بقلم: يوسف عبدالرحمن
[email protected]
إن ما أفعله هو ما يصنع ابتسامة القارئ وليس العكس!.. بعد الحج، حملت حقائبي قاصدا ڤيينا لأنها كما قالوا: تونسنا!
وطرت عبر «الطائر الأزرق» الخطوط الجوية الكويتية المتقدمة نحو الصدارة وسط طيران متحفز يمثل بلدانه!.. انها جولة سياحية في عالم السفر احملكم فيها معي الى البلد الذي اطلق عليه «افضل مدن العالم» كما ذكرت «الأنباء» في صفحتها الأخيرة في 5/9/2019!.. ليست المرة الأولى التي اذهب فيها الى ڤيينا، فلقد ذهبت اليها اول مرة كي اتأكد من صدق الشاعر احمد رامي وغناء وتلحين فريد الأطرش في فيلم «غرام وانتقام» في العام 1944.. ادعوكم ومعي كل من لم تسنح له الفرصة لأن يشاهد او يزور ڤيينا ان يصحبني في هذه «المحطة السياحية» لبلد السياحة والفنون والثقافة والموسيقى والتسوق وجمال الطبيعة برا وبحرا ونهرا وجوا!
كتبت في حياتي عن رحلاتي غير ان «ڤيينا.. تونسنا» لأسباب كثيرة.
اذا أردت بلدا تذهب اليه متعبا حاملا الهمّ وضيقة الخلق فعليك بعاصمة النمسا!
بلد كلفة المعيشة فيه متوسطة الحال مقارنة بلندن وباريس وسويسرا وغيرها من العواصم الغالية!
ما ينقصها حقيقة هو فتح المجال للعروض في مركز المدينة، وأعرف أن هناك بعض العروض تقدم ولكنها لا تفي بحاجة كل هذه الأفواج السياحية وهذا ما التفتت إليه أسكوتلندا في مهرجاناتها، وقد استقطبت سنويا في شهر أغسطس ملايين السياح!
ڤيينا تنوع حضاري يعطيك رحلة حلوة وممتعة، وانت تتجول في بلاد جبال الألب الخضراء البيضاء والتراث العريق وقصور القياصرة وينابيع الماء والقصور الشامخة والمتاحف التاريخية وسوق الماركات العالمية، ويكفي ان تعرف ان منظمة اليونسكو ادرجت ڤيينا كمدينة تاريخية ضمن التراث العالمي الثقافي وذلك لوجود اكثر من 70 قصرا و150 مبنى تاريخيا عريقا اضافة الى الآثار الرومانية والإمبراطورية الملكية، ولتكون ڤيينا على الدوام ملتقى الشعوب والحضارات والأجناس، وما يعجبني هناك أنك لا تجد (هوم ليس)!.. في مركز المدينة شفت حالة واحدة فقط!
Vienna
تبهرك هذه العاصمة بسنترها الرئيسي وعربات خيولها الملكية والعربات الراجلة، فهي مفتوحة المباني ذات ألوان متناسقة تخطف الأبصار بزخارفها وألوانها وأشكالها، كما تتصدر صورة الموسيقار موزارت وبتهوفن والسلالة الملكية الحاكمة التي توزعت اليوم وانتشرت في أكثر من دولة وبقي القليل من نسل هذه السلالة موزعين هنا وهناك لا احد يذكرهم!
ساحة ستيفان بلانس وسط المدينة الاسطورية تعطيك الانطباع الاول السريع انك في عمق التاريخ وسط موزاييك من السياح والاجناس والكل قاصد مطلبه ووجهته.
تحتار هناك من أين تبدأ في ڤيينا، فهي محطة التاريخ النمساوي العريق بمتاحفها وقصورها وما اكثر متاحفها (طب وتخير)!
متحف التاريخ او الفنون الطبيعية والفنون التقنية ومتحف قصر شيربزن ومتحف قصر شقش هوقمبور ومتحف البرتينه وبلغدير والكوارتي ومتحف السمك والحيوانات البحرية ومتحف التاريخ ومدام ديسو وتاريخ الملكة السي سي.
حدائق مفتوحة ومنتزهات تضج بالخضار والتنوع والذوق الرفيع، ويعتبرونها بزروعها وورودها واشجارها من ارثهم المجيد.
الكلمة لسياحنا العرب ان يحترموا لوائح ونظم هذه المدينة الحضارية لأنهم لا يرضون ابدا ان تتحول حدائقهم ومتنزهاتهم «كشتات» كما نفعل في البر والبيئة الخاصة بنا، فتدمرها بمثل هذه التصرفات (افرش وغادر واترك المكان مدمرا بالمخلفات)!
أيقونة الألب!
فرصتك ان زرت النمسا ان تزور محافظاتها الـ 9 وهي كبيرة ومنوعة وقريبة من بلدان اوروبية محاذية لها، فالنمسا العليا عاصمتها لينتز وبها المشاريع الصناعية العظمى.
٭ سالزبورغ: وهي معروفة عالميا ببلد الموسيقار موزارت وبها البحيرات مثل زيلامسي وشلالات المياه والجبال الخضراء في كابرون وتعتبر سالزبورغ ثالث اكبر مدينة في النمسا.
٭ اما ستايرمرك فهي تقع في جنوب النمسا وعاصمتها كراتس، وهي من اجمل المقاطعات وبها حمامات النقاهة والوديان الطبيعية.
تيرول: وهي منطقة التزحلق على الجليد وعاصمتها انسبروك وبها ثلج طوال العام.
٭ فورارلبرغ: وتسمى عاصمتها بريقانز، وهي منطقة ثلوج وتزحلق طوال العام وبها أعلى قمة جبلية في سلسلة جبال الأرز.
٭ اما ڤيينا، فكما ذكرت هي المدينة الشاملة للتاريخ والحضارة وبها كثير من المقار الأممية العالمية مثل منظمة «الأوباك» و«الطاقة الذرية» و«اليونسكو» وغيرها من المنظمات الصناعية الكبرى والاقتصادية العالمية.
٭ بورغنلاند: هي ارض الشمس وتقع شرق النمسا وتتميز بالزراعة، خاصة العنب، كما بها اكبر البحيرات كبحيرة تويسيدل سي الشهيرة، وبها الأنشطة الرياضية والثقافية العالمية.
٭ كارنتيا: وهي مقاطعة في جنوب النمسا وعاصمتها كلاكنفورت المعروفة بجمال جبالها الثلجية مثل مدينة فيلاخ وثلادمنغ وبحيرة فورتسي التي تجذب أفواج السياح من كل أفطار العالم.
وتبقى النمسا السفلى: وهي المستودع الفلاحي الزراعي، وهي اكبر المزارع للمنتجات من الحبوب والبقول وتنتج السكر وعاصمتها سان بولتن ويمر بها نهر الدانوب العظيم الذي جعلها من اكبر الموارد الاقتصادية.
تنوع المدن النمساوية يعطي كل إنسان رغبته وطب تخيّر!
بلد الآيس كريم والمطاعم!
هي بالفعل بلا منافس معروفة، خاصة ڤيينا، بجودة الآيس كريم الذي تعرضه عبر محال وعربات متنقلة!
انا طبعا من مدمني هذه «الحلوى» كما نسميها «البَرِّد» أو «التندرما»، وهم هناك متخصصون بها ويقدمونها لك بالفاكهة او المكسرات وفي ساحة استيفان بمركز ڤيينا حيث بانوراما السياح تجد حاجتك من اي الأنواع المعروضة وتتبع هذا بفنجان شاي «منعنع» او فنجان قهوة.. يا سلام!
واذا جعت فهناك ستجد من المطاعم العربية والتركية وغيرهما وقد كتبت لك عبارة «حلال»!
وإذا أردت أن تحلي فأنت في بلد الشوكولاته والكاكو وكل أنواع البسكويت والكيك والتنوع الغذائي!
لا يصيدونك النصابين!
أيها السائح الكريم.. وانت هناك سيأتي من يعطيك «كرتا» او بروشورا إعلاميا أو أي إعلان قائلا لك بكل بساطة انه قادر على أن يريك النمسا كلها وفي «إعلامهم وخطابهم» في ظاهره الود لك كعربي ومسلم ولكن باطن هذه النظرة والابتسامة «عملية نصب» كبيرة قد تقع فيها ما لم تنتبه لمثل هذه العروض!
عليك باستخدام «مستر غوغل»، فهو الأجدر، واسأل السياح الخليجيين هناك الذين جربوا مثل هذه الرحلات وكيف زاروا هذه الأماكن تسلم!
اتعب شويه وابحث ودقق قبل ان تقع، لا سمح الله، في ايدي هؤلاء العرب النصابين ـ لا أُعمم لكن الأكيد أن الفئة الأكثر هم من يستغلون السذج ممن لا يملكون الخبرة أو أول مرة يزورون النمسا؟
فرصتكم استمتعوا ولا تعطوهم فرصة للضحك على الذقون!
وأحسن طريقة جربتها للتخلص من هؤلاء المتطفلين إن كلمك قم بمخاطبته بلغة الإشارة!
إجازتك!
هناك عالم غريب ينتظرك في تمضية إجازتك القادمة، فالنمسا «محطة طيبة» من بين المدن الاوروبية العريقة وهي من الدول التي اعترفت بالهيئة الاسلامية النمساوية عام 1971، وفي عام 1975 تم تسجيل الجامعة الاسلامية بالنمسا وهي المشرفة على شؤون المسلمين هناك، ويقدر عددهم بأكثر من نصف مليون، حيث تعتبر الديانة الاسلامية هي الثانية، ويوجد ايضا المركز الاسلامي (1975 ـ 1979) الذي بُني بتبرعات من المملكة العربية السعودية والكويت ودول عديدة اخرى.
انتبه ففي النمسا يطبق القانون خاصة قوانين المرور وعلى الاطفال تحديدا، فخذ حذرك وانتبه للممارسات التي نجتهد فيها احيانا ويعاقب عليها القانون مثل الحزام والسرعات المقررة على الطرق والشوارع.. انتبه ما عندهم غشمرة!
وتبقى الحقيقة عزيزي القارئ الكريم: كم هو حالم من يدعي أنه قد فهم كل أسرار الكون والتجربة فقط تعلمنا أسرار الحياة.
غداً محطة سياحية جديدة