خسر الإعلام الكويتي رائدا من رواده برحيل الإعلامي القدير رضا الفيلي الذي وافته المنية بعد رحلة إعلامية حافلة ترك خلالها إرثا كبيرا في سجله الوطني والإعلامي.
يعتبر الراحل أول مذيع في التلفزيون الكويتي مع بداية البث، كما عمل رئيسا لقسم الأخبار، وشغل منصب وكيل مساعد في وزارة الإعلام، ووكيل مساعد لشؤون التلفزيون، وعضو مجلس إدارة في وكالة الأنباء الكويتية، ونائب رئيس تحرير جريدة «النهار».
قدّم برامج عديدة، أبرزها: «من النافذة»، و«عالماشي»، والعديد من البرامج الأخرى التي لاتزال ماثلة في ذاكرتنا.
وبهذه المناسبة الأليمة، تتقدم «الأنباء» بأحر التعازي إلى عائلة الفقيد، داعين الله- عز وجل- أن يتغمده بواسع رحمته ويسكنه فسيح جناته، ويلهم آله وذويه الصبر والسلوان.
إنا لله وإنا إليه راجعون.
إضاءة على مسيرة الراحل
كان انضمامه الى اذاعة الكويت عام 1959 حلما جميلا تحقق في بداية شبابه، فقد ساعده الراحل حمد المؤمن على تحقيق حلمه بالعمل بالإذاعة بعد ان آمن بموهبته، ومن هنا بدأ الفيلي مشواره الإعلامي، كان يدرس في النهار ويتوجه إلى الإذاعة ليلا، واستطاع خلال فترة قصيرة ان يتجاوز البداية، ويصبح مؤهلا للمزيد من العمل الجاد.
تفوق تلفزيوني
لم تكن الإذاعة نهاية حلمه، خصوصا مع بدء التلفزيون مرحلة البث، كان الفيلي يريد ان يثبت وجوده في العمل التلفزيوني، لذا انتقل للعمل في تلفزيون الكويت عام 1961، وخلال عمله في هذا الجهاز حقق الكثير من النجاح على الصعيدين الإداري والوظيفي، فقد تولى منصب رئيس الاخبار في التلفزيون وكان ذلك إيذانا برحلة من الدورات التدريبية التأهيلية خارج الكويت، فقد التحق بدورة تدريبية في بريطانيا لمدة ثمانية اشهر، تدرب خلالها في محطة اندبندنت itv وbbc ثم اوفدته وزارة الاعلام في عام 1969 الى دورة دراسية في الولايات المتحدة وخلال الفترة من 1969 الى 1974 حصل على عدد من الشهادات منها بكالوريوس وماجستير الإذاعة والتلفزيون من جامعة كولومبيا في لوس انجيليس وبكالوريوس في وسائل الاتصال وشهادة الماجستير من جامعة جنوب كاليفورنيا.
أول مذيع
ويعتبر الراحل أول مذيع في تلفزيون الكويت عند بداية البث عام 1961 كما عمل رئيسا لقسم الاخبار ونائب مراقب عام برامج التلفزيون حتى عام 1969، وعضو مجلس ادارة في «كونا» عام 1991-1996 ومجلس ادارة الهيئة العامة للشباب والرياضة 1998، ومثل الراحل الكويت في عدة مؤتمرات ومؤسسة الانتاج البرامجي المشترك لدول مجلس التعاون الخليجي، كما عمل مستشار مكتب وزير الاعلام 2001-2007.
وقام الفيلي، رحمه الله، بالإشراف على دعوات وزيارات الوفود الاعلامية والصحافة العربية والأجنبية للكويت، بالإضافة الى مشاركته في اعداد وتقديم وإنتاج سلسلة من البرامج الوثائقية التلفزيونية عن تاريخ الكويت وتراثها.
مهمات خارجية
كما عرف عن الراحل إمكاناته الاعلامية التي رسخت اسمه عربيا ما أهله لأن يتم اختباره كنائب لرئيس ورئيس للجان تحكيم لمهرجان الاذاعة والتلفزيون لدول مجلس التعاون الخليجي.
جوائز وتكريم
نال الفيلي رحمه الله العديد من الجوائز والتكريمات في حياته ومنها جائزة الابداع والريادة العلمية للملتقى الإعلامي العربي السادس بالكويت عام 2009، كما حصل على درع التقدير لرواد الاعلام الخليجيين عام 2010.
محطات الذكريات
في لقاءات عديدة روى الراحل محطات من ذكرياته للصحف الكويتية، فعن ملامح الطفولة يقول في أحد اللقاءات: أتذكر في مدرسة الصديق المتوسطة في عام 55 أو 57 أو 57 كانت ملامحي الاعلامية بدأت تتحدد من خلال ذلك المنهج التربوي في ذلك الوقت الذي كان ينمي القدرات ومواهب الطلبة في المدارس، وأتذكر أن من ضمن الفرص التي أتيحت لي أن طلب مني إنشاء إذاعة مدرسية وبالفعل بدأت بجلب الميكروفونات والسماعات التي وزعت على سور المدرسة من الداخل، وكان التسجيل على أشرطة ليست كالحالية، وإنما كانت على شكل اسطوانات بكرات الاسلاك الدقيقة.
وعن كونه المذيع الاول قال رحمه الله: أتذكر أنني كنت من الطلبة الذين يشتركون في الاشراف على الاذاعة المدرسية، وكنت مع اثنين أو ثلاثة من زملائي نقوم بإلقاء كلمة الصباح في الاذاعة المدرسية والمشاركة في إجراء المقابلات، فهذه البداية الفعلية مع النشاط المسرحي المدرسي طور أفكاري بأن أكون الى جانب كوني طالبا في المدرسة مذيعا للاذاعة المدرسية، فأنا كنت معروفا بين زملائي الطلبة بأنني المذيع الاول ان جاز التعبير في الاذاعة المدرسية، حتى لو كان هناك عرض مسرحي أو نشاط اجتماعي فإني أحضر المسرح لهذا الأمر، ومن هنا كانت النقلة الاولى.
كما روى الراحل ذكرياته عن بدايات الاذاعة فقال رحمه الله: كانت الاذاعة الكويتية في الخمسينيات عبارة عن بث في الليل عقب الصلاة من الساعة 6 الى الساعة 10 أو من 7 الى 10 وكانت في قصر نايف الآن وكانت ضمن قطاع مبنى ادارة الجوازات في النهار.
كما كانت هناك حجرة أخيرة في مبنى الجوازات كانت مخصصة للاذاعة، ففي الليل لم يكن هناك مراجعون، فكنا نأتي الى هذه الحجرة.
وقال رحمه الله عن قراءته أول نشرة في لقاء صحافي عام 2000: في يوم من الأيام كان هناك المذيع الزميل أحمد سالم وكانت النشرة الساعة السادسة وكان لا بد أن يحضر الساعة الخامسة، وأنا أحضر الساعة الرابعة والنصف للافتتاح وافتتحنا المحطة وصارت الساعة الخامسة ولم يحضر وصارت الخامسة والنصف ولم يحضر واتصلنا بالتلفون فلم يرد والساعة وصلت الى الخامسة وخمس وأربعين دقيقة ولم يحضر والمحررون الموجودون لم تكن لديهم إمكانية أن يقرأوا الاخبار واتصلنا بالمسؤول في ذلك الوقت، وقال: «نأمر بأن رضا الفيلي يقرأ النشرة» طبعا الموقف هذا هذا موقف اعتزازي وأنا لا أستطيع أن أقرأ النشرة وكيف اقرأ النشرة وهذه أول مرة «الساعة صارت الخامسة وخمسا وخمسين دقيقة، وقال لا تتفلسف وكانت الساعة السادسة وقرأت النشرة وكانوا أمامي يشكلون لي بشكل فوري، وفعلا انتهت النشرة فشكروني وكنت سعيدا وحققت نجاحا وقرأت نشرة الساعة السابعة وموجز الساعة الثامنة.
الحمود: منارة في العمل الإعلامي
نعى وزير الإعلام ووزير الدولة لشؤون الشباب الشيخ سلمان الحمود أحد رواد العمل الإعلامي الكويتي المغفور له بإذن الله تعالى نائب رئيس تحرير جريدة «النهار» المحلية الإعلامي رضا الفيلي. وقال الشيخ سلمان الحمود إن الفقيد الفيلي قدم الكثير للإعلام الكويتي وكان منارة في الإذاعة والتلفزيون بما حمله من اخلاص وتفان في العمل من اجل رفعة اسم الكويت. وأضاف الحمود ان للفقيد العديد من الاعمال الخالدة منها برنامج «عالماشي» وبرنامج «من النافذة» وغيرها العديد من البرامج الاذاعية والتلفزيونية التي استطاع من خلالها ان يحفظ جزءا مهما من تاريخ الكويت وملامح الدولة قبل النهضة العمرانية. وأكد ان الفقيد الفيلي رحمه الله كان قريبا من الجميع بأدبه الجم وتواضعه منذ انضمامه الى اذاعة الكويت في شبابه عام 1959 بعمر الثامنة عشرة حتى تقلده عددا من المناصب القيادية منها رئيس قطاع الاخبار بتلفزيون الكويت ومدير المكتب الفني بوزارة الاعلام وتوليه منصب وكيل مساعد لشؤون التلفزيون. وذكر الشيخ سلمان الحمود ان الفقيد الراحل الفيلي ظل مخلصا لعمله ووطنه حتى بعد انتقاله الى عالم الصحافة من خلال عمله كنائب لرئيس التحرير في جريدة «النهار» الكويتية. وأعرب باسمه ونيابة عن منتسبي وزارة الاعلام عن خالص التعازي والمواساة لأسرة الفقيد وأعضاء الأسرة الاعلامية الكويتية كافة سائلا المولى تعالى ان يسكنه فسيح جناته ويلهم اسرته ومحبيه الصبر والسلوان.
ومضات
الأستاذ الذي خطفته «النهار»
بقلم: يوسف عبد الرحمن
[email protected]
شاءت إرادة الله ـ جلّ شأنه ـ أن أزوره في مستشفى الأميري الخميس الماضي وعندما دخلت عليه غرفته كانت عنده أيقونته الدائمة ابنته «خلود» تبكي ونجله خالد وعندما قبلته بادرته.. أتعرفني؟
حرك رأسه بإيماءة، رحمه الله، وكأنه يقول: نعم.
ثم بادرتني ابنته خلود: اقرأ عليه، وضعت يدي على رأسه وقرأت ما تيسر وخرجت داعيا الله عزّ وجلّ أن يرحمه ويشافيه ويعافيه لمحبيه وأهله وكانوا جميعا هناك عنده في المستشفى الذي غص بهم.
نفقد اليوم هرما إعلاميا كبيرا دخل الاعلام فكان أستاذا في كل ميدان. لست أتصور ان احدا من جيلنا المخضرم لا يذكره او يعرفه وهو رجل الاعلام منذ التلفاز الأبيض والأسود ثم تنقل في اكثر من مجال وحقق من النجاح ما ينبغي ان يسجل له وأن يدفع الآخرين الى التأسي به.
رضا الفيلي «رحمه الله» الإنسان الإعلامي الوطني الذي له وزنه الفكري والإعلامي والعلمي والثقافي رحل عنا إلى خالقه، تاركا اثرا كبيرا مقدرا في سجل عطائه الوطني والإنساني، وتعدد مناقبه يجعلني في موقف عسير وصعب حصره لأنه كان فارسا في اصعب ميدان وهو الإعلام والتوثيق، ومن منا ككويتيين ينسى مقابلاته مع الأجداد والآباء والتي كونت جزءا من تاريخ الكويت؟ وكان بحق فارسا علما أعطى الإعلام المرئي والمسموع قوة من أدائه بالكلمة المسموعة وأيضا المنشورة، وكم اتحفنا بمقالاته وآرائه وتألقه في المقابلة الصحافية.
كان «أبوخالد» رحمه الله يزورنا في ديوان الأخ محمد العجيري كل خميس ويثري الديوان بثقافته ومداخلاته الحلوة واللطيفة، وكان، رحمه الله، محبا للفكاهة والتسامر ويملك ناصية أي حديث.
ومضة (1): شعرت بحزن عميق على فقده وأتمنى أن أرى مؤلفا من ابنته خلود عن مشواره وسأضع كل ما أستطيع تقديمه لها كي نرى سجله التاريخي مكتوبا بمداد الذهب لهذا الفارس الإعلامي الكويتي الجميل ومن الزمن الجميل.
ومضة (2): رضا الفيلي خطفته الزميلة جريدة «النهار» واستفادت من خبرته لأنه احد الذين عاشوا العمل الإعلامي الكويتي ووصلوا الى قمته وكان على الدوام راضيا عن عمله، مطمئنا الى ان ما قام به هو الصواب، منطلقا من ضمير حي، واضعا دائما مصلحة الكويت العليا فوق كل اعتبار.
وكان رحمه الله من كتاب «الانباء» «الاسبوع 6 ايام» وله متابعوه ومعجبوه.
آخر الكلام:
الحقائق وحدها الباقية وكلمة الحق مرة دائما، ونتمنى ان يكرم هذا الاعلامي خير تكريم وأن يطلق اسمه على صرح اعلامي بطول قامته الاعلامية وعاجلا غير آجل، ورحمك الله يا أبا خالد، وإنا لله وإنا إليه راجعون.
م.36
رضا الفيلي.. هنا الكويت
بقلم: د.عبدالهادي الصالح
[email protected]
من ينسى الصوت الرخيم الأول لنشرة الأخبار في بدايات إذاعة الكويت التي كانت تبث من غرفة في قصر نايف، كنا أيام الستينيات نشتاق لمعرفة وجه هذا الصوت، قبل أن يظهر على شاشة تلفزيون الكويت التجريبي عام 1961 مخاطبا المشاهدين «هنا تلفزيون الكويت».
انه الأستاذ المرحوم رضا الفيلي الذي توفاه الله الى رحمته الواسعة يوم أمس، وقد كنت في زيارة خاطفة له ظهر امس والتي بدت أنها آخر زيارة. إنا لله وإنا إليه راجعون، ويأتي ذلك سريعا بعد أيام قليلة من وفاة زميله الإعلامي الكبير المرحوم عبدالرزاق السيد - رحمه الله تعالى.
الإعلام كان في دمه منذ أن كان صبيا طالبا يشارك في إذاعة الكشافة في الفنيطيس، فأعجب به الأستاذ إبراهيم الشطي (أطال الله عمره) وجعله مشرفا على الإذاعة المدرسية في مدرسة الصديق عام 1955، قبل ان ينضم إلى أسرة إذاعة الكويت عام 1959 وبعدها إلى التلفزيون، ومازالت مقابلاته التاريخية مع الرعيل الأول يتردد صداها في فيديوهات الإنترنت، وينهل منها الباحثون والمؤرخون، بجانب مقابلات السيد سيف مرزوق الشملان (أطال الله عمره). ورغم تقاعده فهو لم يبتعد عن الإعلام فانضم إلى أسرة جريدة «النهار» الكويتية كنائب لرئيس التحرير فيها وحتى أمس اليوم الأخير في حياته، رحمه الله.
لكنه أبى إلا أن يكون له عقب إعلامي من ذريته، فكانت الزميلة الأخت الفاضلة ابنته «خلود» التي تسير منذ زمن في ركب أبيها، وارتقت مؤخرا الى موقع قيادي في إدارة وكالة كونا الكويتية. رحمك الله يا بو خالد لقد حظيت انا بزمالتك في إحدى اللجان التطوعية التراثية، وعهدتك كما انت دمث الأخلاق، طيب المعشر، نافذ الفكر، بعيد النظر. كم تمنيت كما تمنى غيري أن يتم تكريم أمثاله الذين لهم بصمات على جبين الوطن، قبل أن يرحلوا ليشاهدوا تكريما لائقا بمنجزاتهم، مثل اطلاق أسمائهم على شارع رئيسي أو مبنى لمرفق راق، ولكن دائما بعد ان يرحلوا لا يرونه هذا طبعا مع جهد جهيد من الواسطات من محبيه وذويه. اللهم ألهم محبيه وذويه جميل الصبر وحسن العزاء.