كتم الأسرار اختصاص توماس نوك، فهو بصفته رئيس قسم تمويه السيارات في مجموعة bmw مناط بإبقاء الطرازات الاختبارية بعيدة عن أعين المتطفلين، فقبل طرح أي منتج جديد على الطرقات لأغراض الاختبار، لا بد من إخفائه.
العنوان هو الطابق الأرضي من مبنى «بلوك 70»، مركز البحوث والابتكار في ميونيخ، هذا هو العنوان الرسمي لمكان عمل توماس نوك لكن الدخول إلى هذا المبنى ليس بالأمر السهل، إلا إذا كان رئيس قسم تمويه السيارات يرافق الزائر شخصيا.
فخلف الأبواب الفولاذية الثقيلة المتعددة تقع أحدث النماذج والطرازات الاختبارية للطرازات التي ستنتجها مجموعة bmw في الأعوام القليلة المقبلة.
ولكن في هذه المرحلة من عملية الإنتاج، لا يظهر الهيكل المطلي المعروف، بل تبدو كلها متشابهة، مغطاة بطبقة من غلاف عليه دوائر بيضاء وصفراء على خلفية سوداء.
مهمة فريدة من نوعها
لا يستطيع نوك أن يكشف عن طريقة عمل هذه الأغلفة اللاصقة، إلا أنها تستخدم لإخفاء بعض التفاصيل في التصميم.
وفي الحالات التي لا تكفي فيها الغلافات، يتم اللجوء إلى غلافات قاسية مصنوعة من البلاستيك، فتثبت مباشرة على الهيكل ببراغ، وتتمثل مهمة نوك في ابتكار الستار الملائم لكل سيارة من سيارات bmw أو mini أو رولز-رويس تصل إلى ختام مرحلة الاختبارات.
ونوك هو الشخص الوحيد في المجموعة الذي يقوم بهذه الوظيفة، بدعم من فريق صغير مؤلف من مهندس واحد ومساعدين في المشغل، فما المهام الرئيسية المترتبة على هذه الوظيفة؟
بكل بساطة، إنها وظيفة تقتصر على التواصل والتنظيم، فهاتف نوك المتحرك لا يتوقف عن الرنين، ونظرا إلى التنوع الكبير في الطرازات التي تصنعها bmw، يمكن القول إنه منهمك نوعا ما.
ويشرح نوك قائلا: «أمضي 60% من وقتي خلف مكتبي، أما باقي الوقت فأقضيه في التنقل».
يتنقل كثيرا بين مكتبه وبين مشغل التمويه المجاور، ويسافر أيضا إلى عدة مواقع حول العالم لتمويه النموذج الأول من كل طراز، وبما أن الغلافات الصلبة التي يستخدمها مصنوعة في ميونيخ، تقع على عاتقه أيضا مهمة تأمين اللوازم لهذه الأغراض من حول العالم، ويلبي نوك أيضا النداء في الحالات الطارئة، عندما تتضرر السيارة خلال الاختبار وتحتاج إلى ألواح تمويه جديدة على الفور مثلا.
عندما يكون نوك خلف مكتبه، يغوص في تصميم الأفكار للتمويه.
ويستغرق ذلك نحو أربعة أشهر لكل سيارة، أما اختيار أي قطع ستغطى وأيها ستبقى مكشوفة، فهذا الأمر يعود إلى مجموعة العمل المعنية بالاستراتيجية والسرية في bmw، فيما يقع على عاتق نوك وفريقه ابتكار الأفكار لتنفيذ قراره هذه المجموعة، لكن إخفاء تفاصيل التصميم الداخلي والخارجي ليس بالسهل دائما، إذ يجب أن تبقى جميع المكونات، من التكييف الهوائي إلى المصابيح الأمامية، عاملة حتى وهي مغطاة.
وفي المراحل الباكرة، تعمل النماذج عادة من دون مصابيح أمامية وخلفية، فتستعين بمصابيح خاصة مخفية.
ويفسر نوك هذه العملية قائلا: « علينا أن نتأكد تماما من عدم وقوع أي مكون من السيارة، سواء عند سيرها بسرعة 250 كلم في الساعة، أم في حرارة 35 دون الصفر أو 60 درجة، ويضطر نوك أحيانا إلى أن يبتكر حلولا مبدعة، فاقتضى مثلا إخفاء السقف الفولاذي القابل للطي في سيارة z4، واضطر الفريق إلى استخدام صفيحة لاصقة تشبه القماش.
وكم من مرة لجأت الشركة إلى استخدام الأقمشة المشمعة الخاصة بالشاحنات أيضا.
الإبداعية المطلوبة لهذه المهمة
وغالبا ما تكون خبرة توماس نوك في المجال التقني مفيدة للغاية، ويقول: أستطيع أن أعرف ما إذا كان التمويه ممكنا من الناحية التقنية.
ومع أن عمره 46 عاما فقط، فهو يعمل مع bmw منذ العام 31 عاما، أي منذ أن بدأت مسيرته، واستهل عمله بشراء أجهزة الطحن والعمل في مجال بناء الطرازات قبل أن يتسلم منصب رئيس تمويه السيارات، لكن في حياته الخاصة، التمويه موضوع محظور تماما، وغالبا ما يحاول أصدقاؤه من محبي السيارات استدراجه للتحدث عن آخر الابتكارات التي لم تطرح في السوق بعد، غير أن نوك لا يذعن لهم وإجابته واحدة لا تتغير: «لم أسمع عن هذا الأمر بعد».
إنه توماس نوك، رجل الغموض والأسرار.