- بدر المهمل: الحصان حيوان راقٍ والفروسية تنمي قيم الشرف والرقي والشجاعة
وليد جمعة
تغنى بمفاتنها الشعراء فخلدوا ذكرها بأبيات شعر تصفها بأحسن الاوصاف، وصفوا جمال عيونها ووقع أقدامها واستطردوا في الحديث عن بسالتها في ميادين القتال فارتبط صليل السيوف بقوة صهيلها، وافرد لها الكتاب المؤلفات قالوا فيها الحكم وحكايا الاساطير كحصان طروادة وضربوا بها الامثال.
أولاها العرب أعلى المنازل ولا يضاهي العرب قوم في تكريمهم اياها واعتزازهم بها حيث اطلقوا أسماء البشر على خيولهم لما امتلكته الخيول من اهتمام ومكانة ولن يأتي من يتفاخر بالخيل قوم مثلهم في شجاعتها وقوة تحملها ووفائها فقد وصفوها كما هو فارسها.
ولما للفروسية العربية من صفات نبيلة تهتم الدول الغربية كما العربية بتنظيم سباق للخيول وتسعى الكويت لإحياء الحماس بثقافة سباق الخيل.
في هذا السياق حرصت «الأنباء» على اصطحاب قرائها للتمتع بمشاهدة هذه الرياضة التي تعد جزءا من ثقافتنا وتراثنا التي اورثها لنا الاجداد، وذلك في نادي فروسية الفروانية من أهم الوجهات لعشاق سباقات الخيل، بعد غياب دام شهورا بسبب إيقاف جميع الأنشطة الرياضية تماشيا مع الاجراءات الاحترازية التى فرضها علينا التعامل مع جائحة كورونا والتدابير الوقائية التي اتخذتها دولة الكويت حرصا على سلامة جميع الرياضيين.
أمام مضمار الشيخ أحمد الجابر الصباح، رحمه الله، كان في استقبال فريق «الأنباء» امين السر المساعد لنادي فروسية الفروانية بدر حمود المهمل أحد عمداء اسطبل المؤسس والذي أكد في حديثه حرص النادي الدائم على توفير البيئة المثالية لجميع مرتاديه من خدمات بمستوى عال من الجودة، وكذلك تلبية احتياج ملاك الخيل التي تتمثل في العناية الفائقة بالخيل وتوفير مرافق تدريب مجهزة بدقة عالية، بالإضافة إلى إتقان مدربي النادي أساليب التدريب بمهنية عالية، فضلا عن تجهيز ارضية رملية لمضمار السباق بحيث تكون مستوية وآمنة خالية من الصخور حتى تتمكن الخيول من الجري بدون أن تتأذى، مشيدا بعمل ادارة النادي الدؤوب لتطوير النادي، حيث ضم مضمار السباق شاشة عرض الكترونية طولها تقريبا 14 مترا حتى يتمكن الجمهور من الاستمتاع بمشاهدة السباق من بداية المضمار وحتى نهايته.
وأضاف انه تم انشاء مكتب سجل انساب للخيول المهجنة من اجل دعم انتاج الخيول، بالإضافة للسماح لهذه الخيول بالمشاركة في سباقات السرعة، موضحا انه يوجد نوعان رئيسيان شائعان لسباق الخيل النوع الأول من السباق يسمى سباق الحواجز، والنوع الثاني يمتطي الفرسان الخيول ويعدون حول مضمار السباق ويسمى سباق السرعة وهذا النوع من السباقات هو ما يقام في مضمار نادي فروسية الفروانية، حيث اغلب الاشواط سباقات سرعة، وتنقسم سباقات السرعة الى فئات، كل شوط يحصل على فئة يتناسب فيها مستوى سرعة الخيل تناسبا طرديا مع مجموعته، فيكون المستوى الرابع الاقل سرعة الى ان يصل الخيل للمستوى الاول السرعة القصوى وهو اعلى تصنيف للخيل من حيث سرعتها.
واضاف ان تلك السباقات محلية داخل دولة الكويت، بالإضافة الى سباق واحد شهريا للخيول العربية.
وعن سبب تسمية الاسطبل بالمؤسس، اجاب بأنه سمي نسبة الى جده عوض خلف المهمل، رحمه الله، مؤسس نادي فروسية الفروانية عام 1977 وتم تسمية الاسطبل تيمنا بجده، وذلك في عهد المغفور له سمو الشيخ احمد الجابر الصباح أمير البلاد آنذاك الذي كان سبب تأسيس النادي.
وأكد المهمل ان النادي منذ تأسيسه بمنزلة بوابة عبر خلالها فرسان برعوا في الحفاظ على تراثنا وعبرنا معهم للاستمتاع برقي هذه الرياضة التي تقوي لدينا الشعور بالانتماء لأسلافنا العرب الفرسان وارتباطهم التراثي بالخيل على مر العصور، مؤكدا أن النادي بات مقصدا كل من تستهويه رياضة ركوب الخيل، فضلا عن النشاطات الرياضية التي يقدمها النادي.
ودعا في حديثه الى ضرورة تعريف ابنائنا وتوجيههم لممارسة رياضة اتقنها آباؤنا وأجدادنا بل تعليمهم اياها، مسترشدا بقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه «علموا اولادكم السباحة والرماية وركوب الخيل»، مشيرا إلى أن للفروسية سلوكا يتسم صاحبها بالشرف والرقي والشجاعة وما أحلى ان يتحلى ابناؤنا بهذه الصفات من خلال تواصل حسي عميق بينهم وبين الحصان ذلك الحيوان الراقي، مؤكدا ان الحصان حيوان حساس يستشعر مشاعر فارسه من خوف او عطف او غضب ولطالما كان رفيق الانسان في حله وترحاله، وأضاف ان ما نراه اليوم من سباق الخيول في دول الغرب انما نحن مرجعه وأصل هذه الرياضة لدى هذه الدول هي الفروسية العربية بيد اننا نمارسها كرياضة برقي، ونعتز بها فهي جزء من ثقافتنا العربية وليس كما بالغرب، حيث لا يسمح بالرهان وهذا ما حرمه ديننا الحنيف.
فوائد صحية ونفسية لركوب الخيل
عدّد بدر المهمل فوائد رياضة ركوب الخيل، فمن الناحية الصحية تنشط الدورة الدموية وتقوي العضلات كأي رياضة بدنية يمارسها الانسان، كما انها تزيد من ثقته بنفسه وتعلمه الشجاعة والصبر، مشيرا الى ان تعاملنا مع الخيل يعتمد على الحواس فإن الفروسية تجعل حواسنا في انتباه دائم والتأقلم مع محيطنا مما يعلمنا تدارك المواقف الصعبة والمخيف منها في هدوء وكيفية التحكم في ردود افعالنا وقدرتنا على اتخاذ قراراتنا، فضلا عن اتقاننا فن القيادة والتواصل ومن ناحية اجتماعية تساهم ممارسة الرياضة في تفاعل الشباب وتعزز فيهم روح الجماعة والارتباط بالمجتمع فهي تقرب بين الأفراد والجماعات، مؤكدا في حديثه على بعض الإرشادات قبل امتطاء الخيل فيجدر تكوين صداقة معه وتفاهم من خلال التحدث بلطف، ومن المهم إمالة الجسم كلما قابلك منعطف حتى تحافظ على توازنك وإن كانت المرة الأولى التي تمتطي بها الخيل فينصح بوجود مدرب.
وختم المهمل حديثه بان رياضة ركوب الخيل مقرونة في تاريخ الجزيرة العربية وان العرب من محبي هذه الهواية ووجدناها مقرونة في تراثهم العربي والشعري والادبي، مشيرا الى ان قوة الارتباط بين الانسان والخيل وأنه لا يستطيع ان يشعر بها الا من تلامس مع هذا الكائن الراقي، فعلاقة الخيل بالانسان علاقة وطيدة منذ القدم، طرفاها مصير كليهما وكما ساد الخيل العربي على كافة الخيول هكذا الفارس العربي.
«تسونامي» صاحب شخصية فريدة وحقق إنجازات عظيمة
خلال جولة للتعرف اكثر عن الخيل بشكل تفصيلي عرفنا بدر على الحصان «تسونامي»، مشيدا بنجاحاته التي حققها وإنجازات العظيمة، متمنيا له تحقيق مزيد من النجاحات في سباقاته القادمة بنادي فروسية الفروانية، وأوضح ان الانسان يتميز عن غيره ببعض السمات هكذا تسونامي له شخصية فريدة ويجب علينا فهم طبيعة الخيل حين نتعامل معها مع مراعاة الطبيعة الفريدة لكل منها، مشيرا الى ان الخيول شديدة الذكاء وتستطيع التعرف بسهولة على السلوك الداخلي الخاص بقائدها وان تتطلع اليك قرأت ملامح وجهك وتنبات بحالتك المزاجية.
وبدا المهمل شارحا لمن لا يعرف كل ما حمله تسونامي من أدوات على جسده وأهميتها، مبتدئا بالمصراع الذي يغطي رأس الحصان والتي عن طريقها يتحكم الفارس في توجيه الحصان بالإضافة الى التحكم بسرعته مرورا بالسرج حيث توجد على ظهر الحصان وتستخدم كمقعد للفارس وتكون مرتفعة بعض الشيء.
وأوضح المهمل ان تسونامي هو اسمه الدولي وتم شراؤه لخوض سباقات المسافات الطويلة المعروفة بالماراثون وفيه الخيل وفارسه يقطعان مسافات طويلة تصل إلى 120 كيلو مترا وأضاف انه يتوقع من تسونامي الفوز في السباق.
وفيما يتحدث بدر اثار بداخلي فضول للتعامل بقرب مع تسونامي فمددت يدي برفق حتى يشتمُّها فلا يخشاني وبدأت لمس عنقه والترتبيت عليه عدة مرات فنحن نعلم ان لغة التواصل الأساسية عند الخيول هي لغة الجسد، وفي هذه الاثناء كنت اتحدث معه بلطف مما يشعره بالراحة فاحنى رأسه وبدأ يمشي بجانبي بهدوء.
ولن اخفي عليكم شعوري منذ ان وطأت قدماي نادي الفروسية خطفت انظاري هذه الخيول ببهاء جمالها وهي تعدو قوية مهيبة وبدا صوت اقدامها معزوفة ما اعذبها حين دقت الارض بطون اقدامها، وامتلكني شعور بالفخر حين رأيت اداء الخيول المبهر في انسجام تام مع فارسها.
وامام هذا المشهد لم أتمالك نفسي فقد طلبت من بدر ان امتطي أحد الخيول وركضت به سريعا لعلني اشعر كما يشعر الفارس حين يكون فوق صهوة خيله، وما ان انطلق بي تسونامي إلا وشعرت اني قد تحررت من كل شيء وفي ذات الوقت اني ممسك بزمام الأمور كوني قائدا يتحلى بقوة الفارس، وأدركت قوة العلاقة بين الفارس وجواده فتواصلهما ليس فقط بالجسد بل بالروح أيضا وهذا ما اكده بدر في حديثه.