بالرغم من الاختلافات بين وكالات الأمم المتحدة العلمانية وبعض المؤسسات الدينية، في القيم والنصوص في قضايا التعليم والتربية والجندر، إلا أنه يبقى هناك مجالات خصبة عديدة وآمال لتحقيق شراكة وقوة لصالح الطرفين والمشترك الإنساني العام، ومواجهة التحديات الإنسانية الكبرى، وهو ما علقت به وسأكتبه في هذه السطور بعد المشاركة قبل أيام في لقاءين هامين حول الاستجابة الإنسانية لأزمة اللاجئين والآخر حول المناخ والأطفال ودور المنظمات الدينية مع منظمتين دوليتين في نيويورك هما UNHCR وUNICEF على هامش اجتماعات الجمعية العمومية للأمم المتحدة، حيث جمعت ممثلين من المنظمات الدينية والإنسانية مثل الإغاثة الإسلامية وIslamic Relief والبعثة المتحدة للإغاثة والتنمية UMR وغيرهما من ديانات أخرى.
عكست اللقاءات وما قبلها من مبادرات ومراسلات ومشاريع وشراكات نظرة إيجابية من هذه الوكالات لدور المنظمات الدينية المهم في تقديم المساعدة الإنسانية والتنمية في مناطق تأثرت بالأزمات للوصول إلى المجتمعات المحلية وتقديم الرعاية والدعم النفسي والاجتماعي للمستفيدين، وقد توجت هذه العلاقة في بعض الشراكات والمشاريع التي ارتبطت بالتمويل الإسلامي والتوافق مع الشريعة، كما كتبت من قبل عن مفوضية اللاجئين وصندوق الزكاة وغيرها.
حسنا تفعل بعض هذه الوكالات في حث المنظمات الدينية لتعزيز التفاهم بين مختلف الأديان لإيجاد بيئة أكثر استقرارا وسلاما، لاسيما للفئات المهمشة والضعيفة مثل النساء والأطفال، وما يرتبط بهذا الأمن بالمفهوم الواسع، مثل المناخ، كما جاءت في استراتيجية اليونيسيف وعرضها غوتام ناراسيمهان Gautam Narasimhan في أحد اللقاءات أيضا.
ربما يكون من أفضل الأسئلة العملية التي طرحت من قبل محمد أبوعساكر من مفوضية اللاجئين UNHCR حينما سأل المنظمات الدينية الحاضرة من مناطق مختلفة في الولايات المتحدة ومن أديان متنوعة: «بماذا تريدون من المفوضية؟» حيث كانت بعض الإجابات تشمل طلب التأثير على القرارات الدولية والسياسات بما يتوافق مع الأديان، بينما كانت أخرى تتعلق بتسهيل عمل هذه المنظمات!
باعتقادي، أن سؤال الصديق «أبوعساكر» يستحق من المنظمات الدولية تنفيذ استطلاع رأي علمي أكبر ليشمل عينة أوسع تضم قادة المنظمات الدينية والخيرية، مما يسهم في تطوير العلاقات بين هذه المنظمات ويزيل الشكوك بينها، ويقلل من أحاديث ما وراء الستار عن بعضها البعض!
صحيح أن وكالات الأمم المتحدة تنشط هذه الأيام أكثر مع اجتماعات الجمعية العمومية بشراكات متنوعة، بما في ذلك مع القطاع الخاص والحكومات والقطاع غير الربحي، ولكن يبقى لشراكاتها مع المنظمات الدينية خصوصيتها لتجاوز بعض الخلافات وتقديم أهمية للتعاون المشترك في معالجة قضايا اللاجئين والنازحين، والأطفال، والتعليم، ومحاربة الفقر، والحفاظ على الأرواح وحقن الدماء في عالم تتوالى فيه الأزمات البشرية والكوارث المناخية، ولا يمكن الاستغناء عن بصيص الأمل والتعلق بقشة الشراكة والتعاون حتى بين المختلفين!
[email protected]