هدى العبود
في نبرة لا تخلو من المرارة أطلقها، رئيس الاتحاد العام للفلاحين عبر هوائي القناة الأولى للتلفزيون بقوله: «أعطوني مشروعا واحدا من الأموال التي تتدفق على البلد، تم توظيفها في البنية التحتية الزراعية التي يقوم اقتصاد بلدنا بالدرجة الأولى عليها». تكمن مدلولات تنبئ، ليس فقط بأن ما يحدث منذ نحو عام من ارتباك واضح في أداء بعض الجهات الرسمية، هو مجرد عملية انتقال سلسة نحو اقتصاد منفتح وممنهج، من شأنه أن يترك ندبات هنا وخللا هناك، بل هو أقرب إلى عملية انسحاب من سوق كانت مخططة، واضحة المعالم والأهداف، والدخول في سوق مختلفة، أقل وضوحا إن لم تكن أكثر ضبابية، كان من مفرزاتها البدائية عجز في الواردات الحكومية وارتباك في معالجة الأزمات، التي لن تكون طريقة معالجة مشكلة مصادر الطاقة آخرها لهذا العام. ففي شهر ابريل المقبل، قد يشرف مخزوننا من القمح الطري على النفاد حسب مؤشرات الاستهلاك اليومي المقدرة بـ 6584 طنا يوميا، أي بمعدل 2 مليون و400 ألف طن حاجة صناعة الخبز للعام الحالي، من أصل مخزون لا يتجاوز كمية 734.279 ألف طن.
أين ذهب باقي محصول العام الماضي الذي بلغ 3 ملايين و622 ألف طن من القمح؟
اشتراه التجار في غفلة من تضارب القرارات الرسمية، فخزنوه في مستودعاتهم، ورفعوا أسعاره، على علم ومرأى جميع الجهات المعنية.
تبيع الدولة كيس الدقيق وزن 50 كغ للمخابز الخاصة بـ 425 ل.س.
أما سعره المتداول في السوق فهو 1500 ل.س.
والسؤال: أليس هناك من آليات أخرى غير المتبعة حتى الآن في عملية توزيع الدقيق، من شأنها حماية هامش الدعم الذي تقدمه الدولة لهذه السلعة الإستراتيجية؟
ثم هل يعقل أن ننتظر قدوم شهر ابريل لنهرع باحثين عن حلول إسعافية لأزمة تنبئنا المعطيات بأنها ستكون أشد وقعا على الناس، نظرا لحساسية مسألة الرغيف بالنسبة للفئات الضعيفة في مجتمعنا، ونحن نملك الوقت الكافي لمعالجتها منذ الآن بكل الوسائل المتاحة؟
رئيس اتحاد الفلاحين أشار في حديثه، إلى أنه يعرف تماما أين تم تخزين محصول قمح العام الفائت، الذي أشيع بهتانا بأنه مصاب بمرض فطري، دون أن تشكل لجنة من الخبراء، يصدر عنها تقرير علمي، يتم على ضوئه اتخاذ قرار مسؤول بشأنه.
هكذا عشنا فصل الشتاء القارص بمنغصات مشكلة توزيع مصادر الطاقة. وربما سيحمل فصل الربيع إلينا شبح مشكلة أشد قسوة. ولسنا ندري ماذا يخبئ لنا الصيف من مفاجآت.
ولكي لا يحمل العام الحالي اسم عام الأزمات بامتياز، فها نحن ندق جرس الإنذار، منبهين من أعراض أزمة قبل أن تقع بعد نحو شهرين. فهل من مستمع؟