يمكن للغواص في محيطات الساحة الشعبية ان يرى اشكالا متنوعة من الكائنات الشعبية، بين اخطبوط متعدد الأيادي لكسب الشهرة أو المال.
وبين سمكة صغيرة لا يكبر حجمها في أفضل الأحيان عن الـ (صافي) التي تعيش غالبا بالقرب من الشاطئ، وتحيا في حالة قلق دائمة خوفا من افتراس الآخرين لها.
وبين أعشاب وأسماك قرش ومحارات وغيرها الكثير.
يمكنني ان أصف الكثير من مشاهد احياء تلك المحيطات، من خلال رحلة الغوص التي بدأتها منذ أربعة أعوام ومازالت، الا انني سأتحدث هنا عن لؤلؤة ثمينة، لم يكتشفها التجار الهنود عندما هيمنوا على تجارة اللؤلؤ في الخليج، ولم تعلم بها أي من النساء الأوروبيات الارستقراطيات في عشرينيات القرن الماضي.
انها لؤلؤة ناصعة البياض تشكلت في هيئة رجل يدعى علي المسعودي.
ولأبعد نفسي عن الشبهة، فأنا لست مشاركة في شاعر المليون القادم ولا أي نسخ اخرى منه، وبالتالي فلن أطلب من علي التوسط أو دعمي، كما انني لا ابحث عن وظيفة اعلامية جديدة لأتقدم للعمل معه ضمن مجموعته الاعلامية التي يديرها بالتعاون مع الشاعر حامد زيد، ولأنني أعلم أنه لا يمتلك الملايين فلست أطمع في شرهة منه أو عطية مثلا.
وبعد ان أزلت عن نفسي الشبهات تقريبا، سأبدأ بالحديث عن هذه اللؤلؤة بأريحية أكبر وأوسع. وأنا على يقين تام بأن هناك من يود معرفة ذلك الرجل عن قرب.
فهو من شارك في تأسيس الصحافة الشعبية الكويتية منذ زهاء عشرين عاما عبر مجلة المختلف. وبعيدا عن الصحافة الشعبية التي أتحفظ على تسميتها صحافة، فإن المسعودي قد تتلمذ عبر الصحافة اليومية في الشأن المحلي، وهذا ما اتفقت معه عليه في ان الصحافي اليومي يمكن له ان يكون اعلاميا شعبيا مميزا، الا ان الاعلامي الشعبي يصعب عليه ان يكون صحافيا يوميا.
ذلك لأن ظروف العمل الصحافي اليومي كفيلة بصناعة الشخصية الاعلامية التي تبحث عن الحدث وتخلقه من العدم، بل انها تفرض على الصحافي التعامل مع الحدث بطريقة أسرع وأدق.
لذا، فإنني أرى ان المسعودي قد بدأ مشواره صحيحا عبر الصحافة اليومية التي صقلت شخصيته الاعلامية التي انعكست ايجابيا فيما بعد على دوره في الصحافة الشعبية، ولأنها ليست الحسنة الوحيدة في المسعودي، فانني أسعد بشدة وأنا أتحدث عنه كانسان بعيدا عن العمل الاعلامي.
ولكي أنصف القارئ مثلما أنصف نفسي فسأعترف بأنني التقيت المسعودي مرة واحدة في حياتي فقط.
ولكنه لقاء خلد في ذاكرتي الى الأبد.
كان ذلك أثناء قدومه الى البحرين ضمن أمسية شعراء المليون التي اقيمت تحت رعاية نجل ملك البحرين الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة، ربما فضولي الصحافي لاكتشاف ذلك الرجل عن قرب قادني نحو طلب مقابلة صحافية معه.
وربما انه لا يوجد سبب آخر لذهابي اليه سعيا للحصول على مقابلة صحافية معه.
الا انني اكتشفت في حضرة ذلك الرجل هدوءا جميلا ينم عن تعقل وذكاء، ووجدت لديه ابتسامة لطيفة دافئة استمتعت بتأملها كثيرا.
كما وجدت فيه خبرة السنين وحكمتها، فهو لم يولد بملعقة من ذهب.
بل أسس كل ما يملكه حاليا من مال وشهرة بنفسه.
احترمت فيه كفاحه وصعوده السلم درجة درجة، دونما تسلق أو نفاق وتطبيل.
واحترمت فيه اعترافه بشيء من اخطائه فهو لا ينزه نفسه كما يفعل كثير من الاعلاميين الشعبيين.
وأعجبت بشخصيته القيادية والطموح، وفرحت لأنه لم يقف عن حد معين من العطاء بل مازال يخطط لعمل الكثير.
بصراحة، أحببت علي الانسان أكثر بكثير من علي الاعلامي، وسعدت جدا لأن الفرصة قد سنحت لي بالتعرف عليه عن قرب، بعدما تابعته من على بعد كثيرا.
وقبل ان اختم حديثي سأقدم للقراء نصيحة مجانية لوجه الله «احرصوا على قراءة مجموعة المسعودي القصصية التي تحمل عنوان «ذاكرة الجدران»، ففيها كم لذيذ جدا من الأدب الخفيف واللطيف».
أمل مرزوق
شاعرة وإعلامية بحرينية
صفحة الواحة في ملف ( pdf )