مما لاشك فيه أن علماء العرب والمسلمين تعددت اختراعاتهم إلى الحد الذي يصعب حصرها لأن كتب التراث التي تضم مثل هذه الإنجازات موزعة بطول الأرض وعرضها، ولا تخلو مكتبة حول العالم لا يوجد فيها مخطوط عربي، الأمر الذي يضيف جهدا كبيرا على الدارسين لتاريخ العلوم في كل مكان، ويتطلب مداومة البحث والتقصي والتحري وتسجيل مثل هذه الاختراعات والإبداعات وحفظ حق أصحابها في نسبها إليهم، وبيان قيمتها لهذه النهضة العربية الإسلامية التي أنارت الدنيا وتحفيزا للشباب من الدارسين وغيرهم والعناية بهذا الإبداع، وتدوينه ليقرأه الهواة، مما يحفز عزمهم ويثير لديهم العزة بأن نتحرك من جديد انطلاقا من هذا التاريخ المجيد، لنضيف مجدا إلى مجد، ونشارك العالم نهضته وحضارته، وألا نكون عالة على إبداعاته كما يحب أن يردد أعداء الأمة.
وإذا كانت الاختراعات والإبداعات التي أفرزتها الحضارة العربية الإسلامية يصعب حصرها، فإننا نورد بعضها بالطبع على سبيل السرد والبيان وليس على سبيل الحصر.
لقد لعبت هذه الاختراعات والاكتشافات دورا كبيرا في التمهيد لتغيير نوعية الحياة على ظهر الأرض، فهناك مثلا «الرقاص»، الذي ولدت من رحمه الساعات المختلفة والدورة الدموية التي غير اكتشافها علوم الطب قاطبة، ونظارة القراءة، التي أتاحت العلم لضعاف البصر، والاسطرلاب الذي به يمكن تحديد الوقت والقبلة، والصفر الذي أصبح علامة في تطور علوم الرياضيات حتى بلغت الكمبيوتر الآن، وكذلك «الورق» الذي يعد بحق ذاكرة البشرية على الأرض. أضف إلى ذلك، الإبرة المغناطيسية التي بها يعرف البحار والساري إلى أين يتجه، ومضخة المكبس التي تسحب بها المياه العميقة من باطن الأرض للشرب والري، والتخدير الذي يعد رحمة واسعة أسهمت في تخفيف آلام البشر، بخلاف تغليف الأدوية المرة ليقبلها المريض والملقط والمنظار، وغير ذلك من وسائل طبية لإسعاف المرضى وتشخيص مرضهم، إنها إبداعات أنقذت البشرية من أخطار كثيرة ومؤكدة.
وغير ذلك هناك الكاميرا - البارود - علم الجبر - الجاذبية - جراحة الأوعية الدموية قطع الشريان - الطيران - رسم خريطة العالم – العلاج النفسي - علاج أمراض القلب - المدفع - الأكسجين - الذرة - الأرقام - علم الميكانيكا والإستاتيكا – جراحة القصبة الهوائية - التقطير - البلورة - فحص المعادن - السل الرئوي - كثافة الماء - ثبات الكتلة التناسب والتوسط - أدوات الجراحة - الكسر العشري - الساعة - الجدري والحصبة - خيوط الجراحة من أحشاء الحيوانات، وغير ذلك الكثير والكثير من الإبداعات التي تصعب على الجمع والحصر، لأنها متناثرة بين كتب التراث الموزعة في مكتبات العالم العربي والإسلامي والدول الأخرى، التي تفاخر بما لديها من كم هذا التراث الذي يحتاج إلى البحث والتحقيق والتمحيص لتسجيل هذه الإبداعات والاختراعات والاكتشافات ليعرفها العالم والأحفاد، أملا بأن يعود مثل هذا الغد المشرق في مستقبل قريب بعون الله تعالى، ليحتل الإنسان العربي ما يستحق من مكانة في هذا العالم المتلاطم الأمواج.