لا أخفي حزني وألمي الشديد عندما علمت بنبأ وفاة الصديق العزيز الفنان أحمد جوهر، رحمه الله، فإن لفراق من تحب لذعة، لكنه أمر الله الذي لا رادّ له:
فمن لم يمت بالسيف مات بغيره
تعددت الأسباب والموت واحد
فلله أنت أبا جوهر، كم كنت رزينا عاقلا رائعا بكل ما تحمله هذه الكلمات من معنى.
إن العلاقة التي ربطتني بالفنان الراحل أحمد جوهر علاقة طيبة امتدت لأكثر من ثلاثة عقود، والحق أنه أخذ نصيبا كبيرا من اسمه، فهو محمود الأخلاق كاسمه، وهو في جوهره يحمل قلبا متسامحا أبيض لا يعرف الحسد والغيرة، ولا يعرف الشر والقيل والقال منذ عرفته حتى فارق الدنيا مأسوفا عليه، ولي معه حكايات.
أما معرفتي به فعندما أزمعت إنتاج مسرحية الدكتور صنهات فكرت كثيرا فيمن يصلح لدور صنهات الذي يحمل اسم المسرحية ولم أكن أعرف أحمد في حينها ولم ألتق به، فشاورت الفنان الكبير غانم الصالح، رحمه الله، وطلبت منه أن يختار لي ممثلا يتصدى لهذا الدور، فقال لي: على الخبير سقطت، أعرف فنانا في بداياته كان ترتيبه الأول على دفعته في المعهد العالي للفنون المسرحية، وهو فنان ملتزم ومتمكن وعلى خلق عال اسمه أحمد جوهر، فوافقت على الفور واتصلت به وحضر ووافق على الدور وحفظ الحوار بسرعة عجيبة، ونجح في تجسيد الشخصية نجاحا كبيرا، فتعاملت معه في البروفات لأكثر من شهر، وخلال عرض المسرحية لأكثر من خمسين يوما، فعرفته معرفة تامة، والحق أنه كان نموذجا رائعا ومشرفا للفنان الكويتي، فقد كان أول الفنانين حضورا وآخرهم خروجا، متعاونا إلى درجة كبيرة، حريصا على ترك أثر طيب عند كل من يعمل معه الصغير قبل الكبير، شديد الحب لوطنه.
ثم توالت أعماله الفنية وأصبح نجما لامعا في التأليف والإخراج والتمثيل، وترك أعمالا ستظل في ذاكرة الفن الكويتي، وصدق الشاعر حيث يقول:
وما الدهر والأيام إلا كما ترى
رزية مال أو فراق حبيب
وفي النهاية، أعزي أسرته الكريمة وأعزي نفسي ومحبيه، وأسال الله له الرحمة والمغفرة. ودمتم سالمين.