بعد أن قررت لجنة منظمة اليونسكو إدراجها ضمن قائمة التراث العالمي عام 1979، بل واعتبارها من أهم الأماكن التاريخية بمصر، تطالب المنظمة اليوم د.زاهي حواس، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، بسرعة إجراء تطوير وتخطيط شامل لمنطقة أبومينا الأثرية والتي تقع على بعد 56 كم غرب الإسكندرية، لإدراجها على قائمة مناطق الحجيج الأثرية، باعتبارها ثاني منطقة حجيج مسيحية حول العالم.
وقد جاء هذا الطلب بعد قرار المنظمة برفع المنطقة من مجلد الآثار المعرضة للخطر إلى المناطق المدرجة في سجل التراث العالمي لليونسكو، وفقا للمهندس محمد رضا يوسف عرفة، رئيس الإدارة الهندسية لآثار ومتاحف الوجه البحري وسيناء في حديثه لـ «الإسكندرية اليوم».
وقد أوضح عرفة أن اللجنة بدأت زيارتها للمنطقة وعاينت المشروعات التي تم الانتهاء منها في المنطقة مثل مشروع تخفيض منسوب المياه الجوفية، بالإضافة إلى المشروعات التي يجري حاليا تنفيذها بالمنطقة، والتي يطلب المجلس الأعلى للآثار سرعة الانتهاء منها مثل مشروع درء الخطورة والتدعيم بمنطقة الكنائس والدير.
مشيرا إلى أن اللجنة عاينت مشروع إنشاء السور الحديدي الذي يجري تنفيذه حاليا حول المنطقة الأثرية لحمايتها من التعديات، وكذا معاينة المناطق الواقعة خارج المنطقة الأثرية، والتي يمكن استغلالها في عمل التجهيزات المطلوبة لإعداد المنطقة لاستقبال الزائرين من جميع أنحاء العالم للحجيج، حيث يجري إعداد المنطقة لاستقبال نحو 5 ملايين زائر سنويا.
وتعود محاولات كشف هذه المدينة، والتي تعد أهم مركز مسيحي للحج في مصر في الفترة من القرن الرابع الميلادي حتى القرن الثامن، إلى جهود كثير من علماء الآثار ويعود الفضل في تتبع أخبار هذه المدينة إلى الرحالة الذين كتبوا عنها مثل البكري أحد الجغرافيين العرب، الذي زار المنطقة وشاهد بقايا المدينة القديمة عام 1086م.
وقد اكتشف منطقة ابو مينا عالم الآثار الألماني كوفمان عام 1905، وسميت بمدينة بو مينا أي القديس مينا ثم تحولت إلى أبومينا بعد الفتح العربي، حيث كانت قرية صغيرة بها مدفن القديس مينا.
وكانت قد حدثت عدة معجزات حول قبر القديس ابو مينا، والذي يعد من أشهر الشهداء المصريين، مما جعل من هذه المنطقة أهم مركز لزيارة المسيحيين، ونظرا لزيادة عدد زائري المنطقة، أصبحت الكنيسة الصغيرة لا تلبي احتياجات زوار المنطقة، فطلبوا من البابا اثناسيوس البطريرك العشرين إقامة كنيسة أكبر فقام في حوالي 363م ببناء كنيسة كبيرة فوق الكنيسة القديمة التي أصبحت هيكلا للكنيسة الثانية.
وبالطبع أقيمت أماكن للإقامة والخدمات والحمامات العامة وحفرت آبار المياه وجميع مستلزمات الحجاج الذين يفدون إلى المكان، كما أعدت أفران كبيرة تحت الأرض لتدفئة الحمامات، ونسق المكان بحيث يكفل راحة الزائرين الآتين من أقاصي الأرض يتلمسون البركة.
بعد ذلك تحولت المنطقة إلى مدينة تملأها القصور الرخامية والحمامات الشافية وجميع المرافق التي تفي بحاجة زوار المدينة، حيث امتلأت بالمرافق الحية والأسواق والمصانع المتنوعة للزجاج والأواني الخزفية، وتعتبر البازليكا التي شيدت في ذلك الوقت أضخم كنائس مصر ولاتزال قواعد أعمدتها المرمرية موجودة حتى الآن.