لا شك أن سوء الخلق لا دواء له، فمن شب على شيء شاب عليه، ومن نشأ على سوء الخلق كان كذلك حتى يموت، إلا من رحم الله، وقد بين لنا ذلك سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم هذا الأمر حيث قال: يولد المولود على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه (حديث صحيح).
من هنا نقول إن التربية هي الأساس فالأم والأب مسؤولان مسؤولية مباشرة عن أبنائهما وسيحاسبان على ذلك، والحقيقة أن سوء الخلق مبني على الجهل والظلم لذلك فالناس يتحاشون مخالطة سيئ الخلق لأن سلوكه غير صالح وأفعاله منكرة فكيف يرضى المرء على نفسه بذلك؟ ولله در الإمام الشافعي حيث يقول:
صن النفس واحملها على ما يزينها
تعش سالماً والقول فيك جميل
وقد قال الفضيل بن عياض: لا تخالط سيئ الخلق فإنه لا يدعو إلا إلى شر، وقال أيضا: لأن يصحبني فاجر حسن الخلق أحسن من أن يصحبني عابد سيئ الخلق، وربما لا يعلم أصحاب الأخلاق السيئة أنهم لا يعذبون إلا أنفسهم، فسوء الخلق سيئة لا تنفع معها الحسنات وحسن الخلق حسنة لا تضر معها السيئات، ومن سوء الخلق تدخل المرء فيما لا يعنيه وأثر ذلك كبير على المجتمعات، ومن أسباب ذلك الصحبة غير الصالحة، فصاحب السوء يزين لك القبيح ويقبح لك الحسن، ولله در القائل:
وكل مودة في الله تصفو
ولا يصفو مع الفسق الإخاء
وكل جراحة فلها دواء
وسوء الخلق ليس له دواء
إن حسن الخلق وحسن الجوار يعمران الديار ويزيدان في الأعمار، والأخلاق الحسنة قناديل خير تنير لك الدنيا، فالأخلاق هي مصدر الخير كله وهي الأساس في رقي الشعوب وازدهارها نحو الأفضل، وقد مدح الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم فقال: (وإنك لعلى خلق عظيم) فمكارم الأخلاق تبعث الراحة والطمأنينة بالنفس وتشعرها بالأمن والأمان وهدوء البال، وقد قال المعلوط السعدي:
إذا المرء أعيته المروءة ناشئا
فمطلبها كهلا عليه شديد
هذا، ودمتم سالمين.