خالد العصيدان
ان المتابع للساحة الشعرية يشعر بالحزن والأسى لما آل اليه واقع الشعر والشعراء نتيجة التدهور الكارثي الذي نال من هيبة الشعر الأصيل بفرعيه الفصيح والشعبي، ما يجعلك تردد «والله زمان يا شعر» فليس الزمان زمانك وليس كل ما يقال الآن شعرا، لأن القصيدة رحلت مع أمجادها التي كان التاريخ شاهدا عليها بمفرداتها التي سطرت لنا الأحداث وشعرائها الذين أبدعوا في جمال القصيدة وسخروا لنا قصائدهم الفريدة لنتغنى بها الى يومنا هذا مع فارق السنين الطوال.
وان احسن بيت أنت قائله
بيت اذا قلت قال الناس قد صدقا
فنحن في زمان «القبلية» التي جعلت ممن يسمون انفسهم بـ «الشعراء» يغرقون مسامعنا بأبيات الفخر الكاذب والمبالغ فيه وكأنهم، كما قال الداعية الاسلامي د.عائض القرني، شاركوا في فتح مكة ودكوا معاقل الفرس وهزموا جيش التتار وهم في الواقع يعيشون التخلف بشموليته بمسح «الجوخ» والنيل من الآخرين بأبشع الألفاظ.
يصاب الفتى من عثرة في لسانه
وليس يصاب المرء من عثرة الرجل
ان الشعر بالاضافة الى ابتلائه بمثل هؤلاء، فإنه ايضا قد ابتلي بـ «أصحاب المادة» الذين يلهثون وراء الشعر عن طريق شراء القصائد من بعض الشعراء ضعاف النفوس، أو ممن امتهنوا «بيع الكلمة» تجارة لهم مبتغين الاسترزاق من ورائه تاركين الأمانة خلفهم بحثا عن الشهرة والجماهيرية الخداعة التي بلا ريب ستكشفهم أمام متذوقي الشعر ومتابعيه طال الزمان بهم أو قصر.
قبل الختام
«... إن القصيدة ابداع ولا يكتمل ابداعها الا بسلامة مفرداتها وأبياتها عن كل ما يسيء الى ذائقة المتلقي، فنحن ندعو كذلك الى الشعر المهذب الذي لا يخدش الحياء ولا يدعو الى التفرقة ولا يحط من قدر الآخرين ولا يقدح في العقيدة، وكما قال الشيخ محمد الغزالي: من قال كلاما جميلا، شعرا أو نثرا، ذهبنا اليه وقبلنا جبينه، ومن قال كلاما حقيرا في الملة ملأنا فاه ترابا.