هادي العنزي
استخدم أجدادنا القراقير لصيد الأسماك قبل ظهور النفط وكانت مصدر رزقهم، إلا أنها اليوم أصبحت مصدر إزعاج لدى الكثيرين من هواة الصيد وخصوصا «الحداقة» فمنهم من يعتبرها مقبرة للأسماك فالداخل مفقود والخارج مولود، واليوم صفحة «بحري» اجرت تقريرا مفصلا عن هذا الموضوع فتعال عزيزي القارئ لنتعرف على سلبيات وايجابيات القراقير ونستمع إلى آراء الكثيرين.
بحري: القراقير هي إحدى طرق الصيد في الماضي وتعتبر من طرق الصيد البدائية لكنها برهنت على ذكاء الأجداد وحنكتهم في اصطياد الاسماك، وهي اقفاص تلقى في البحر بيضاوية الشكل تبدو قاعدتها مسطحة من الأسفل وفيها فتحة خرطومية تسمح بدخول الأسماك إلى الداخل وبنفس الوقت تمنع خروجها، كما تثبت فيها أثقال كي تغطس إلى القاع وتربط بعلاق من الأعلى ووضع شيء يستدل صاحبها إليها عند العودة لاستخراج الاسماك منها.
القراقير من السعف إلى الأسلاك
صنعت القراقير في الماضي من سعف النخيل ولكنها اليوم استبدلت بالأسلاك المعدنية وطولها يبدأ من نصف متر إلى مترين وأشهر صناع القراقير دولة الامارات العربية المتحدة ومملكة البحرين ولاتزال القراقير تستخدم إلى يومنا هذا في صيد الأسماك رغم تطور اساليب الصيد وتتضمن صناعة القراقير خطوات عدة أبرزها البدء بصناعة السقف «قبة القرقور» على حسب الحجم المراد تفصيله.
وكانت تعرف بالحجم بوحدة القياس «الباع» او «الباع والنصف» إلى ان تصل إلى حجم يتجاوز ثلاثة أبواع ونصف، ان الاسلاك المستخدمة في صناعة القراقير اليوم تنقسم إلى نوعين: الأول ويطلق عليه «السيم القطين» بمعنى الرفيع والآخر السميك ولكنهما في المجمل يؤديان العمل المطلوب ويستخدم «القطين» و«السميك» في الشتاء أكثر كما ان دقته تمنع أو تؤخر تكون الطحالب أو الاعشاب البحرية عليها والعمر الافتراضي لـ«الضعيف» قصير حيث يبقى من ثلاثة إلى أربعة أشهر، بينما «السميك» يبقى لفترة أطول من سنة إلى سبعة أشهر من الاستخدام.
بلا ضمير
عندما يستخدم الصياد «القرقور» من البحر يتعين عليه عند فرز الأسماك ان يعيد بعض الاسماك الصغيرة للبحر، على سبيل المثال قد يجد بعض الصيادين اسماك الهامور الصغير الحجم التي لا يمكن الاستفادة منها كثيرا لأنها لم تصل إلى الحجم الطبيعي والمتعارف عليه ولكن بعض الصيادين بلا ضمير لا يراعون أهمية تركها كي تنمو وتبلغ حجمها الطبيعي وهمهم بيع كل ما بداخل القرقور حتى لو كان بسعر قليل.
القرقور المفقود مقبرة الأسماك
ان فقدان القرقور وإضاعته من قبل صاحبه يتحول إلى مقبرة للأسماك ويتعين على الصياد استخدام جهاز لتحديد مواقع قراقيره «الماجلان» أو غيره من الاجهزة الحديثة فيقوم الصياد بإنزال القرقور وربطه من الأعلى بعلامة كي يتعرف عليه عند العودة لاحقا ويثبت به ثقل معين في الاسفل كي يبقى ثابتا ولا تحركه التيارات البحرية ثم يعود الصياد بعد عدة أيام إلى المكان الذي حدد احداثياته على الجهاز ويقوم باستخدام القرقور وما به من اسماك، إلا ان أكثر المرات يفقد الصياد القرقور، اما تحول موقع القرقور بسبب التيارات البحرية القوية او بسبب قيام أحد الحداقة بتعليق خيطه بقرقور الصياد وعندما يرفع الحداق خيطه يرتقع معه القرقور ويتغير موقعه بعد ان يقوم الحداق اما بقص القرقور من الاعلى وجعله مفتوحا ورميه بالبحر مرة أخرى أو اتلافه بأي طريقة أخرى عندها يذهب تعب صاحب القرقور «الصياد» في مهب الريح.
رأي الحداقة بالقراقير
استعرضت صفحة «بحري» آراء كثير من الحداقة وهواة الصيد بأكثر من موقع وديوانية، واتفقوا جميعا بنقطة واحدة قائلين: القراقير مقبرة، لا شك ان القراقير اليوم أصبحت أكثر من الهمّ على القلب، وذلك بسبب كثرتها غير الطبيعية، خصوصا بالجنوب، ويرجع سبب ذلك الى عدم تقيد بعض أصحاب القراقير بالقوانين الموضوعة لكيفية وأماكن استخدامها، حيث إن همّ البعض منهم «الربح المادي» وتهاون المسؤولين في الرقابة على أمثال هؤلاء ساهم وبشكل كبير جدا بانتشارها، حتى الجون لم يسلم من شرهم سالكين طريق «خالف تعرف» والمقصود بـ «خالف» انهم يقومون برمي قراقيرهم بالأماكن الممنوعة و«تعرف» يكونون هم المسيطرون على السوق وهم الأكثر ربحا، وغير ذلك فهي ساهمت باستنزاف الأسماك من البحر، حتى ان أغلب هواة الصيد «الحداقة» أصبح يكره البحر، والبعض منهم ترك هوايته وطراده يمتلئ بالغبار ويعللون هذا التصرف بأن البحر «ناشف» ويقول بعضهم لماذا أتكلف واشتري طرادا وأتعب وأدخل البحر وأخسر ييم وخيوطا وانشوي من الشمس والحر وفي النهاية أرجع «يد من أمام ويد من الخلف»، فالأفضل أقعد بالديوانية على البراد وخلّ أهل القراقير يشبعون من البحر، وطبعاً شباك الصيد لها نصيب من استنزاف الأسماك وهذه مصيبة أخرى لا تعرف لها حلا.
رأي أصحاب القراقير «الصيادين»
وكما استطلعت صفحة «بحري» آراء الحداقة فمن الإنصاف إعطاء أصحاب القراقير فرصة لطرح وجهات نظرهم، وقد جالت «بحري» اكثر من ديوانية صيادين واكثر من موقع فكان ردهم على الانتقادات التي توجه لهم من الآخرين كالتالي: «اذا وقّفنا قراقيرنا شلون تاكلون سمچ» وهل يرضى السوق بهذا، نحن يا معشر أصحاب القراقير نريد جوابا لسؤالنا من هواة الصيد «الحداقة» أو غيرهم؟ طبعا أغلب جواب البعض سوف يقول كلمة واحدة «عادي» خلّ القراقير تتوقف، والسبب انهم لا يعرفون ما هي عواقب هذا الشيء وطرحكم يا صفحة «بحري» لهذا الموضوع جدا مهم لأننا دائما نقرأ بالصحف اليومية أو بعض المواقع ان القراقير وأصحابها هم سبب قلة الصيد وشح الأسماك، وكأننا نحن المسؤولون فقط عن هذا الشيء ولا توجد أسباب أخرى، يا جماعة حدثوا العاقل بما يعقل ودعونا نأخذ هذا الموضوع كما يقولون حبة حبة.
أولا: لواننا أوقفنا القراقير واعتزلنا هذه المصلحة من سيقوم بدورنا بتمويل السوق وتغطية النقص واشباع السوق بالأسماك. ثانيا: هل يقبل المستهلك المتعود على أكل السمك ويعتبره وجبته الرئيسية ان يدخل الى السوق ولا يجد شيئا؟
ثالثا: ان السمك يعتبر مصدرا غذائيا أساسيا ولا يمكن ان تسمح الدولة بهذا يحدث أبدا.
رابعا: لو اتفقنا نحن معشر أصحاب القراقير جميعا على وقف الصيد بالقراقير وعملنا كما يقول البعض بالاضراب فلن تسمح الدولة بذلك ابدا، إذن المسألة واضحة جدا، انقطاع القراقير يعني ما في زفرة بالبيوت، والعاقل هو الذي يتفهم كل الآراء التي طرحناها واذا لم يعجبكم رأينا اعطونا بديلا.
حل يرضي الطرفين
يرى البعض حلا يرضي أصحاب القراقير وهواة الصيد «الحداقة» ويكون هذا الحل في وضع قانون جديد يتم بموجبه منع القراقير لفترة معينة أشبه بالحظر، ويتم تقسيم هذا الحظر أو المنع على السنة بمرتين كحد أقصى وطبعا خلال فترة المنع تقوم الدولة اما باستيراد الأسماك من الدول المجاورة لتأمين النقص أو الاعتماد على طرف آخر يحل محل القراقير ويتم تعويض اصحاب القراقير عن فترة المنع بمبلغ معين لكي يغطون تكاليف أجور العمال ومصاريفهم الشهرية، وبهذا الحل يكون لأصحاب القراقير مردود مادي عند مزاولتهم للصيد بالقراقير أثناء فترة السماح لها وايضا مردود عن المنع ويا دار ما دخلك شر.
ختامية
«بحري» تتقدم بالشكر لكل من قابلتهم وطرحوا رأيهم سواء كانت الآراء ايجابية أو سلبية، كما نتمنى ان يكون لتقريرها هذا بصمة وصدى يصل الى من يهمه الأمر ونجد حلولا ترضي جميع الأطراف ويكون بحرنا مسؤولية الجميع ومن حق الجميع.