مديرية الأمن العام: كان يرأسها المرحوم الشيخ عبدالله المبارك الصباح والمرحوم الشيخ عبدالله الأحمد الصباح نائبا له.
من مهام هذه المديرية آنذاك: حفظ الأمن، وإصدار جوازات السفر، ومراقبة دخول وإقامة الأجانب، ومراقبة الحدود، والإشراف على قوة الحدود.
كان من كبار موظفي هذه المديرية كل من الآتية اسماؤهم.
أ ـ المرحوم هاني جميل القدومي ـ مدير إدارة الجوازات.
ب ـ عبداللطيف الثويني ـ مدير إدارة الأمن والسيد دعيج العون مساعدا له.
ج ـ المرحوم جبرا شحيبر ـ مدير قوة الأمن والمسؤول عن التدريب والتموين.
د ـ المرحوم يعقوب البصارة ـ قائد قوة الحدود.
هـ ـ محمد القبندي ـ مسؤول قسم المباحث.
2 ـ مديرية الشرطة العامة ـ كان يرأسها المرحوم سمو الشيخ صباح السالم الصباح، والمرحوم سمو الشيخ سعد العبدالله السالم الصباح نائبا له.
كان من مهمات هذه المديرية: حفظ الأمن، والإشراف على نظام المرور، وإصدار التراخيص اللازمة بهذا الشأن.
أذكر أنه كان من كبار موظفي هذه المديرية في خمسينيات القرن الماضي الآتية اسماؤهم:
أ ـ السيد عبدالرحمن سالم العتيبي ـ أول مدير للمديرية.
ب ـ المرحوم خليل شحيبر (وكيل وزارة الداخلية المساعد فيما بعد).
ج ـ المرحوم جاسم القطامي (وكيل وزارة الداخلية بعد الاستقلال).
د ـ يوسف السعد: مدير إدارة المرور.
هـ ـ علي الصبيح: مدير إدارة المرور.
و ـ يحيى الجنابي.
3 ـ مديرية شرطة الميناء: كان يرأسها المرحوم الشيخ مبارك الحمد الصباح.
وكانت مهمات هذه المديرية: رقابة الميناء، والإشراف على الجمارك.
من كبار موظفيها في ذلك الوقت المرحوم عبدالسلام شعيب.
أول محققين كويتيين في إدارة الأمن العام بالأحمدي
عندما تم الاتفاق على إغلاق دائرة تحقيق شركة نفط الكويت في عام 1953 والحاق محققيها بدائرة التحقيق التابعة لدائرة الأمن العام روعي الاهتمام بتوسيع هذه الدائرة والاهتمام بتشجيع الشباب الكويتي على العمل في مجال التحقيق وتدريبهم على أيدي المحققين ذوي الخبرة فقد تم تعيين السادة الآتية اسماؤهم بوظيفة مساعد محقق.
1 ـ المرحوم ناصر الحوطي.
2 ـ عبدالصمد شهاب.
3 ـ جاسم محمد بهمن.
4 ـ محمد الخزام.
مستشفى المقوع
كانت المقوع بعد منتصف أربعينيات القرن الماضي مركزا لإدارة شركة نفط الكويت قبل انتقالها الى الأحمدي، حيث كانت تضم معظم الفعاليات ومساكن مديري الشركة، كما أنشئ مستشفى كامل التجهيز لمواكبة وخدمة الأعداد المتزايدة من المستخدمين مع بدء عمليات البناء والاستكشافات النفطية.
كان هذا المستشفى كامل التجهيز من حيث الإدارة والجهاز الطبي والأقسام المختلفة، كان يضم أجنحة للجراحة والأمراض العادية والولادة والأطفال والعزل من الأمراض السارية، جميع الأطباء كانوا من البريطانيين والأميركيين وثلاثة من الهنود يعاونهم جهاز من الممرضين البريطانيين والهنود.
في عام 1959 انتقل المستشفى الى مبنى جديد في الأحمدي تحت اسم مستشفى ساوثول (اسم مدير عام شركة البترول البريطانية bp). سلمت مباني مستشفى المقوع بعد انتقاله الى وزارة الصحة الكويتية وتم تحويله الى مستشفى للأمراض الصدرية، وعين د.غالب الغلاييني مديرا له آنذاك.
كان مدخل الأحمدي على طريق المقوع منطقة عامرة بالحركة، فكان على جانبي الطريق مواقف سيارات الأحمدي وغيرها، وعلى الجهة الغربية كان هناك صف من الحوانيت المختلفة وبعض المقاهي جميعها مبنية من الخشب والصفيح، كان خلف هذه الحوانيت أعداد كبيرة مبنية من الصفيح تقيم فيها عائلات من أجناس مختلف، وعلى الطرف الشمالي كانت هناك مقار ومساكن للمقاولين وعمالهم، اما على الجهة المقابلة أي الشرقية فكان هناك مخيم لمستخدمي شركة النفط العزاب، وكان يسمى كمب نمرة خمسة، وأذكر ان نسبة كبيرة من المقيمين بذلك المخيم كانوا من الجنسية العمانية.
في عام 1954 ورغبة في تنظيم مدخل الأحمدي، أمر سمو المرحوم الشيخ جابر الأحمد بتخصيص وتنظيم مكان في منطقة تقع شمالي المنطقة الصناعية بالفحيحيل سميت «البدوية» وتم نقل جميع سكان العشش والمقاولين اليها.
عدد سكان الكويت في 1949
يستذكر الهنيدي الظروف الديموغرافية في الكويت منتصف القرن العشرين وعدد السكان، حيث يقول:
على ما أذكر لم يكن في عام 1949 احصاء رسمي بعدد سكان الكويت، واذكر عند سؤالي بعض ذوي المعرفة والعلم آنذاك كانت اجابات معظمهم بأن عدد السكان ينحصر بين الخمسين والستين ألفا.
أود ان اذكر هنا وبناء على ما شاهدته أثناء تجولي بالكويت أوائل عام 1949 انه كان جل سكان الكويت يقيمون داخل السور ولم يكن في ذلك الوقت أي عمران خارجه.
المناطق المأهولة بمناطق النفط
كانت هناك مناطق سكنية عدة منها ما أزيل والآخر مازال قائما، ونما مع حركة العمران، ومن أهم هذه المناطق:
1 ـ الصبيحية: منطقة صغيرة مساحتها لا تتعدى 2كم2 تقع جنوب حقل البرقان ومكونة من عدة منازل من الصفيح (عشيش) وسكانها كانوا يعملون بالزراعة في مزارع صغيرة ويزرعون الخضار، ونزح اليها السكان ف عام 1960.
2 ـ الشعيبة: كانت منطقة سكنية، وفيها مجموعة من المنازل السكنية مقامة على طول الساحل، وفيها بيوت للمرحوم الشيخ صباح الناصر، وكانت فيها مدرستان الأولى ابتدائية للأولاد والثانية ابتدائية للبنات، وأزيلت قرية الشعيبة أواخر الستينيات وتحولت الى منطقة صناعية.
3 ـ جعيدان: عبارة عن واحة صغيرة تظللها أشجار كبيرة من شجر السدر وتقع شرقي البرقان ومعظم سكانها من البدو ويسكنون في منازل من بيوت الشعر، وتم إفراغ المنطقة من السكان في عام 1958.
بناء سوق الأحمدي
تم بناء سوق الأحمدي عام 1953 بناء على تعليمات من سمو الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد، رحمه الله، وكان مجمعا لمعظم النشاط التجاري من مخابز وسوق للحم وآخر للسمك وفروع محلات تجارية شهيرة والمخزن الشرقي و«جاشنمال»، وكان السوق يعج بالزبائن قبل الغزو العراقي، وقل العمل بسبب هجرة السكان عن الأحمدي (حاليا السوق مغلق).
من الشخصيات الموجودة في ذلك والذين تعرفت عليهم محمد جعفر وعبدالرزاق القدومي وسليمان الموسى شاعر كبير محمد القبندي.
مرافق الأحمدي عام 1949
كانت شركة نفط الكويت في أواخر أربعينيات القرن الماضي تستخدم ما يفوق السبعة آلاف موظف ومستخدم، وكان معظمهم من الجنسيات البريطانية والاميركية والهندية والباكستانية وذلك اثناء طفرة عمليات حفر آبار النفط وبناء الطرق والرصيف الجنوبي وخزانات النفط ومراكز التجميع وبناء المساكن الدائمة، وفي ذلك الوقت بدأ وصول عائلات موظفيهم، فكان لابد من توفير وسائل الاستقرار اللازمة فهيأت الشركة المرافق الآتية:
1 ـ انشأت الشركة مستشفى في منطقة المقوع حيث كانت عملياتها تدار من هناك في ذلك الوقت، كان هذا المستشفى كامل التجهيز ومكونا من عدة أجنحة منها الجراحة والباطنية والولادة والاطفال وجناح العزل وعيادتان خارجية وطوارئ.
كانت تدير هذا المستشفى هيئة طبية عالية من الاطباء البريطانيين والأميركيين وثلاثة من الجنسية الهندية.
انتقل هذا المستشفى الى الأحمدي في عام 1959.
سلمت مباني مستشفى المقوع الى وزارة الصحة وحولته إلى مستشفى للامراض الصدرية.
2 ـ اقامت الشركة في عام 1948 محطة لتوليد الكهرباء في ميناء الأحمدي كانت كافية لتزويد الكهرباء لجميع عملياتها في حقول النفط والورش والشوارع والمساكن.
3 ـ أقامت الشركة محطة لتحلية مياه البحر في ميناء الأحمدي (بدلا من استيرادها من البصرة) وكانت هذه المحطة هي الأولى بالكويت، وكانت تكفي لتزويد المياه العذبة الى جميع مناطقها.
4 ـ انشئت مدرستان في الأحمدي في عام 1950 الأولى المدرسة الانجليزية والاميركية لابناء الموظفين الانجليز والاميركيين في منطقة شمالي الأحمدي، والثانية مدرسة الإندو باكستان لابناء الموظفين الهنود والباكستانيين في وسط الأحمدي.
أقفلت هاتان المدرستان في أوائل الستينيات بعدما سمح بإنشاء المدارس الخاصة.
5 ـ فتح مخزن تموين بالتعاقد مع شركة سپينيز (spinnegs) البريطانية تقدم فيه جميع الحاجيات التموينية من لحوم وخضار ومشروبات وغيرها.
لم يكن يسمح بدخوله لغير موظفي الشركة.
6 ـ انشئت مصبغة كبيرة (داخل المنطقة الصناعية بالأحمدي) لغسيل وكي الملابس للموظفين وعائلاتهم وكانت بالمجان.
7 ـ انشئ مخبز كامل آلي في المنطقة الصناعية للخبز وجميع أنواع الحلويات خاص بموظفي الشركة وعائلاتهم.
8 ـ انشئ مصنع للمياه الغازية في المنطقة الصناعية وكان ينتج اصنافا مختلفة.
9 ـ تم انشاء ثلاثة اندية خاصة بموظفي الشركة كانت مجهزة بجميع الوسائل والملاعب.
الأول: انشئ عام 1950 في شمالي الأحمدي.
كانت عضويته مقتصرة على الموظفين الانجليز والاميركيين وعائلاتهم فقط.
ظل هذا ساريا حتى عام 1956 حيث سمح للجنسيات الأخرى من ذوي الدرجات العليا، وسمي هذا النادي بـ«نادي الحباري».
والثاني: انشئ في بادئ الأمر في منطقة بشمالي الأحمدي عام 1948 مقابل المبنى الرئيسي للشركة.
انتقل بعدها إلى وسط الأحمدي، حيث المقر الحالي.
كانت العضوية للموظفين الهنود والباكستانيين والجنسيات الأخرى من نفس الدرجة.
سمي بـ«نادي الاتحاد».
والثالث: كان نادي نخلستان في شرقي الأحمدي للفنيين الهنود والباكستانيين.
أقفل هذا النادي في عام 1954، عندما تم بناء نادي الاحمدي في المنطقة الجنوبية.
10 ـ ملاعب رياضية:
أ ـ ملعب غولف في شمالي الأحمدي بجانب نادي الحباري.
ب ـ ملعب كرة قدم في المنطقة الوسطى.
كانت ارضه خليطا بالنفط لكي تتماسك التربة.
كان يقع في المكان المقامة عليه قاعة المجتمع والكنيسة.
جـ ـ ملعب كرة قدم رملي بدون مدرجات كان مقاما في نفس المكان المقامة عليه منشآت وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل في الاحمدي حاليا.
د ـ ملعب رغبي مقابل نادي الاتحاد.
هـ ـ ملعب كريكت ـ مقابل محافظة الأحمدي.
11 ـ دور سينما:
كانت في الأحمدي في عام 1949 عدة دور للسينما، تابعة لشركة نفط الكويت لترفيه موظفيها وعائلاتهم، وكانت مواقعها كالتالي:
أ ـ سينما صيفية مكشوفة في نادي الحباري.
ب ـ سينما صيفية مكشوفة في منطقة بين الأحمدي والفحيحيل، حيث كانت هناك مساكن لموظفيها.
جـ ـ سينما مغطاة داخل المنطقة الصناعية بالأحمدي.
د ـ سينما صيفية مكشوفة في وسط الأحمدي.
من مناقب أمير القلوب
أود أن أذكر هنا وللتاريخ مناقب سمو المرحوم الشيخ جابر الأحمد، كما عايشته وقمت بالعمل بقربه في السنوات من عام 1949 الى عام 1963، كان رحمه الله شخصا وسيما، يبتسم بدون تكلف، فهو ذو ذاكرة جيدة، يتسم بالذكاء، يجيد الاستماع، وهو كريم معطاء، يهوى القراءة والشعر.
كان حريصا على تشجيع الشباب الكويتي على العمل خاصة في مجال النفط.
وأذكر هنا تعليماته آنذاك لمسؤولي شركة نفط الكويت حيث اكد على إقامة مراكز تدريب للشبــاب الكويتي لتدريبهم في المجالات المختلفة في صناعة النفط.
كما كان حريصا على تشجيع الزراعة وتنسيق الحدائق خاصة في جنوب الأحمدي التي كانت تقطنها العائلات الكويتية، حيث خصص لها جوائز نقدية للخمسة الأوائل من جيبه الخاص.
ومن أهم بصماته التي سيذكرها التاريخ:
1 - إنشاء صندوق الأجيال القادمة والذي اقتبست فكرته كثير من الدول الخليجية والنرويج.
2 - مساهمته في إنشاء منظمة أوپيك (الدول المنتجة والمصدرة للنفط).
3 - مساهمته في إنشاء منظمة أوابك (الدول العربية المنتجة والمصدرة للنفط).
4 - إصدار أول عملة كويتية في عهده.
رحمة الله عليه وأسكنه فسيح جناته.