قال الأديب الألماني الشهير يوهان غوته: «الجمهور ينبغي ان يعامل كما تعامل النساء، يجب علينا ألا نخبره إطلاقا بما لا يرغب في سماعه» عندما قال غوته هذه الكلمات.. لم يكن يقصد ان نكون كما يريد الجمهور.. كما يفهم البعض هذا الكلام، ففي عصر ذلك الأديب كان المتلقي يريد ان يسمع الأفضل دائما لذلك غوته حذر من التعامل الفظ مع الجمهور وعندما نسقط كلمات غوته على واقع الشعر الشعبي نرى بلا شك مهزلة ما يحدث من بعض الشعراء.
الشعر حالة راقية جدا.. والشعر صوت انساني عميق وأغلبية الشعراء لا يعرفون هذا الأمر. لذلك صورة الشعر الشعبي مشوهة بعين المثقفين ونخبة المتابعين.
خاصة عندما يسلم الشاعر شاعريته للجمهور ليتحكم بها، وأنا كصحافي في مجال الشعر الشعبي اعترف اعترافا قد يكون مرا ولكنه حقيقي: المتابعون حاليا للشعر نسبة كبيرة من المصفقين أو عنصريون لقبائلهم وهناك قلة متابعون من أجل الشعر وصوتهم قد يكون غير مسموع في ظل صخب العوام من المتابعين.
عندما تكون ثقافة المتلقين بهذه الصورة.. لا يجب ان يكون الشاعر كما يريدون لا يفقه من الشعر (قبيلتي أفضل قبيلة) و(فلان شاعر آل فلان) لأن عندما يترك الشاعر الحقيقي نفسه وذاته ليركض خلف ما يريد الجمهور في ظل هذه المعطيات المحسوسة على واقع الشعر، يكون قدم تنازلات كبيرة جدا واستسهل ان يكتب أي شيء من أجل تصفيق هنا أو ارضاء أحد هنا.
هناك أمثلة كثيرة من شعراء الساحة الشعبية لم يركضوا خلف الجمهور واحترموا شاعريتهم وقدروا عقول المتابعين واستطاعوا ان يصنعوا لهم ذوائق ذهبية تتابعهم وأبرزهم، فهد عافت.
ونايف صقر ومسفر الدوسري وتركي حمدان وبدر الحمد ومن الجيل الحالي المعرض أكثر لداء الجمهور مشعل دهيم وعايض الظفيري وعبدالمجيد الزهراني وبندر المحيا.
والكثير من الأسماء التي أبت ان تكون لعبة بيد جمهور أغلبه لا يجيد تذوق الشعر الجميل.
اذكر في أحد اللقاءات على قناة المستقبل قال الشاعر «ادونيس» للمذيع زاهي وهبه عندما سأله عن سبب عدم ركضه وراء الجمهور كما يفعل الشعراء : «قصيدتي هي من تخلق الجمهور أنا لا أحب الجماهير المعلبة الجاهزة» كلام عظيم جدا، وأسلوب قلما يتجه اليه شعراء الساحة الشعبية للأسف.
نحتاج في الساحة الشعبية لثورة ثقافة عارمة، لأن الشاعر هو بيده ان يغير الجمهور وبيده ان يكون لعبة بيده. لذلك نرى تميز الشعر بدول وخفوته بدول وعندما تريد ان تبحث عن السبب.. أبحث عن جمهور.
واحة
يقام مهرجان شعري في هذه الأيام واللجنة الاعلامية مازالت تمارس نفس الدور في المهرجانات السابقة التي أقيمت من قبلها، لا دعوة، لا إعلان، لا اتصال ولا تواصل مع معدي الصفحات الشعبية ولا تختار الا بعض الأسماء القريبة منها ومن ليست له علاقة بالشعر، أمور كنت أتمنى ان تتغير وخاصة ان الأمسيات تقام تحت اسم (الوطن) والوطن يستحق الكثير ولكن لا حياة لمن تنادي ولا يبدو ان هناك أي تغير في سياساتهم التي لا عين لها.. والله يرحم أيامك يا أبوظبي.
[email protected]