بحكم العمل وعلى مدى سنوات التقيت النائبة صفاء الهاشم في مناسبات عديدة، ولم ألمس منها إلا الرقي والاحترام في حوارها وحديثها الذي يتسم بالجدية والموضوعية، وهي لا تطرح قضية إلا وهي تحيط بكل جوانبها.
خلال الأيام الماضية أثارت النائبة الفاضلة وبما ينسجم مع برنامجها الانتخابي الذي حاز ثقة ناخبيها قضيتين رئيسيتين، هما: إصلاح التركيبة السكانية ومنظومة العلاج الطبي في الكويت، وكلتاهما بإجماع الخبراء تمثلان تحديين كبيرين يستوجبان المعالجة، وستستمران في التفاقم ما لم تواجها بخطوات تصحيحية فاعلة وجذرية.
ولفت نظري أنه بالتزامن مع النقاش حولهما، تخوض أميركا الدولة العظمى نقاشين يلتقيان في العديد من جوانبهما وآثارهما مع ما يدور في الكويت، حول قضيتي الهجرة والتأمين الصحي، حيث يعمل «الكونغرس» حاليا بمجلسيه كخلية نحل - رغم تعدد وجهات النظر داخله - على إصلاح المنظومة التأمينية بشكل شامل وعلى مقترحات لتنظيم الهجرة والتقليل من معدلات الجريمة خوفا من الآثار المستقبلية المدمرة على المالية العامة والأمن الاجتماعي وما تحمله هذه المشكلات من تهديد شامل للاقتصاد والتركيبة الاجتماعية.
ومع تزايد الضغوط على كاهل الدولة، فإن من صميم واجب المسؤولين في أي بلد بالعالم، كما تفعل النائبة صفاء الهاشم، النظر جديا في صياغة التشريعات اللازمة على أسس علمية وعملية لضمان التوازن الاقتصادي والعدالة الاجتماعية وتوفير الآليات التنظيمية لسوق العمل بما يساعد في النهوض بالاقتصاد وتذليل العقبات التي تمنع عجلته من الدوران.
ولا شك أن تنظيم الضرائب وبينها ما يخص التحويلات، وتقنين الدعم وتوجيهه السليم إلى مستحقيه وتوفير الآليات الضابطة لسوق العمل والتأمين خطوات تقدمية تؤدي نتائجها إلى تعزيز قدرات الدولة والإصلاح الاقتصادي وليس العكس.
ومن حق أي دولة تجاه أي وافد على أراضيها إلى جانب احترام قوانينها، أن يسدد قسطا عادلا من الضرائب والرسوم بما يتناسب مع ما يحصل عليه من خدمات لتستمر الدولة في قدرتها على تأمينها، كما أن فرص عمله يحددها العرض والطلب الطبيعيان للوظائف، ومن المنطقي فيما يخص الفئات الأكثر ضعفا مثل عمال المنازل والتنظيف والسائقين وغيرهم أن يتحمل رب العمل - وليس الدولة - جزءاً من كلفة احتياجاتهم من الدعم والخدمات وبما يتناسب وعدد العاملين لمصلحته، بحيث لا يتساوى منزل فيه عاملان مع آخر فيه عشرة أو أكثر فيما تقدمه الدولة، فالعدالة تقتضي من المقتدر أن يشارك.
وعلى مستوى القطاع العام، من البديهي أيضا، أن تكون الأولوية المطلقة في الوظائف الحكومية لأبناء البلد، كما هو الحال في كل دول العالم.
هناك الكثير من الوافدين الذين يعيشون في الكويت ويحبون أرضها وشعبها ومصلحتها ويدركون مسؤولياتهم ودورهم في أن يكونوا عناصر إنتاج وإضافة تكمل ولا تزاحم العنصر الوطني، ولا تمثلهم الأصوات التي لا تشاركهم هذه النظرة.
كوافد محب بصدق لهذا البلد الكريم، لم أجد فيما طرحته النائبة صفاء الهاشم أي إساءة أو ظلم أو افتراء أو ما يتناقض مع الكويت كبلد للإنسانية.
هل المطالبة بمستشفيات ضمان صحي للوافد ومحاربة تهريب الأدوية والحد من الهدر ومنع تجارة الإقامات والاعتزاز بالكفاءات الوطنية اعتداء على الوافدين؟!
كما أن النائبة الفاضلة أوضحت أنها لا تطالب بإنهاء خدمات الوافدين، ولكن الكويت ليست مؤسسة خيرية، ويجب أن نزيل الشحم الزائد عن جسد الدولة، ويبقى هذا رأيها، كما لكل شخص أن يعرض رؤيته للحل.
إننا أمام مفترق طرق فيه اتجاهان لا ثالث لهما.. إما تجاهل المشاكل الحالية، وهو ما سيؤدي إلى استمرارها وتفاقمها وانعكاسها سلبا على الجميع، أو التصدي لها ومقاربتها بصراحة وواقعية بعيدا عن المثاليات وخلط المفاهيم، كما تحاول النائبة صفاء الهاشم.. والوجهة الصحيحة واضحة لا تقبل التردد.
[email protected]