التنوع العرقي من أهم ميزات المجتمع الأميركي بشكل عام والجامعات العريقة مثل برنستون والذي من السهل أن تجده في كل أروقة الجامعة مع أنفاس فخر واعتزاز، وتحرص الجامعة عليه بشكل قد لا يستوعبه الكثيرون لدرجة وضع سياسات قبول محفزة لضمان تمثيل الفئات المتنوعة.
وكانت هذه السياسات مثار جدل حتى وصلت أروقة المحاكم وأصدرت المحكمة العليا الأميركية في 29/6/2023 حكما غير مرحب به، على حد قول رئيس جامعة برنستون كريستوفر إسجروبير Christopher L. Eisgruber، بإلغاء برامج القبول المعتمدة على العرق في جامعة هارفارد وجامعة نورث كارولاينا، مما يحظر بشكل فعال سياسات القبول التي استخدمت لفترة طويلة لزيادة عدد الطلاب السود والأميركيين اللاتينيين والأقليات الأخرى غير الممثلة بشكل كاف في الحرم الجامعي الأميركي.
بغض النظر عن أهمية التنوع العرقي كعامل مهم في تصنيف الجامعات والتي تتربع جامعة برنستون على عرشها لمرحلة البكالوريوس، فقد انتقد رئيس جامعة برنستون القرار برسالة خاصة أرسلت بنفس يوم قرار المحكمة لكل مجتمع الجامعة، وعبر عن خيبة أمله وتوعد بإبقاء هذا التنوع وختم رسالته بالقول «لكل هذه الأسباب وأكثر، يعد التنوع أمرا ضروريا لتميز هذه الجامعة ومستقبل بلدنا والعالم. ستسعى جامعة برنستون إلى تحقيق ذلك بكل حماسة ومثابرة وعزيمة للنجاح على الرغم من القيود التي فرضتها المحكمة العليا في قرارها المؤسف اليوم».
وتعتبر جامعة برنستون واحدة من أكثر الجامعات جاذبية للتنوع والمواهب والأقليات والطلاب الدوليين، وقد استمتعت بهذا التنوع ليس كطلاب وإنما كأستاذ باحث زائر لفترة محدودة واستفادت من قوته لا يقارن مع جامعات أخرى حيث يتمتع طلابها الأجانب بميزة منح مالية لا تفرق عن الطلاب الأميركيين!
ولذا يقول رئيس الجامعة بحجج المدافعة عن التنوع أنه ضروري للاحتفاظ بالمواهب وجذب أفراد مميزين من كل خلفية وتمكينهم من الازدهار في حرم الجامعة، ويؤكد أن هذا التنوع يفيد عملية التعلم والبحث من خلال توسيع نطاق الآراء والتجارب التي تطرح في المواضيع المهمة بجميع أنحاء الجامعة.
ترى المحكمة العليا أن هذه السياسات تعارض مبدأ المساواة وتشكل تمييزا عنصريا سلبيا، ولذا يعتبر هذا القرار ضربة قوية لجهود تحقيق التنوع في الجامعات ومنع تراجع التمييز العنصري. ومع ذلك، أعلن رئيس جامعة برنستون التزامه القوي بالتنوع وأعلن أن برنستون ستعمل بإصرار على الحفاظ على التنوع وزيادته رغم القيود التي فرضتها المحكمة العليا.
بغض النظر عن دوافع المناهضين لقرار المحكمة الا أن العدل وضمان تمثيل المجتمع بمثل هذه الحالات أقرب للعدل ويفوق النظرة القاصرة للمساواة، كما أنه لا يصب بمصلحة هذه الاقليات والفئات بقدر ما يفيد المجتمع والبشرية!
بغض النظر عن دوافع المعارضين لقرار المحكمة، إلا أن ضمان تمثيل المجتمع في مثل هذه الجامعات يعتبر أكثر قربا للعدل، ومتجاوزا النظرة الضيقة للمساواة وأن مراعاة سياسات قبول هذه الفئات ليس لصالح هذه الأقليات والفئات فحسب، بل يكون مفيدا أيضا للمجتمع والبشرية بأكملها!
[email protected]