- البنية التحتية الرقمية عامل حيوي لدفع التحول الرقمي.. وركيزة لتبني التقنيات المتقدمة في مختلف القطاعات
- جائحة «كورونا» أكدت مرونة فئة أصول البنية التحتية الرقمية.. وأهميتها في المحفظة الاستثمارية المتنوعة
قالت مجموعة الوطني للثروات (NBK Wealth) ضمن سلسلة مقالات «قيادة الفكر» إن البنية التحتية التقليدية والرقمية تلعب دورا متكاملا وحيويا في تعزيز الاقتصادات الحديثة، حيث يشكل كلاهما حجر زاوية لضمان كفاءة العمليات اليومية وسلاستها.
وأوضح التقرير أن البنية التحتية التقليدية تشمل عناصر أساسية، مثل الطرق والجسور وشبكات الطاقة وإمدادات المياه، التي توفر الاتصال المادي والموارد الحيوية للحياة اليومية، بينما ترتكز البنية التحتية الرقمية على التقنيات المتطورة، مثل مراكز البيانات والحوسبة السحابية والحوسبة الطرفية والشبكات الحديثة، والتي تمكن من تدفق المعلومات بسلاسة.
وفي هذا السياق، شهد العام 2023 جمع تمويلات قياسية في قطاع البنية التحتية الرقمية قدرها 63.4 مليار دولار، مع تخصيص 3.5 مليارات دولار منها لصالح أدوات استثمارية متخصصة في هذا المجال سريع النمو.
وتوفر البنية التحتية الرقمية، التي تجمع بين الأجهزة المادية وتقنيات البرمجيات المتطورة، الأساس لتقديم الخدمات والتطبيقات الرقمية بكفاءة. ويكمن هدفها الأساسي في تسهيل تبادل البيانات بانسيابية، مما يعزز استخدامها واستهلاكها لدعم العمليات الرقمية والابتكارات التكنولوجية.
وتعد البنية التحتية الرقمية عاملا حيويا لدفع عجلة التحول الرقمي، إذ تشكل الركيزة الأساسية لتبني التقنيات المتقدمة ودمجها في مختلف القطاعات. ومن خلال تسهيل تدفق البيانات بسلاسة، تساهم في تعزيز الكفاءة التشغيلية، وتعزز القابلية للتوسع، وهما عنصران جوهريان للتكيف مع متغيرات السوق المتسارعة ودعم النمو المستدام.
الثورة الرقمية
وأدرك المستثمرون الأهمية المتزايدة لفئة أصول البنية التحتية الرقمية لما تتميز به من خصائص شبيهة بالمرافق العامة، مستفيدين من قدرتها على تحقيق تدفقات نقدية قوية ومستقرة ترتبط بطبيعتها الأساسية والطلب المتزايد على الخدمات الرقمية.
وتتميز هذه الأصول بقدرتها على التحوط ضد التضخم، مع توفير التنويع بفضل ارتباطها المنخفض بالأسواق العامة، مما يجعلها عنصرا قيما في المحفظة الاستثمارية المتوازنة التي تسعى لتحقيق عوائد مثلى مع الحد من المخاطر.
وأكدت جائحة «كوفيد-19» مرونة هذه الفئة من الأصول، مما أبرز دورها الحيوي وأهميتها كركيزة أساسية في المحفظة الاستثمارية المتنوعة، خصوصا في ظل تقلبات الأسواق. وأسهمت هذه المرونة في تعزيز البنية التحتية الرقمية كخيار مثالي للمستثمرين الذين يبحثون عن نمو مستقر ومستدام على المدى الطويل.
وشهد الاستثمار في البنية التحتية الرقمية نموا كبيرا خاصة ضمن قطاع البنية التحتية الخاصة، مدفوعا بالتغيرات الاقتصادية المتسارعة والتحولات الجوهرية نحو التحول الرقمي، إلى جانب الطلب المتزايد على تقنيات الذكاء الاصطناعي.
ويستفيد المستثمرون من هذه الثورة الرقمية المستمرة لتعزيز مواقعهم وتحقيق عوائد قوية ومستدامة على المدى الطويل، وتعد البنية التحتية الرقمية اليوم فئة أصول مرنة ذات آفاق مستقبلية واعدة، إذ تلعب دورا محوريا في دعم التحول الرقمي العالمي وتلبية متطلبات الأسواق المتغيرة والتطورات التكنولوجية المتسارعة.
وشكلت جائحة «كوفيد-19» نقطة تحول جوهرية في تسريع الاعتماد على العمل عن بعد، والتجارة الإلكترونية، وبث الفيديوهات المباشرة، مما أظهر الأهمية المتزايدة للبنية التحتية الرقمية كركيزة أساسية في دعم هذه التحولات، وسلط هذا التزايد الذي شهده الطلب الضوء على الخصائص الفريدة للبنية التحتية الرقمية.
المخاطر والعوائد
وتشابه المخاطر وعائدات الاستثمار في مجال البنية التحتية الرقمية مع تلك المتعلقة بالبنية التحتية التقليدية، يمتد هذا التشابه من الاستثمارات الأساسية (التي تتميز بمخاطر منخفضة وعوائد مستقرة) إلى استثمارات القيمة المضافة (التي تقدم فرصا عالية المخاطر وعوائد مرتفعة).
وتعتمد مستويات المخاطر والعائدات في هذا المجال على عوامل عدة، منها نوعية الأصول، واستراتيجية الاستثمار، وسرعة التقدم التكنولوجي.
ويمنح هذا النطاق الواسع المستثمرين مرونة في اختيار الأصول والاستراتيجيات التي تتناسب مع أهدافهم الاستثمارية وقدرتهم على تحمل المخاطر. إذ توفر العقود الطويلة استقرارا وتدفقات نقدية قابلة للتنبؤ، لكنها تحمل في ذات الوقت بعض المساوئ.
ولموازنة المخاطر والعائدات في هذا المجال سريع التطور، يواجه المستثمرون تحديات متعددة، مثل التقادم التكنولوجي، وتهديدات الأمن السيبراني، والتغيرات التنظيمية، والتحولات السريعة التي تطرأ على الأسواق.
مستقبل البنية التحتية الرقمية
وعلى الرغم من أن البنية التحتية الرقمية أصبحت فئة أصول راسخة فإنها لا تزال في مرحلة مبكرة نسبيا من التطور مقارنة بقطاعات البنية التحتية التقليدية مثل النقل أو المرافق العامة، الأمر الذي يعني أنه على الرغم من الإمكانات الهائلة لنمو هذا القطاع فإنه يحمل أيضا أوجها عديدة من عدم اليقين والمخاطر المرتبطة بالأسواق الناشئة.
وتواصل وتيرة التقدم التكنولوجي السريع، والطلب المتزايد على البيانات، ونمو التقنيات الناشئة مثل الجيل الخامس (5G)، والذكاء الاصطناعي، والحوسبة السحابية، تشكيل وتوسيع قطاع البنية التحتية الرقمية. هذا ولا تقتصر هذه التقنيات على دفع وتعزيز الطلب فقط، بل تخلق أيضا فرصا استثمارية جديدة.
ومع تزايد الطلب على البنية التحتية الرقمية، ستتفاقم الضغوط لتحقيق استدامة هذه الفئة من الاصول، إذ تستهلك معظمها كميات كبيرة من الطاقة، مما يؤثر على الاستدامة البيئية.
وسيعتمد مستقبل البنية التحتية الرقمية بشكل كبير على تبني ممارسات مستدامة، مع التركيز على كفاءة الطاقة والتقنيات الذكية التي تهدف إلى الحد من التأثير البيئي ودعم النمو المستدام على المدى الطويل. ويشمل ذلك ابتكارات مثل التبريد السائل لمراكز البيانات، واستخدام الذكاء الاصطناعي لتحسين استهلاك الطاقة، وتطوير مواد البناء المستدامة والصديقة للبيئة.