هيثم السويط
وسط أجواء مليئة بالإثارة والمفاجآت والإبداع، تواصلت ليلة الأربعاء الماضي وعلى مسرح شاطئ الراحة في أبوظبي منافسات المرحلة الأولى على البيرق واللقب في أضخم وأكبر مسابقة شعرية في تاريخ الشعر النبطي والإعلام المرئي «شاعر المليون»، حيث تنافس ثمانية شعراء من دول عربية مختلفة ونثروا إبداعاتهم على مسرح شاطئ الراحة في ظلال قلعة الجاهلي العريقة.
الحلقة التي تم بثها مباشرة على قناة أبوظبي الأولى، ومحطة إمارات (إف إم) وأعيد بثها في أوقات لاحقة على قناة شاعر المليون، اتسمت بالتحدي وقوة المنافسة بين الشعراء الذين حرصوا على الظهور القوي والأداء المميز لنيل أعلى درجات لجنة التحكيم والتمكن من حجز بطاقة التأهل للمرحلة الثانية والاقتراب خطوة أخرى من البيرق واللقب.
حضر أنشطة الحلقة الشيخ شخبوط بن نهيان بن مبارك آل نهيان، ومحمد خلف المزروعي مدير عام هيئة أبوظبي للثقافة والتراث، وعدد من كبار الشخصيات وأعضاء السلك الديبلوماسي، وحشد من وسائل الإعلام وجمهور غفير ملأ مدرجات المسرح.
نقطة البداية
انطلقت الحلقة وكما هو معتاد من استديو التحليل في المسرح مع الإعلامي عارف عمر وضيفي الاستديو الشاعر والناقد سالم المعشني، والشاعر مانع بن شلحاط، حيث علق الضيفان على آراء وانطباعات الجمهور حول مجريات الحلقة الماضية وما فيها من إثارة وتميز، والذين تواصلوا مع الاستديو من خلال البريد الالكتروني، وتحدث المعشني عن ظهور الشعراء على المسرح والذي يكون في بعض الأحيان مختلفا ومغايرا لشخصية الشاعر المعتادة، كما تحدث عن العوامل المؤثرة على النص الذي يقدمه الشاعر، وأكد أن الشاعر لا يجيد الاختيار أحيانا، وعليه أن يكون واثقا من نفسه ويدرك ماذا يقدم، وماذا يريد من هذا المنبر الكبير.
نتائج التصويت الجماهيري على شعراء الحلقة الثالثة
قبل انطلاق المنافسات والإعلان عن نتائج تصويت الجماهير على ستة من شعراء الحلقة الماضية، رحب مقدما البرنامج الإعلامي حسين العامري والمذيعة حصة الفلاسي بأعضاء لجنة التحكيم: د.غسان الحسن، الأستاذ سلطان العميمي، والأستاذ حمد السعيد.. ثم شاهد الجمهور تقريرا يحتوي على مقتطفات من مشاركات الشعراء، وأجزاء من تعليقات لجنة التحكيم.
بعد ذلك رد عضو لجنة التحكيم سلطان العميمي على سؤال لمقدمة البرنامج حول مستوى الشعراء بعد ثلاثة أسابيع من المنافسات، حيث أوضح أن مستوى الشعراء كان جميلا وقدموا مشاركات مميزة، وأشار الى أن البعض ربما لم يوفق في اختيار النص المناسب للمنافسة، وأكد أن مستوى الشعر في الحلقات القادمة سيكون قويا، ونصح الشعراء بعدم الوقوع في فخ اختيار النص غير الجيد بناء على مشورة أشخاص ليسوا على معرفة ودراية كافية.
ووسط ترقب وخوف وقلق تم الإعلان عن نتائج التصويت حيث تأهل الشاعران عبيد الهاملي بأعلى نسبة تصويت ودرجة إجمالية 63%، وجزاء البقمي حيث حصل على ثاني أعلى نسبة تصويت ودرجة إجمالية 59%، وأصبح الشعراء: سعيد القحطاني، حمد البريدي، خالد الشمري، وعبدالله الرشيدي خارج نطاق المنافسات.
منجزات عظيمة.. وشخصيات فذة
خلال أنشطة الحلقة شاهد الجمهور تقريرين منفصلين رصد الأول للاحتفالات التي أقيمت الأسبوع الماضي بمناسبة الذكرى الرابعة لتولي صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة ورئيس مجلس الوزراء لمقاليد الحكم في إمارة دبي، والتي تم خلالها تدشين أطول برج في العالم حمل اسم قائد وطن التحدي والإرادة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة ـ حفظه الله ـ (برج خليفة بن زايد) الذي يعتبر أطول تحفة معمارية في العالم ويبلغ ارتفاعه 828 مترا، وبهذه المناسبة قال صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم: «نبني القمم العالية بالهمم العالية، ونستثمر بالإنسان للإنسان، اليوم الإمارات ترسم نقطة ضوء على خارطة العالم الجديد، وأعظم نقطة بناها البشر لابد أن تقترن بالأسماء الكبيرة، وأنا أعلن عن افتتاح برج خليفة بن زايد».
ورصد التقرير الثاني لاختيار مجلس أمناء جائزة محمد بن راشد آل مكتوم للإبداع الرياضي: سمو الشيخ هزاع بن زايد آل نهيان رئيس مجلس أبوظبي الرياضي الرئيس الفخرى لاتحاد الإمارات لكرة القدم، (الشخصية الرياضية المحلية) تقديرا لإسهام سموه في تطوير الحركة الرياضية بدولة الإمارات، وتعتبر الجائزة التي أطلقها ويرعاها سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم ولي عهد دبي، الركيزة الأبرز لتطوير الرياضة المحلية والعربية من خلال رعاية وتكريم المبدعين في جميع مجالات العمل الرياضي.
فرسان الحلقة الثالثة.. ومجريات المنافسة
قبل انطلاق المنافسات رحب الجمهور بنجوم الأمسية الثالثة: حليمة العبادي من الأردن، سلطان الأسيمر المطيري ومبارك نايف أبو ظهير من الكويت، لافي الظفيري من البحرين، محمد الجرموزي من اليمن، فواز سلطان السعدون وعبدالمحسن المسعودي، ومحمد بن علي السعيد من السعودية.
وكانت البداية مع حليمة العبادي، التي شاركت بنص نال ثناء وإشادة أعضاء لجنة التحكيم، وصفه د.غسان الحسن بأنه نص جميل جدا يحمل من المعاني والفنون الشعرية الشيء الكثير، إضافة إلى التفاعل الجميل مع الإلقاء، وأشار إلى أن القضية المطروحة في النص حساسة، وأن الشاعرة لامستها ملامسة جميلة، وأثنى على الفواصل السجعية في الأبيات الأولى التي زادت الأبيات موسيقى داخلية. وقال سلطان العميمي إن النص جميل ومتماسك وان الشاعرة استطاعت تحويل موضوع بعيد عن الشعر إلى موضوع شعر، وتحدثت في أكثر من موضوع، وأشار إلى دلالات الجناس والمحسنات البديعية في الأبيات الأولى، وأكد حمد السعيد أن موضوع النص ذكي وفيه نضوج شعري.
ثاني الفرسان سلطان الأسيمر، شارك بنص مميز وصفه العميمي بأنه جميل، وجاء كسيناريو احتوى على أربعة مشاهد، تكثفت الرمزية في المشهد الثالث الذي أخذ المساحة الكبرى في الالتفات إلى الذات، ولاحظ تأكيد المتسابق على بعض الصور والتي تفسر أنها لا تضيف الكثير وجاءت للتأكيد على الشيء ولتثبيت الصورة، كما لاحظ الانشغال بصنع الصورة الشعرية على حساب وصولها للمتلقي. وقال السعيد إن النص جميل جدا يليق بالشاعر وجاء مليء بالحزن وفيه تجربة ذاتية للشاعر، وأشار إلى أن اللغة الشعرية كانت مكثفة في النص، وعلق الحسن بالقول: إن النص جميل جدا لا يكتبه إلا شاعر، وأن لعبة اللغة في الشعر هي لعبة الشاعر المتمكن الذي يستطيع الإتيان على الصور التي تعبر عن ذاته، وأشار إلى الصور الجزئية والرموز التي تكررت وذهاب الشاعر إلى الخيال المركب بشكل كثيف جدا ووصفها بأنها صنعة شاعر، وأشار إلى أن بعض العبارات جاء فيها لبس في المعنى.
ثالث المتسابقين عبدالمحسن المسعودي، شارك بقصيدة جميلة، أشار السعيد إلى ما احتوته من جمال، كما أشاد بحضور الشاعر وموضوع القصيدة المميز، وقال: إن النص متماسك وحمل معاني وتوظيف جميل للمصطلحات. وقال الحسن: إن الأسلوب الذي ذهب إليه الشاعر كان جميلا بحيث لم يلغ الشعر ولم يلغ الترميز وجعله قريب من المتلقي، ولاحظ أن الشاعر استعمل كلمات لا يعرف معناها، وأشاد باستخدامه لبعض النوافذ الثقافية التي رمزت لأمور جميلة وأكد أنها من أجمل أساليب الشعر لأنها تغني الشاعر عن قول الكثير. وأوضح العميمي أن الشاعر استطاع أن يمسك العصا من الوسط، فكتب ما يريد بطريقة جميلة وبأسلوبه الخاص، وأشاد بمطلع القصيدة وما فيها من العراقة والأصالة والصياغات الشعرية الجميلة، وقال: إن النص متماسك ككتلة واحدة وفيه الكثير من الجمال.
المتسابق الرابع فواز السعدون ألقى نصا وجدانيا وصفه الحسن بأنه جميل من ناحية سلاسة اللغة والوزن والإلقاء، ولاحظ أن الشطر الأول في مطلع القصيدة كان مخرجا بطريقة جميلة ومختلفة، وأن التراسل بين المطلع والخاتمة شيء جميل، وأوضح أن الهم الذي تدرج في القصيدة هو هم شخص في البداية تدرج ليصبح هما عاما، وأشار الى أن الشاعر استعمل عدة إشارات إلى نفسه وأنه يمكن توحيدها جميعا في رمز واحد. وقال العميمي إن الأبيات العشرة الأولى ضمت التزاحم بالأفكار وتحدث فيها الشاعر عن ذاته، وأن العشرة الثانية تحدث فيها عما يدور في خلده من همه الشعري، وأكد أن الشاعرية في النصف الأول من النص كانت أقوى وفيها صياغات جميلة، وأوضح أن بعض الأبيات جاءت مباشرة في معناها، وأشار السعيد إلى أن النص جميل وأن بصمة الشاعر فيه كانت واضحة، ووصف النص بأنه ملحمة شعرية رائعة.
لافي الظفيري كان خامس المتنافسين وقدم نصا تناوله أعضاء اللجنة بالنقد، وقال العميمي: إن اللغة الشعرية المستخدمة بالنص فيها العديد من التكرار في المفردات وأن توظيف بعض المفردات لم يكن مناسبا، وأكد أن الشاعر كان بإمكانه تقديم ما هو أجمل من هذا النص، ووصف السعيد النص بالجميل واستفسر من الشاعر عن بعض المفردات وكيفية توظيفها، وعلق الحسن بالقول: إن النص فيه الكثير من التكرار وانقسم إلى قسمين من حيث الموضوع والمعنى، وأن بعض الكلمات جاءت من أجل استكمال الوزن، وكانت متناقضة مع الصفة.
سادس الفرسان مبارك أبو ظهير.. شارك بنص مميز، قال عنه السعيد إنه جميل ومميز ومترابط وعلى وزن متميز وسلس، وأشار إلى أن المطلع جاء جميل وأكد أن الشاعر سوف يرسخ في الذاكرة من خلال هذا النص وهذا الحضور.. وأوضح الحسن أن مدخل النص قدم تجذيرا لهذه المسابقة، وأشار إلى أن استخدام الشاعر لكلمات «التغريبة» و«الغيبة» كان جميلا بدلالته، وأوضح أن انقسام النص إلى قسمين قد أخل بتماسكه، ووصف العميمي النص بأنه جيد في عمومه، وأشاد بالمطلع كمدخل للنص الذي طغى عليه الحديث عن الذات، وأشار إلى أن حديث الشاعر عن النجاح في الأبيات الخمسة الأخيرة لم يكن مرتبطا مع الحزن الذي تحدث عنه في البداية.
سابع المتسابقين محمد الجرموزي، شارك بنص منبري، وصفه الحسن بالجميل وأشاد بحضور الشاعر وتفاعله أثناء الإلقاء، وأشار إلى أن النص فيه إثبات للمقدرة الشعرية، وأن محاولة تجميع الكلمات التي تحتوي على حرف معين يدل على مقدرة لغوية، كما أن الموسيقى الداخلية للأبيات أضفت على النص الكثير من الجمال. وأشار العميمي إلى أن النص انعكاس لشخصية الشاعر. وأنه احتوى على صور شعرية جميلة، وأوضح أن في النص أبياتا يمكن الاستغناء عنها دون أن تحدث خللا، وأكد أن الشاعر وقع في نوع من النمطية في اختياره لأسلوب العطف من خلال صياغة الأبيات، ونصحه بعدم الإكثار من هذا الأسلوب.. وقال السعيد إن النص جميل، وأن كثرة عدد الأبيات لا يعني التميز، وأشار إلى النص لم يكن به حشو.
مسك ختام الأمسية الثالثة كان مع آخر الفرسان محمد علي السعيد، الذي قدم نصا متألقا نال ثناء واستحسان أعضاء لجنة التحكيم، وصفه العميمي بأنه جميل ومميز، وأشاد باختيار الشاعر لكلمات وقافية مميزة، وأكد أن الالتزام بالقافية من غير حشو يؤكد على شاعرية جميلة ومقدرة وموهبة، وأشار إلى أن النص غير مغرق بالرمزية وهناك مفاتيح لقراءة النص أضافت الكثير من الجمال. وقال السعيد إن النص جميل وأشاد بالوزن المستخدم والذي جاء على «الهجيني الطويل»، وأشار إلى أن مخاطبة الذات كانت واضحة في النص الذي احتوى على صور شعرية متكاملة.. وأشاد الحسن بالنص وقال: إنه نص جميل جدا مليء بالشعر والشاعرية وفيه الكثير من فنون الشعر، وأشار إلى أن أهم ما في القصيدة هو التشخيص والتجسيد والأنسنة، حيث استطاع الشاعر أن يصنع من المعنوي ماديا، وأن يصنع من نفسه شخصا آخر، كما أن الأنسنة جعلت غير العاقل عاقلا.
ضيفا الحلقة.. والشعر يعانقان الفن
حل الشاعر الإماراتي خليفة العامري نجم «شاعر المليون» في الموسم الثالث ضيف شرف على الحلقة وتم بث تقرير عبر العامري من خلاله عن سعادته بالتواصل مع البرنامج في نسخته الرابعة، وقال إنه تفرغ للشعر بعد مشاركته في الموسم الماضي، وأنه بصدد إصدار ديوان مقروء يحتوي على قصائد وطنية ويحمل اسم دولة الإمارات العربية المتحدة، وعن النسخة الرابعة ومستوى الشعراء المشاركين، قال إن الشعراء المشاركين قدموا نصوصا جيدة، وأشار إلى أن الكثير من الأسماء لفتوا انتباهه نظرا لإبداعهم خلال المنافسات وثراء تجاربهم، وتميز العامري من خلال إلقائه لقصيدة جميلة كما هي عادته، كما حلت الفنانة الإماراتية أريام ضيفة على البرنامج وأطربت الجمهور بأدائها لقصيدة نبطية مغناة تفاعل معها الجمهور بطريقة جميلة، ما أضفى المزيد من التألق والتميز على مجريات الحلقة.
لحظة الحسم وإعلان النتائج
قبل نهاية الحلقة عقب ضيفا استوديو التحليل على مشاركات الشعراء وتقييمات أعضاء لجنة التحكيم، وسجلا توقعاتهما حول التأهل، بعد ذلك تم الإعلان عن درجات لجنة التحكيم للشعراء الثمانية، حيث منحت اللجنة بطاقتي التأهل للشاعر محمد علي السعيد من السعودية 47 من 50، وحليمة العبادي من الأردن 46 من 50، وانتقل الشعراء: سلطان الأسيمر، مبارك أبو ظهير، لافي الظفيري، محمد الجرموزي، فواز السعدون، وعبدالمحسن المسعودي، إلى مرحلة التصويت الجماهيري الذي يستمر أسبوعا ويتأهل من خلاله الشاعران الحاصلان على أعلى نسبة من التصويت مع بداية الحلقة الخامسة يوم الأربعاء القادم.
فرسان الأمسية الخامسة
وقبل الختام تم الإعلان عن أسماء الشعراء المتنافسين في الحلقة القادمة وهم: بندر الجهني، سعود العواجي العنزي، وفرحان العازمي من السعودية، عبدالله سالم الجابري من الإمارات، علي عبدالله الكعبي من سلطنة عمان، فلاح المورقي العتيبي من الكويت، محمد بركي الرشيدي من السودان، ومهند العظامات من الأردن.