- أحببت الرمز في القصة واعتمدته منهجاً في مؤلفاتي وناقشت الرمزية في كتابات نجيب محفوظ برسالة الدكتوراه
- ولدت في الكويت بالحي القبلي بفريج سعود عام 1943
- فريجنا كان مزدحماً بالسكان وفيه عدد كبير من نواخذة السفر الشراعي ونواخذة الغوص ونقل المياه
- أول مدرسة التحقت بها كانت المدرسة الأحمدية الواقعة على ساحل البحر مقابل فريج سعود
- أمضيت سنوات من الدراسة في المباركية ثم نقلنا جميعاً إلى الكلية الصناعية وأعتبر هدم المباركية القديمة من الأخطاء الكبيرة
- المدرسة الأحمدية تأسست في العام 1921 والمدرسة القبلية عام 1950 ولاتزال المباني موجودة
- النظام التعليمي في الكويت أوائل الستينيات كان الأفضل وهو الأنسب حالياً لحل الأزمة المرورية وتخفيف الازدحام
أجرى الحوار: منصور الهاجري - كاتب وباحث في التراث والتاريخ ومقدم برامج في الإذاعة والتلفزيون
ضيف هذا الأسبوع الدكتور سليمان الشطي عضو رابطة الأدباء وأستاذ الادب بجامعة الكويت، تخصص في الأدب العربي، وحصل على شهادة الدكتوراه من جامعة القاهرة، وكان موضوع بحثه «الرمز عند الأديب نجيب محفوظ».
كانت هوايته القراءة والمطالعة منذ مرحلة التعليم الابتدائي، وقد شجعه على ذلك أحد المدرسين، واستمرت معه هذه الهواية حتى انه بدأ يكتب القصة القصيرة في المرحلة المتوسطة، وينشر ما يكتبه.
وفي «المعلمين» تعرف على صديقيه د.طارق عبدالله وسالم الفهد الذي كان مذيعا في إذاعة الكويت. اهتم كثيرا بالقراءة وتفتح ذهنه بعد قراءة أمهات الكتب، وكان يشارك زملاءه في المسابقات، ولتفوقه حصل على جائزة عبارة عن كتابين. د.سليمان الشطي سبق زمنه، ومنذ مرحلة شبابه إلى يومنا هذا وهو يشارك زملاءه في جامعة الكويت في الانشطة الجامعية على مستوى هيئة التدريس.
له مجموعة من المؤلفات بلغت اثني عشر كتابا في القصة والرواية. تظهر «الرمزية» بوضوح في مؤلفاته وكتبه، وفي رسالته للدكتوراه تطرق إلى الرمزية عند الكاتب نجيب محفوظ، وله نشاط متميز في رابطة الادباء، وقد ظل امينا للرابطة عدة سنوات.
في هذا اللقاء يحدثنا د. الشطي عن التعليم وجامعة الكويت وعن مؤلفاته، ولم ينس في حديثه فريج سعود، الحي الذي ولد فيه، والمدرسة الأحمدية والمدرسة المباركية.
كل هذه الأمور وغيرها نتعرف عليها من خلال السطور التالية:
بدأ الحديث مع د.سليمان علي حسن الشطي عن الحي القبلي وفريج سعود حيث ولد وقضى أيام الطفولة حيث يقول: ولدت في الكويت بالحي القبلي بفريج سعود عام 1943، وفريج سعود من الفرجان القديمة في الكويت وهو يقع مقابل ساحل البحر من الجهة الشمالية وهو فريج مزدحم بالسكان وفيه عدد كبير من نواخذة السفر الشراعي ونواخذة الغوص ونقل المياه، وفيه مجموعة ملامح مهمة وشرقية مثل قصر السيف وفرضة بيع الخضار والفواكه المستوردة من عبادان والبصرة والنقعة الكبيرة لرسو السفن الشراعية.
ويحيط بفريج سعود جنوبا مسجد المديرس ويقابل المدرسة الاحمدية الواقعة على ساحل البحر والسكان من اهل البحر بحارة او نواخذة او ملاك للسفن ولذلك نجد اكبر كثافة من السفن في النقعة المقابلة لفريج سعود، وكانت السفن الكبيرة والصغيرة والمتوسطة تركن ايام الصيف وحسب مواسم العمل، مثلا سفن الغوص لها موسم وسفن السفر الشراعي لها موسم وسفن صيد الاسماك.. وهكذا سفن تتحرك وسفن ترسو في تلك النقعة.
فريج سعود الكبير يحده من الجهة الغربية فريج الخالد والمسجد والديوانية ومن الشمال البحر ومن الجنوب بيوت ومنطقة اسواق ومن الشرق فريج الغنيم، ومن حيث الانشطة التجارية له دور كبير مثل العمارات الممتدة على طول الساحل وتوجد عمارات بفريج سعود مقابل المدرسة الاحمدية وبعدها وقبلها، وهو يعد من المناطق السكنية الكبيرة وتسكنه مجموعة كبيرة من العائلات، والمدرسة الاحمدية التي تأسست عام 1921 والمدرسة القبلية التي تأسست عام 1950 ولا تزال المباني موجودة «محافظ عليها».
فريج سعود من الفرجان الكبيرة وهو مزدحم بالسكان ويسكن ذلك الفريج مجموعة كبيرة من النواخذة ورجال البحر وأذكر من جيران بيت الوالد عائلة احمد ومحمد القصار وخليفة وعلي القصار وبيت عائلة عبدالعزيز الحساوي والمضاحكة وعائلة العبدالجليل والمباركي نواخذة سفن شراعية وعبدالوهاب التورة وعبداللطيف وعبدالوهاب العبدالجليل والخالد لهم مسجد الخالد وديوان الخالد، ومن الغرب عائلة المرزوق والعمر والنصرالله والنجار واحمد وعبدالعزيز المضاحكة وبيت الربان وبيت عائلة بن شيبة وهم نواخذة السفن الشراعية.
وكان لهم دور كبير بحكم الموقع وبدأت إزالة البيوت منذ منتصف الخمسينيات وأزيلت المباني القديمة والمبنى الوحيد الموجود هو مبنى المدرسة القبلية وكان قبل ذلك مدرسة الروضة للأولاد وكان الناظر عقاب الخطيب. وفريج سعود له سُلمان من جهة البحر لانه مرتفع عن البحر: سلم بن عبدان وسلم المدير.
بيتنا متصل بعمارة الوالد ممكن انزل منها الى الشارع، في فريج سعود البيوت على تلة من جهة البحر ونازل من جهة فريج المديرس وبيوتنا على مرتفع.
الدراسة والتعليم
تناول الشطي في حديثه بعد ذلك مشواره في التعليم وذكرياته عنه، حيث يقول: اول مدرسة التحقت بها كانت المدرسة الأحمدية الواقعة على ساحل البحر مقابل فريج سعود وكان لها ملحق خلف المباني، وكنت انزل من السلم المواجه لباب المدرسة الأحمدية وأدخل المدرسة، دخلت المدرسة بواسطة المرحوم الاستاذ راشد السيف وكان يجلس عند جدي في العمارة، وباشرت الحضور يوميا الى المدرسة الأحمدية وكانت مبنية على ساحل البحر، وكانت لا توجد مبان من جهته، وكانت المدرسة مربعة، اضلاعها متساوية، وكان للمدخل باب كبير، وكان الناظر وقتها صالح عبدالملك، وأذكر من المدرسين أحمد ياسين رحمه الله. أذكر أنه كان يوجد ليوان أمام الفصول، وفي أحد الأيام اقيم احتفال وكان الليوان جزءا من المسرح الذي أقيم بالساحة، لا أذكر عدد الفصول ولكن أذكر أن الأرضية كانت رملية مستوية وكنا نصلي بالساحة.
امضيت ثلاث سنوات في المدرسة الأحمدية، ثم نقلت مع الطلبة إلى المدرسة المباركية بسبب عدم وجود فصل رابعة ابتدائي بالأحمدية، كنت أذهب إلى المدرسة مشيا على الأقدام من فريج سعود شرقا إلى البنك الوطني القديم، ومن مسجد الفهد إلى سوق التجار يمينا إلى المدرسة المباركية.
كان راشد ادريس سكرتير المدرسة المباركية، أما صالح شهاب فكان مدرس اللغة الانجليزية، وأصبح صالح عبدالملك ناظرا للمباركية، ولم يكن للمدرسة وكيل، وكان يوجد مدرس آخر اسمه تيسير وهو فلسطيني الجنسية.
امضيت سنوات الدراسة في المباركية ونقلنا جميعا الى الكلية الصناعية بسبب هدم المباركية القديمة، وأعتبر هذا من الاخطاء الكبيرة، فقد كانت المباركية من اقدم وأحسن المباني لأنها بنيت وافتتحت عام 1911 في عهد المرحوم الشيخ مبارك الصباح، وكان بناؤها مربعا تحيط بها الفصول، وتم بناء مبنى جديد لا يزال قائما. وزارة التربية خصصت باصات لنقل الطلبة الى الكلية الصناعية لمدة عامين دراسيين، ثم رجعت الى المدرسة المباركية الجديدة.
انتقل الوالد من فريج سعود في عام 1955 وسكن في الصالحية (حاليا بنك) وفي ذلك الوقت كان مسافرا إلى الهند، المهم كنت اذهب الى المباركية من الصالحية بواسطة الباص، وامضيت فترة دراستي في المدرسة المباركية بالمبنى الجديد، وبعد عودتنا من الكلية الصناعية وكنت في الصف الثالث الابتدائي حصل في تلك الفترة تغيير في نظام التعليم فصرت في ثانية متوسط ورجعت الى المباركية الجديدة.
بعد ذلك حصلت على الشهادة المتوسطة من مدرسة المباركية المتوسطة. كان نظام الدراسة في ذلك الوقت تربويا وغاية في الدقة، كان حقا تربية وتعليما، كان الدوام المدرسي يمتد منذ الصباح حتى الساعة الثالثة والنصف، كان فترة واحدة ممتدة، في الساعة الثانية عشرة تنتهي فترة الدراسة الأولى فنصلي الظهر وتبدأ الأنشطة المدرسية مثل التمثيل والخطابة والمناظرات واللجان مثل لجنة المكتبة ولجنة المقابلات، كانت المسابقات من خارج المقرر، وكانت المشاركة الثقافية والتمثيلية والمناظرات بحضور الطلبة، تعلمنا اشياء كثيرة، النظام كان تربويا وكانت هناك رعاية من قبل المدرسة، أذكر أنني شاركت بالمسابقات، ومقابل كل هذا كان هناك عقاب شديد للطالب المخالف، واذكر موقفا بيني وبين المرحوم الاستاذ صالح عبدالملك وعوقبت منه كثيرا، وأذكر ان الطالب إذا غاب بسبب المرض يضرب بالعصا ولا يؤخذ بالعذر، والحقيقة أننا كنا نخاف من الناظر. كذلك أذكر اثناء إلقائي كلمة التخرج في الجامعة كان وزير التربية صالح عبدالملك قلت له عقب الحفل: لقد ضربتني كثيرا، فقال: هذا الذي جعلك من المتفوقين حاليا.
الهوايات والأنشطة
يتطرق الشطي الى ميوله وهواياته قائلا: كانت عندي هوايات ثقافية وادبية وقد مارست القراءة، وكانت من الاساسيات، وقد قرأت كتبا كثيرة، وقد كنت طالبا في المباركية، ومن هواياتي الخطابة امام الطلبة، وشاركت في المسابقات والقصة والبحث، وحصلت على جائزة كتابين احدهما رواية، وكنت مشاركا في القراءة، والكتاب لفيكتور هوغو، والثاني عن لمحات من تاريخ العالم للال جواهر نهرو، من قراءتي لهما تفتح ذهني على التاريخ الانساني والعالمي، وكنت اشارك الزملاء في المناظرات ومعي المرحوم عبدالله القصار، وهو فنان تشكيلي، وشاركت في نشاط الرسم، واقول ان اصلاح التعليم في الكويت يعود الى ذلك النظام الذي كان مطبقا في اوائل الستينيات، لأن دخول الطالب الى المدرسة من السابعة والنصف حتى الساعة الثالثة والنصف، هنا يكون جميع الموظفين ذهبوا الى بيوتهم ومن بعدهم الطلبة وبالتالي تحل وتخف الازمة المرورية وينتهي الازدحام، التعليم في ذلك الوقت كان منظما، حيث نجد امتحانات المرحلة المتوسطة صعب جدا وكان هناك امتحان موحد لجميع مدارس الكويت بالمرحلتين المتوسطة والثانوية العامة،كان لكل طالب رقم خاص به ومقعد خاص به، وكانت المراقبة شديدة جدا والارقام سرية وكل طالب يدخل الامتحان لا يعرف المدرس وحتى المدرس لا يعرفه، لأن بعض المراقبين يأتون من خارج المدرسة.
اوائل الستينيات كان اختبار سنة رابعة متوسط وكنت في لجنة بمدرسة الفيحاء المتوسطة، والذي يجتاز سنة رابعة متوسط يعتبر من الطلبة الممتازين، وكل حسب قدرته في الترتيب، والامتحان موحد لجميع الطلبة، وكانت النتيجة تذاع في اذاعة الكويت «الناجحون والراسبون»، ومن له دور ثان ، نجحت بالدور الاول وكنت الوحيد الناجح من طلاب فصلي والباقون رسبوا، كنت حريصا جدا على ان انجح ولكن لم احرص على الترتيب وكنت مغرما بالقراءة، لذلك كنت ناجحا وكان نجاحي مضمونا.
التعليم الثانوي
بعد ذلك تحدث ضيفنا عن المرحلة الثانوية قائلا: نجحت في رابعة متوسط اختبار العام الدراسي 1960 ـ 1961، ونقلت الى التعليم الثانوي في ثانوية كيفان، واول عام 1961 ـ 1962 كانت بداية افتتاحها وكانت وزارة التربية تعرض على الطلبة لمن يرغب في الدراسة في سورية على ان يتخرج معلما، فكانت عندي الرغبة في ان اكون مدرسا ولكن تراجعت ولم ألتحق. وفي العام الدراسي 1961 ـ 1962 كنت في فصل اول ثانوي في ثانوية كيفان واستمررت بالدراسة حتى نجحت في ثانية ثانوي.
وكنت اشارك الزملاء في الالعاب بالفصل، ولكن لم اشترك بالفرق الرياضية لأني كنت مشغولا بقراءة الكتب والروايات، فركزت نشاطي على القراءة في ثانوية كيفان، وكان مدرس اللغة العربية يعمل لنا مسابقات وكنت اشارك فيها، ولم استمر في ثانوية كيفان بعد نجاحي من ثانية ثانوي لأنني التحقت بمكان آخر.
معهد المعلمين
وعن سبب عدم استمراره في التعليم الثانوي بعد العام الثاني، يقول الشطي: العام نفسه الذي تم فيه افتتاح معهد المعلمين التحقت به، لذلك عينت في سنة اولى معلمين ومقره مدرسة قتيبة الابتدائية في المرقاب وذلك عام 1964 ـ 1965، وتعرفت على بعض الاصدقاء، وتعرفت على د. طارق عبدالله في المعلمين، واحمد الهلال وهو فنان تشكيلي، وكان ينشر في مجلة «الهدف».
استمررت في معهد المعلمين 4 سنوات حتى التخرج وألقيت محاضرة عامة في المعلمين عن الموسيقى الكويتية والموسيقى بشكل عام، ومادة الموسيقى مقرر من ضمن المقررات، وعندنا التذوق الموسيقي وكتبت عن الموسيقى، وأذكر مدرس الموسيقى عبدالرؤوف اسماعيل الذي أعجبه الكلام، وألقيت المحاضرة وسمع بها مدير المعهد وتطورت الدعوة وتمت دعوة المرحوم حمد الرجيب ود.شرف مفتش الموسيقى، وبدأت في الكتابة بعد تلك المحاضرة ونشرت بالصحافة وأنا في «المعلمين».
بعد التخرج في معهد المعلمين التحقت بجامعة الكويت وأكملت دراستي الجامعية لمدة 4 سنوات، ولم أشتغل مدرسا بعد تخرجي في معهد «المعلمين» وإنما التحقت مباشرة بالجامعة، وأثناء استعدادي لتقديم الماجستير والدكتوراه خطر ببالي فن القصة ووجدت ان الرمز ممتع.
الرمز في القصة
يتحدث د.سليمان الشطي عن حبه للرمزية وتوظيفه للرمز في القصة، حيث يقول: بما انني كنت أكتب القصة ونشرتها بالمجلات صار عندي استعداد وصار عندي علم ومعرفة بالرمز في القصة، والحديث عن الرمز ممتع، وقد سبقني الكثير من الأدباء والكتّاب، والرمز أداة أدبية عرفت منذ سنوات، وعندما بدأت أعد رسالة الماجستير اخترت زاوية الرمز في البحث، وقد اخترت الجانب الرمزي عند الأديب والكاتب نجيب محفوظ، وباشرت في قراءاتي عن الرمز والاتجاهات المختلفة، البداية كانت دراستي لنجيب محفوظ، والإنسان عندما يدرس موضوعا لابد ان يتأثر به لا شعوريا، فعندما تتعود على النص الأدبي ليس باعتباره سطحا شفافا فانه يوحي بأمور كثيرة تبحث عنها، العبارة أمامك وانت تبحث فيما وراءها وماذا يريد الكاتب، مثلا لو أخذنا كتاب كليلة ودمنة لابن المقفع، لم يكن يكتب للحيوانات او عن الحيوانات، بل كان يهدف الى رسالة خفية، هنا يبدأ الإيحاء الرمزي الموجود في كتابه، فعندما يقرأ الإنسان أي حكاية من حكايات كليلة ودمنة لا يقف عند القصة الواقعية التي حصلت، فمثلا حكاية الجمل الذي ضاع في الصحراء ومعه ذئب وثعلب وغراب وأسد والكل يعيش بعضه مع البعض، والأسد يدخل معركة ويحصل له أذى، والحيوانات معه تحرضه على ان يأكل الجمل، وبدأت تبرر له لماذا يضحي بالفرد في سبيل الجماعة؟
فالقصة ليست في ظاهرها انها قصة جمل وذئب وأسد وإنما يريد ان يقول ان هناك افكارا يريد ان يغرسها في الشخص، الحيوانات رمز للأفكار التي يريد ان يغرسها.
هذا النوع من القراءة والنصوص يؤدي الى نوع من الكتابة وهو الذي جعلني أكون منسجما مع الكتابة الرمزية، ودراستي عن نجيب محفوظ كانت موفقة، وقد رحب الدكتور المشرف بالفكرة، وكان هناك اعتراض على ان نجيب محفوظ وقتها حي والدراسات لا تكتب عن الناس الأحياء، لكن الدكتور المشرف على الماجستير أقنعهم، والموضوع أول من كتب فيه في الكويت هو د.سليمان الشطي، سبقتني المرحومة عواطف الصباح في الماجستير من جامعة الكويت وكان للدكتور خليفة الوقيان كتاب عن القضية العربية في الشعر الكويتي وهو كتاب جميل وفيه افكار جديدة وقد اعيدت طباعته وكنا في الوقت نفسه مع خليفة الوقيان والمرحوم خالد عبدالكريم جمعة وناقشنا نحن الثلاثة الرسائل في سنة واحدة حيث ذهبت الى القاهرة.
الدكتوراه في القاهرة
خطوة عزيزة على قلب د.سليمان الشطي وهي الحصول على الدكتوراه يقول عنها: بعد حصولي على الماجستير سافرت الى القاهرة لحصولي على الدكتوراه في موضوع «المعلقات» سبع معلقات ثم اضيفت لها معلقتان ثم معلقة واحدة فصار المجموع عشر معلقات.
القصائد سبع وجاء ابن النحاس واضاف لها قصيدتين فعرفت بالقصائد التسع، ثم جاء التبريزي واضاف لها قصيدة عبيد بن الابرص فصارت عشر قصائد وعلاقتي مع الذين درسوا المعلقات انهم قدموا الشروح القديمة والنقاد المحدثون الذين ناقشوا المعلقات لهؤلاء الأدباء ناقشتهم في آرائهم وكنت أناقش ما كتب في كتبهم حول المعلقات حيث ناقشت ابن الانباري وابن النحاس وناقشت الزوزني والشنتمري من القدماء وعدد كبير منهم التبريزي وأوضحت منهجه وجيل المحدثين من طه حسين حتى جيل كمال ابوديب وهو جيلي ومن سبقني ومصطفى ناصف من الجيل الثاني ويوسف اليوسف وابراهيم عبدالرحمن وبالنسبة لمن سبقهم الفلاييني وطه حسين وعدد كبير وناقشتهم عن الكتاب الذي صدر عن عالم المعرفة في الكويت.
الاهتمام بالدراسات النقدية
يتحدث د.سليمان الشطي عن اهتماماته الادبية وحبه للنقد قائلاً: النقد اولا كل انسان يدرس شيئا ما يتجه الى معرفته ومناقشته، ولذلك عندما كنت اقرأ النصوص الادبية شعرية او قصصية او مسرحية كنت اريد ان استمتع بالقراءة والمعلومات فإذا قرأت النص احب ان اقرأ ماذا قيل عنه وكيف فسر؟ فأبدأ بالقراءة فيما قيل عنه، مثلا قرأت نصا ما ادركته بطريقة معينة وآخر قرأه بطريقة أخرى فأزداد معرفة. اهتمامي بالدراسات النقدية جاء من هذه الزاوية فالإنسان عندما يقرأ نصا يجب ان يعرف ماذا يقول عنه الاخرون ووجهة نظرهم وكل وجهة نظر جديدة تزيدك معرفة.
النقد هو وجهة النظر وهي تختلف فهناك وجهة نظر علمية واخرى انطباعية واخرى تاريخية.
هذا الجانب نقلني من الموقف السلبي وهو القراءة والاستماع الى القراءة والعطاء، فأصبحت عندما أقرأ نصا احب ان اكتب عنه،خاصة ان الكتابة في النقد الأدبي في الكويت قليلة، ومن الواجب الوطني أن نكتب ونؤرخ من وجهة نظر نقدية، ولذلك حرصت عندما أصدرت كتابي الأول قصة «الصوت الخافت» على ان اكتب مقدمة عن تاريخ القصة في الكويت وعمن سبقني من كتاب القصة مثل فهد الدويري وفاضل خلف وخالد الفرج، وخالد سعود الزيد جمع هذه القصص في كتابه «قصص يتيمة»، طورت هذه المقدمة القصيرة وأصدرت كتابا كاملا بعنوان القصة القصيرة في الكويت، تاريخ القصة حتى الثمانينيات، ايضا وجدت من واجبي أن اتابع الحركة المسرحية، فكتبت عددا كبيرا من المقالات والتحقت بالمسرح.
ومن الناحية الثقافية في منتصف الستينيات كنت أكتب بالثقافة، ننقد المسرح او ندعمه، وكان هناك زملاء يمثلون، واصدرت كتابا عن المسرح ونشر بالموسوعة العربية في المسرح العربي بالاضافة الى مقالات منشرة في الصحف والمجالات، وكان آخر ما كتبته كتابي عن الشعر في الكويت بداية من عام 1825 حيث كتبت عن عثمان بن سند وغيره من الشعراء الشباب وغطيت الشعر من أوائل القرن التاسع عشر حتى نهاية القرن العشرين.
النقد والتأليف
عن الفروق والفواصل بين النقد والتأليف يقول الشطي: ليس هناك انفصال ولكن هناك اهتماما يوجه في مرحلة معينة في موضوع معين فإذا كنت مشغولا بالكتابة عن الشعر في الكويت فهذا يحتاج إلى جهد مائتي سنة وعشرات الدواوين وهذا يؤثر مثلا على الكتابة القصصية، حيث لا تستطيع ان تكتب القصة والشعر في آن واحد، ولذلك عندما انتهيت من كتابة الشعر تفرغت وكتبت روايتي.
عندنا شعراء يرفضون الظهور او الكتابة عنهم وأقول لكل منهم انشر شعرك لكي يقرأه الآخرون، والواجب على الدارسين أن يلتقطوا هذا الشعر، فالقضية مشتركة.
والواحد حر فيما يقول او يعبر به عن نفسه، ويوجد من الكتاب من حافظ على انتاجه، وجاء مِن بعدهم مَن نشره لهم. وبعضهم يوصي بإحراق شعره بعد وفاته، وهذه خسارة كبيرة.
النهضة الأدبية في الكويت ودور رابطة الأدباء
وعن الوضع الأدبي في الكويت يقول د.الشطي: هناك حاليا نشاط وحركة أدبية كبيرة ورعاية وعناية بالأدب ويوجد انتاج أدبي رفيع ومتميز، كما ان هناك مواهب ممتازة، وعلى العموم فالحركة الأدبية نشطة جدا وقد ظهر كم كبير من التأليف والإنتاج الأدبي مفرح وغزير.
أما عن إصداراتي فقد نشرت اثني عشر كتابا في البحث الأدبي وفي القصة والرواية، وكان أول كتاب طبع عام 1970 قصة «الصوت الخافت»، وفي عام 1976 نشرت كتاب الرمزية، وهناك رواية في طريقها الى النور، وقديما قدمت رواياتي بالإذاعة والتلفزيون.
المخرجون والممثلون يشتكون عدم وجود كاتب مميز، واقول ان فن القصة شيء مختلف عن الدراما والمسرح، حتى القصص التي تحول دراما هناك كاتب سيناريو مختص، هو يقرأ لكاتب متميز فيعيد العمل تشكيلا دراميا. وأتمنى من الكتاب الشباب الاعتناء بما يكتبون، فالكتابة مسؤولية، والكاتب عليه ان يضع نفسه امام مسؤوليته وعليه ان يحرص على ما يكتب وان تخلو كتابته من أي كلام ثرثرة أو أخطاء في الشكل.
وختاما، أحب ان أوجه الشكر لجريدة «الأنباء» وللكاتب والباحث في التراث والتاريخ الأخ منصور الهاجري.
النشر في الصحافة.. والبداية من «الهدف»
وعن كتاباته في الصحف، يقول الشطي: كنت اكتب في جريدة «الهدف» مع زملائي من هنا كانت البداية بالكتابة وأول مجلة كتبت فيها هي «صوت الخليج» وكان رئيس تحريرها باقر خريبط وقد نشرت فيها القصة وكانت مصادفة، وعندما كان معهد المعلمين في مدرسة قتيبة كان يوجد فيه المرسم الحر وكنت مع عبدالله القصار ومدرس الرسم محمد علي صادق، وتعرفت هناك على سالم الفهد، وكان احد مذيعي اذاعة الكويت، سألني: ماذا تفعل هنا في المرسم الحر؟ فقلت: انا اكتب، قال: عندك شيء؟ قلت: نعم، في ذلك الوقت كان عندي قصة بعنوان «الدفة»، وطلب مني القصة وأخذها، وبعد فترة قرأت «صوت الخليج» فوجدت قصة الدفة منشورة فيها، وهذه اول قصة تنشر لي، ومرة ثانية اخذوني الى الاذاعة لكي القي نصا، وكنت مشاركا بإذاعة المدرسة وساهمت في برامج اذاعية.
وقصة «الدفة» منشورة في مجموعتي «الصوت الخافت»، وهي اول عمل ينشر وبعدما التحقت بمعهد المعلمين بدأت أبرز اكثر وصار لي حضور كبير، وزادت معرفتي بسالم الفهد، وكنت اتردد على الاذاعة، وفي أوائل الستينيات برزت في العمل الأدبي.
واول قصة شعرت بها كتبتها من دون أن اعرف الرمز في القصة التي باشرت الكتابة بواسطته، والرمز في القصة ليس في فكري منذ البداية، كتبت القصة وكنت طالبا في المرحلة المتوسطة لأنني كنت اقرأ كثيرا وأكتب، كما كنت اقرأ القصة بمفهومها القديم وأسلوبها الذي كتبها به الأدباء، وأول قصة هي الدفة، وبعدما أنهيت المعلمين والتحقت بالجامعة استمر نشاطي الأدبي وزاد اهتمامي وأنا بالجامعة، وأيضا عندما التحقت برابطة الأدباء كنت اكتب، وأشرفت على مجلة «البيان» التي كانت تصدرها رابطة الأدباء، وكنت سكرتير التحرير، وبعد سنوات أصبحت رئيس تحرير مجلة «البيان».