بيروت ـ بولين فاضل
ثمة ما يستحق التوقف عنده في أجواء الفن أخيرا، ثمة ما ينبئ بتحول ما، باستفاقة فنية تحتاجها الساحة وتحتاجها الأذن أمس الحاجة، أول المؤشرات إلى اختراق الأصالة والفن الجميل جدار التقهقر الغنائي الحاصل هو برنامج «the voice kids» الذي صدم المراقبين لنوعية الأغنيات التي اختار الأطفال التميز بها، وهي أغنيات من زمن الفن الجميل، تغيبها الإذاعات اليوم وتجعلها ذاكرة منسية لا مكان لها وسط موجة الأغنيات الجديدة الوافدة إلى الأسماع بقوة المال واللامبالاة حينا آخر، ثاني المؤشرات عودة أصوات من زمن الفن الجميل إلى الضوء والنتاج كالفنانة اللبنانية الكبيرة ماري سليمان.
فمن لا يذكر هذه الفنانة التي لقبت بصاحبة الصوت الماسي وشبه صوتها بأسمهان وهي التي غنت منذ تخرجها في برنامج «استديو الفن» في عام 1980 أجمل الأغنيات، وكانت بصمتها الفنية الأولى مع ابن بلدتها الموسيقار ملحم بركات الذي وقع لها أغنية «لما الحب بتشعل نارو».
عادت ماري سليمان، الغائبة منذ عشر سنوات وتحديدا منذ إصدارها البوم «بكرا منشوف» عن شركة «روتانا»، اليوم بأغنية من توقيع الكبار وتحمل نكهتهم كتبها الشاعر الكبير الراحل جورج جرداق شاعر أغنية «هذه ليلتي» لأم كلثوم ولحنها الكبير الراحل أيضا فيلمون وهبي.
وتقول ماري، التي خبأت أغنية «صرت أحلى» دهرا قبل أن تقرر الإفراج عنها وإمتاع الجمهور بها، إنها وجدت التوقيت اليوم مناسبا لإطلاقها لكون الناس في حالة ظمأ لهذا اللون الغنائي وهذا النوع من الفن.
هكذا ومن دون مقدمات فاجأت ماري سليمان المستمعين والوسط الفني وطرحت «صرت أحلى» في الإذاعات. وبسرعة متوقعة شقت الأغنية طريقها إلى الآذان واحتلت مكانا ومكانة، فملأت فراغا غنائيا مهولا، لاسيما ان الأغنية «فيلمونية» النكهة وفيها ما يكفي من ثراء الكلمة والصورة الشعرية، وقد أضفى عليها صوت ماري الكثير من الفرادة والألق.
اليوم شعرت ماري سليمان بان أغنية «صرت أحلى» لها ضرورتها في زمن شح فيه هذا اللون الغنائي، شعرت بأن الناس في انتظار مثل هذا اللون، فطرحت الأغنية عبر مختلف الإذاعات وهي لا تفكر اليوم بتصويرها على طريقة الفيديو كليب، وإنما على المسرح على طريقة الغناء الحي، كما تعتزم الإطلالة بأغنية ثانية من ألحان فيلمون وهبي أيضا تبعا لاستراتيجية فنية رسمتها وتقضي بأن تطرح أغنية جديدة منفردة كل فترة. وتبرر ماري غيابها عن الساحة الفنية منذ العام 2006 بالقول إن السبب هو الرغبة في الابتعاد والتأمل، خصوصا ان الجو الفني في السنوات الأخيرة شابته الفوضى وما عاد يشبهها.
وتؤكد سليمان انها ستظل هاوية فن، تطل ساعة تشاء وتطرح جديدها ساعة تختار، مشيرة إلى انها تحب الشهرة والفن كثيرا لكنها تحب أكثر حياتها العائلية، وهي إنسانة واقعية بهذا المعنى ومتصالحة جدا مع ذاتها. وتقول ماري إنها سعيدة جدا لكون تاريخها من الأغنيات لايزال راسخا في الأذهان، كما انها سعيدة لما تسمعه اليوم من تعليقات وآراء جميلة من بينها ان صوتها في أغنية «صرت أحلى» صار أحلى.
وعما إذا كان الفنانون قد هنأوها بالعودة والأغنية، تؤكد انها لا تنتظر شيئا من أحد، لافتة إلى أنها على تواصل مستمر بكل من الفنانة ماجدة الرومي والموسيقار ملحم بركات. وحول ما بقي من أحلامها الفنية، تقول ماري سليمان ان أحلامها لاتزال كثيرة ومن بينها ان تقف وتغني في بعلبك.